الطلاب الألمان توحدهم الموسيقى

5 صور

أن تجعل الأطفال أو الشباب مشغولين بالموسيقى، ذواقين لها، فهذا أمر ليس بالسهل، وخاصة في هذا الزمن الذي طغت فيه الأغاني الصاخبة والمعاني الغريبة، واختلفت ذائقة الجيل الجديد، ولكي تقوم بتجربة من هذا النوع يحتاج المختص إلى طرق مدروسة تراعي اختلاف الأمزجة والذائقة الموسيقية، ولعل تجربة تعلم الطلاب سماع دفوراك، الموسيقي التشيكي، الذي عاش وقتاً من الزمن في أميركا، تأتي تحت بند المحاولة التي حققت نجاحاً مبهراً.


تقوم فكرة المشروع، على جعل التلاميذ من الأطفال والشباب الألمان يستمعون إلى موسيقى دفوراك ويفهمونها، وهذا التحدي قبله أطفال وشباب ألمانيا، من هامبورغ وحتى باين، ومن برلين حتى كولن، حتى أنه شارك في المشروع عدد من الطلاب الألمان من أمريكا وروسيا وإنكلترا، وكانت السيمفونية التاسعة لدفوراك، ركيزة المشروع، وهي تتحدث عن اكتشاف أميركا تحت عنوان: من العالم الجديد.

مقاطع فيديو
ينقسم المشروع إلى عدد كبير من الأعمال والنشاطات، ففريق من الطلاب شكل فرقاً موسيقية وعزف جزءاً من الموسيقى، أما القسم الآخر فقام بصناعة مقطع يوتيوب موسيقي يحاكي موسيقى دفوراك، ربط بين الموسيقى والطبيعة من خلال رصد تفاصيل حياة الطلاب في المدرسة، من استيقاظ مبكر، وخروج مسرع، لحظات تتسرع الموسيقى تسرع حركة الطالبة التي تمثل مقطع اليوتيوب، ولحظة تبطئ الموسيقى تنقلنا الكاميرا للطالب الهاوي للطبيعة، أو مراقبة طيور صغيرة، في محاولة لجعل إيقاع الموسيقى جزءاً من إيقاع حياة الطالب.

لم يكن هذا اليوتيوب الوحيد؛ فقد سجل الشباب العديد من الفيديوهات، وقاموا بنشرها على الصفحة الخاصة بالمشروع، تربط بين موسيقى دفوراك وحياتهم، في هدف واضح لإمكانية تذوق موسيقاه في حياتنا اليومية؛ محاولة لفهم فلسفته الموسيقية الخاصة.

في الإذاعة
اثنان من الأطفال كان مشروعهما الخاص هو التعريف عن دفوراك عبر الإذاعة، ولم يكن الأمر بالسهل حسب ما قدمت المذيعة عنهما، فقد كان عليهما تعلم كيفية الكلام أمام الميكرفون، وتقسيم النص المكتوب، وتعلم ما يلزم من تقنيات إذاعية، والكلام بصوت قوي وواضح. لإنجاز هذا يجب أن يمتلك الطفلان الجرأة والقدرة.

شعر وموسيقى
كما عمل الكثير من الطلاب على تحضير نوتات موسيقية، رسم على وجهها الخلفي تمثال الحرية في أميركا، مجموعة أخرى عملت على كتابة شعر خاص من وحي سفر دفوراك نحو أميركا، والأطفال الأقل سناً تعلموا الرقص على موسيقاه، وكان الهدف الانشغال المطلق بموسيقاه.

لماذا دفوراك؟
تشكل سيمفونية دفوراك التاسعة، قفزة جديدة في عالم الموسيقى، لما لها من دلالات ومعان، تعبر بشكل واضح عن الاكتشاف لهذه القارة (أميركا)، حيث تعمل الموسيقى على التعبير عن هذا الكشف، وحتى رحلة دفوراك من التشيك إلى أميركا، هي قفزة من نوع خاص في حياة الموسيقي، حيث كان السفر في تلك الأيام يحمل معنى المخاطرة والكثير من المشقة، فاكتشاف أميركا كقارة جديدة يوازي اكتشاف دفوراك الأوروبي لها.

وحيث كان من المخطط أن يتصادف وصول دفوراك إلى نيويورك مع الاحتفالات التي تخلد ذكرى المئوية الرابعة على اكتشاف أميركا، وبما أن قصيدة رودمان دريك التي تحمل اسم «الراية الأميركية» لم تصل إليه في الموعد، كتب من نفسه التسبيحة ولحنها.

مآثر أخرى
كما قام خلال حياته في أميركا بكتابة أوبرا أميركية عن «هياواثا» القائد الأمريكي من السكان الأصليين، وعمل على تدريس التأليف الموسيقي والتوزيع الأوركسترالي لمعظم الطلاب الموهوبين 3 مرات في الأسبوع، وأثناء الشتاء الأول قاد «التسبيحة» والافتتاحية الثالثة والسيمفونية السادسة والافتتاحية الهوسية في نيويورك، والقداس في بوسطن، وفي عام 1893 كتب السيمفونية رقم 9 في مقام (مي) الصغير.
ومن شدة اهتمام دفوراك بموسيقى الأميركان ذوي الأصول الأفريقية، استغل الفرصة لدعوة مطرب أسود موهوب؛ ليغني أغاني السود الدينية له، كان يدعى هاري تي بيرلي، وهو طالب في الكونسرفتوار القومي.

شخص دفوراك
مُلحِّن تشيكي، يعد هو وبيدريش سميتانا من مؤسسي مدرسة الموسيقى القومية التشيكية، ألف دفوراك مجموعة متنوعة من الأشكال الموسيقية شملت: الأغاني وموسيقى الحجرة، وهي أعمال موسيقية صغيرة تعزفها مجموعات قليلة العدد من الموسيقيين، وأعمال الكورال والأوبرا والسيمفونيات والرقصات، واكتسب شهرته من خلال سيمفونيته، العالم الجديد، وتُعَدُّ هذه السيمفونية خير تعبير عن أسلوب موسيقى الرومانسية الجديدة، الذي شاع في نهايات القرن التاسع عشر، وشكلت موسيقى التشيك الشعبية.