سيرة حياة صباح منذ ولادتها حتى وفاتها

في حياة الصبوحة الكثير من المحطات التي لا يمكن اختصارها لأن في كل محطة كانت تسطر نجاحات يخلدها التاريخ، وهذه نبذة عن حياتها من صفحتها الخاصة على الفايسبوك:
ولدت جانيت جرجي فغالي المعروفة باسم صباح في العاشر من تشرين الثاني-نوفمبر عام 1927 في بلدة بدادون قرب منطقة وادي شحرور القريبة من بيروت، وهي المولودة الثالثة في أسرة جرجي فغالي بعد جولييت ولمياء. يحكى أن الأم لم تستطع أن تقاوم دموعها عندما علمت أنها ولدت بنتاً، لأن الأسرة كانت تريد صبياً، وقيل إنها امتنعت طوال يومين عن إرضاع المولودة الجديدة، و لولا حكمة عم الطفلة الشاعر الزجلي أسعد فغالي «شحرور الوادي» لما اقتنعت الأم بوجوب إرضاعها. ما لبثت أن حلّت مشكلة الأسرة بولادة شقيق صباح أنطون.
رحيل شقيقتها أول صدمة في حياتها
والدتها كانت خفيفة الظل، مرحة، تعشق الفن، والوالد يهتم بزراعة قطعة الأرض التي يملكها في البلدة، وبسيارته الفورد العمومية التي يقودها السائق طنوس. غير أن هذا الهدوء هزه مقتل جولييت، الشقيقة الكبرى لصباح غداة إصابتها بعيار ناري وهي في العاشرة من عمرها، في إشكال وقع في بدادون، وكان سبباً لمغادرة صباح البلدة الى بيروت والإلتحاق بالمدرسة الرسمية أولا ثم بمدرسة اليسوعية، وكانت تمثل وتغني في الحفلات المدرسية وهي لم تبلغ الثانية عشرة.
ما زالت صباح تذكر عندما قصدت مع عائلتها منطقة جل الديب في ضاحية بيروت الشرقية لزيارة إحدى العائلات، قال لهم صاحب البيت: «بالقرب من منزلنا كنيسة، كل من يدخلها للمرة الأولى ويطلب أمنية معينة تتحقق». انتهزت صباح فرصة انشغال الجميع بتناول الطعام، فتسللت إلى الكنيسة بهدوء وحذر شديدين من دون أن يشعر بها أحد، وبكت وهي تصلي داعية الله أن يحقق أمنيتها الوحيدة: أن تصبح مطربة ناجحة ومعروفة.
تصف صباح تلك الحقبة قائلة: كل شيء تغير من حولي، شكل انتقالنا من القرية الى العاصمة بيروت تحوّلاً جذرياً بالنسبة إلي، فالمدارس مختلطة وكان أولاد الحي وتلامذة الصف الصبيان يلاحقونني ويعترضون طريقي أحياناً... ويتسابق الجميع لمرافقتي. كنت لا اهدأ وتتملكني حيوية دائمة، أغني أينما كنت... في المدرسة، على الطريق، في فراشي، وعندما يجبرني أهلي على الصمت أغني تحت اللحاف.
سنة أولى فن
حدث أن قررت المدرسة تقديم مسرحية «الأميرة هند»، ورشحت الراهبة المسؤولة صباح لأداء دور البطولة فيها، وكانت في الرابعة عشرة من عمرها، فراحت الراهبة تخفق لها يومياً خمس بيضات وتقول لها: «إشربي، سيفيد البيض صوتك ويجعله قوياً». صدقتها صباح وواظبت على شرب صفار البيض المخفوق، وما ضاعف من ثقتها بنفسها أن الأشخاص الذين حضروا تمارين المسرحية وشاهدوها وهي تستعدّ لأداء دور «الأميرة هند»، شجعوها، من بينهم الممثل الراحل عيسى النحاس، الذي اعتزل التمثيل بسبب تقدمه في السن وعمل بعد ذلك في تأجير الملابس للمسرحيات، أعجب بهذه الممثلة الناشئة فأحضر لها الملابس لدور الأميرة هند.
لم يتقبل والد صباح فكرة أن تقف إبنته على المسرح وتغني، إلا أنه ما لبث أن رضخ على مضض لأن المسرحية كانت تحت إشراف الراهبات، ووافقه الرأي جدها الخوري لويس وخال أمها المطران عقل وبقية أفراد العائلة .
صودف أن حضر المسرحية قيصر يونس، صهر الممثلة و المنتجة اللبنانية الأصل آسيا داغر الذائعة الصيت في مصر آنذاك، فاقترب من والدها قائلاً له: «حرام ألا تدخل ابنتك السينما».
إلى مصر
وصلت الصبية الى مصر برفقة والدها، وفي مقهى في شارع فؤاد الأول، ولد اسمها الفني «صباح»، أطلقه عليها الشاعر صالح جودت، لأن وجهها كان مشرقاً كنور الصباح، وتردد أن آسيا نشرت صورة لجانيت في مجلة «الصباح المصرية» طالبة إلى القراء اختيار إسم فني للوجه السينمائي الجديد، فكان إجماع على صباح.
أحضرت أسيا داغر كبار الملحنين للاستماع الى جانيت وإبداء رأيهم بصوتها، فكان إجماع على أن صوتها غير مكتمل المعالم، إلا أن المخرج هنري بركات وجدها صالحة للتمثيل السينمائي نظراً إلى خفة ظلها. عام 1943 ظهرت صباح في «القلب له واحد» أول فيلم لها مع أنور وجدي من إخراج بركات وغنت فيه أغنيات من ألحان رياض السنباطي وزكريا أحمد، وكان الإتفاق بأن تتقاضى 150 جنيهاً مصرياً عن الفيلم الأول، ويرتفع السعر تدريجاً.
بداية غير مشجعة
لم تبشر بداية صباح في فيلم «القلب له واحد» بنجاح كبير مستمر، كان صوتها غير ناضج وقدرتها على غناء الألحان المصرية محدودة وتكاد تكون عاجزة. لم تكن ملامحها التي ظهرت في الفيلم ملامح ممثلة جميلة أو مثيرة، كانت أشبه بملامح فتاة قروية، لا تستطيع الصمود في مدينة القاهرة. بعد فيلم «القلب له واحد» اتجهت صباح الى الأغاني الخفيفة التي تلحن بسرعة وتؤدى بسرعة ويسمعها الناس بسرعة وينسونها بسرعة، وسماها بعض النقاد في ذلك العهد «مطربة السندويش»، نجحت في هذا اللون واتخذته شعارها الفني .
مطربة السندويش
عقب الحرب العالمية الثانية تغيّرت أفكار الناس وميولهم، وبدأت مطربة «السندويش» تجنح إلى الأفول بعد النجاح والإشراق، وكادت في مرحلة أخرى أن تدخل طي النسيان لولا أنها تداركت نفسها، فغيرت لون غنائها وأطلت بالأغاني التي لحّنها لها كمال الطويل. هكذا انقلبت صباح بأغانيها من مطربة مرحة إلى مطربة حزينة، وكشفت قدرات صوتها، وبدأت منذ ذلك الحين تتحول إلى مطربة بعدما كانت أقرب الى المنولوجيست. ساعدها هذا النضوج المزدوج جسدياً وصوتياً على تقدمها كمطربة وممثلة، وأتاح لها مشاركة ناجحة في الغناء المصري، كذلك كان لها دور كبير في إدخال الأغنية اللبنانية الى القاهرة، واستطاعت عبر الأغاني الخفيفة أن تقرّب اللهجة اللبنانية الى القلوب بعد تعاونها مع رياض السنباطي وفريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب ومحمد الموجي وبليغ حمدي.
كان صوتها يتجلى على حقيقته في الأغاني اللبنانية والمواويل الجبلية ذات الإمتدادات الصوتية حيث ينتقل صاعداً من طرفه الثقيل الى طرفه الحاد وبالعكس، ممتداً على أربعة عشر مقاماً سليماً يندر أن تتمتع بها مطربة لبنانية في هذه الأيام .
الوالد القاسي ورحيل الوالدة
ما لبثت صباح أن صارت فتاة أحلام الشباب، وارتفعت أسهمها في مصر ولبنان وتوالت بطولاتها السينمائية لتبلغ حوالى 85 فيلماً مع كبار الممثلين، من بينهم رشدي اباظة، أحمد مظهر، محمد فوزي وفريد الاطرش، ومن بين الأفلام التي شاركا في بطولتها سوياً: بلبل افندي و ازاي انساك.
عندما سافرت صباح الى القاهرة لأداء دور البطولة في فيلم «القلب له واحد»، رافقها والدها جرجي وكان شديد السيطرة عليها، يتصرف بأموالها ويوقّع العقود السينمائية عنها. وصفته صباح في إحدى اللقاءات التلفزيونية بـالقاسي، وأضافت أنه سبّب لها عقدة نفسية دفعتها إلى الزواج أكثر من مرة لتثبت لنفسها أنها امرأة مرغوبة، بعدما دأب والدها على تذكيرها بأنها ساذجة. تروي صباح أنها لم تعرف لغاية اليوم أين دفنت والدتها، إذ كانت في القاهرة عندما وقعت جريمة مروعة وذهبت الأم ضحيتها، فعادت صباح ووالدها الى بيروت عن طريق البحر، وكل ما عرفته آنذاك أنها قتلت في برمانا. القصة أن شقيق صباح شاهد والدته مع عشيقها فقتلها وهرب الى إحدى دول أميركا اللاتينية.
الزواج الأول
ما إن بلغت صباح السن القانونية (أي الثامنة عشرة)، حتى تزوجت من نجيب الشماس، الذي لم يكن أقلّ من الأب في فرض القيود عليها وحرمانها من مكاسبها، مع أنها رزقت منه بإبنها الوحيد صباح، إلا أنها لم تستطع الإستمرار في العيش معه. كان نجيب شماس في عمر والدها، قبلت به ولم تختره، عندما اختار طرابلس لإقامته لم تستطع العيش بعيداً عن العاصمة وعن القاهرة، فطلبت الطلاق لأنه منعها من السفر الى القاهرة لتصوير فيلمها «سيبوني أحب». تذكر صباح أنها ارتبطت بعلاقة صداقة مع آل فرنجية خصوصاً لميا إبنة الرئيس سليمان فرنجيه، فلجأت إليها عندما رفض نجيب شماس السماح لها برؤية إبنها (صباح) بعد انفصالهما، وساعدها الرئيس فرنجية على لقاء إبنها وكانت تقضي معه ساعات
بعد طلاقها من نجيب شماس، وافقت صباح على الغناء في ملهى طانيوس في مدينة عاليه، وكانت تسعى إلى أن تكون إطلالتها بمثابة مفاجأة للناس والمهتمين بالشؤون الفنية.
رفضت اعتزال الفن فتركها الأمير
في تلك الفترة سرى خبر قصة حب ربطت بينها وبين أحد الأمراء العرب، دامت العلاقة أسابيع، تمّ بعدها الإنفصال بسبب رفض صباح اعتزال الفن، ورفض أسرة الامير زواجه من فنانة.
اعتادت صباح أن تغني، واعتاد أن يرافقها عازف الكمان أنور منسي مع الفرقة، ومن خلال اللقاءات المتتالية، كان أنور يبادل صباح الإعجاب الذي تحوّل في ما بعد الى حب وزواج ورزقت منه ابنتها هويدا، اختارت اسمها نسبة إلى أغنيتها اللبنانية «يا هويدا هويدلك». غير أن هذا الزواج انتهى بالطلاق أيضاً لأسباب، من بينها أن أنور كان يحبّ المقامرة والسهر ويهمل البيت، ويضرب صباح عندما ترفض أن تعطيه المال اللازم للمقامرة.
زيجات بالجملة
بعد طلاقها من أنور منسي، وفي أثناء وجودها في لبنان، سرت إشاعة تفيد أن صباح ستعود الى زوجها الأول، لكن ما أن عادت الى القاهرة حتى تبددت الإشاعة، لتنتشر أخرى تقول إن قصة الحبّ التي جمعت بين صباح و المذيع المصري أحمد فراج توجت بالزواج. سارع الإثنان إلى نفي الخبر لكن القصة كانت حقيقة، وتزوج الحبيبان.
سرعان ما ظهر الإختلاف بين عقليتيهما، فهي فنانة وهو متديّن. طالبها بعدم أداء أدوار ساخنة في السينما، إرتداء الملابس المحتشمة، إلغاء رقة الصوت في أغنياتها، الإبتعاد عن الغنج والدلال في تصرفاتها، عدم تقديم المشروبات الروحية لضيوفها. وكان يتنصت على مكالماتها الهاتفية ويشكّ في كل تصرفاتها. أدركت صباح أن هذا الزواج لن يدوم، فرفضت فكرة الإنجاب. بعد سنوات ثلاث تمّ الطلاق بين صباح وأحمد في ربيع 1963.
عادت صباح الى لبنان، لتستقر فيه، ووقفت على أدراج هياكل بعلبك ضمن مهرجانات بعلبك الدولية وقدمت مسرحيتي موسم العز (1960) ثم دواليب الهوا (1965)للأخوين رحباني، كذلك قدمت مع الفنان روميو لحود مسرحيتي الشلال و القلعة على أدراج هياكل بعلبك و مسرحيات اخرى مع لحود في المناطق اللبنانية وشاركت في بعض الأفلام السينمائية.
وفي مطلع مايو 1967، استيقظت بيروت على خبر زواج صباح ورشدي أباظة من دون مقدمات.
عقد الزواج في المحكمة الشرعية في صيدا في الثاني من مايو 1967، وبعد يومين سافرت صباح إلى المغرب لارتباطها بعقد مسبق لإحياء سلسلة حفلات غنائية. بعد فترة ، عادت الى بيروت وطلبت الطلاق من رشدي الذي كان غادر بيروت الى القاهرة. تردد كلام كثير حول هذا الزواج ومنه أنّ نجلها صباح كان أول المعترضين وأن مصالحها كفنانة أصيبت بأضرار، و أنها عاشت قصة حب مغ احد امراء المغرب ، و انها اكتشفت أن سامية جمال ما زالت على ذمة رشدي وعندما واجهته بهذا الخبر لم يستطع الإنكار وتمّ الإنفصال.
لم تتوقف الإشاعات عند هذا الحد، بل تردّد أن صباح تزوجت رشدي بالإكراه، لأنه كان يلفّ ويدور حول ابنتها هويدا، فلم تجد وسيلة لردعه سوى الزواج منه.
رحل رشدي أباظة وهو يردد اسمها
في برنامج «سيرة الحب» مع الكاتبة الكويتية فوزية الدريع، أكدت أنها أحبّت رشدي أباظة كثيراً لكن لأسباب تتعلق بشراهته في الشرب، لم تتحمله، أما في حالاته الطبيعية فكان يعاملها أحسن معاملة و ظل يرسل إليها الورد الأحمر بعد طلاقهما ، وأنتج بها فيلماً بعنوان "كانت ايام" شاركها بطولته .حتى انّ آخر كلمة نطق بها رشدي أباظة قبل وفاته في المستشفى كانت صباح على ما كان يروي صديفه الممثل الراحل ابراهيم خان الذي شهد تلك الواقعة .
في صيف 1970 تزوجت صباح النائب جو(يوسف) حمود، وكان مختلفاً عن الرجال الذين عرفتهم في حياتها. رضيت صباح بالقيود التي فرضها عليها جو أولاً لأنها أحبته، وثانياً لأنها كانت تشعر بأنه يحبها بإخلاص ولم يقف حائلاّ بينها وبين نشاطها الفني. كانت أول إطلالة إجتماعية لهما في حفلة أقيمت في فندق «شبرد» في بحمدون، وكانت المناسبة تقليدها وسام الإستحقاق اللبناني برتبة فارس. ضمّت الحفلة الى جانب وزير التربية جوزف أبو خاطر، الرئيس كميل شمعون، الموسيقار محمد عبد الوهاب، المخرج هنري بركات و غيرهم .
علاقتها بالرئيس شمعون
الرئيس شمعون الذي أغوى نساء كثيرات بوسامته وعينيه المشعتين. جذب إليه جميلة الغناء الشابة آنذاك، تقول: «لكنني سيدة أعرف حدودي جيداً وشخصيتي قوية والرئيس شمعون محترم واكتفى بعلاقة ضمن إطار الصداقة». تستطرد: «أعبده عبادة، إنه رجل بكلّ ما للكلمة من معنى، لطالما ساندني ووقف الى جانبي عندما كنت أحتاجه، يرفض حتى أن أقصده الى القصر بل كان يزورني في بيتي ويطلّع على ما أريد. توطّدت صداقتنا إلى درجة توسّطت فيها مرّة لديه لإطلاق سجين حكم عليه ظلماً. أما هو فكان يحضر مسرحياتي وحفلاتي كلّها ويحرص على انتظاري لتهنئتي. أذكر مرة في إحدى المسرحيات أنني اقتربت منه لتحيته فلم ينظر إلي بسبب الزحمة حوله. زعلت وحردت وجلست في الكواليس لساعتين رافضة الخروج لمصافحة أحد. وبعد ساعتين من انتهاء المسرحية أفاجأ بشخص ينبّهني الى أن الرئيس شمعون ما زال ينتظر في الصالة لكي أخرج وأصافحه وأتلقى تهانيه... نعم انتظرني الرئيس شمعون لساعتين فيما أنا زعلانة منه... لأنّه لم ينتبه لتحيتي.
أبت «الصبوحة» إلا أن يعلّق لها الرئيس شمعون وسام الأرز الوطني، (كان ترك الرئاسة) في عهد الرئيس شارل حلو الذي رفضت السلام عليه بعد حضوره افتتاح مسرحيتها ضمن مهرجانات بعلبك ، و السبب انها طلبت منه موعدا لطرح موضوع معه فلم تحصل على موعد مع رئيس الجمهورية... لكنّه منحها وساماً بوساطة زوجها آنذاك النائب جو حمّود كما تخبر. وما إن انتهت الإنتخابات النيابية سنة 1972، حتى انفصلا بصورة نهائية؟
عاشت صباح أياما صعبة بعد طلاقها من النائب جو حمود، بسبب عدم توافر أي عمل مسرحي، ولم يكن ممكناً لها أن تعدّ مسرحية جديدة بعد الإنتهاء من عرض مسرحيتها الجنون فنون.
خيبة أمل جديدة
في تلك الفترة، طلبت منها صديقتها إيفيت سرسق أن تشارك «فرقة السيغال» بغنائها خصوصاً أن الفرقة تقدّم الحفلات في كل المناطق اللبنانية. وافقت صباح لأنها وجدت نفسها أمام عمل فني متجرّد يسليها ولا يرهقها، هكذا انطلقت في هذه التجربة وتعرفت خلالها الى وسيم طبارة أحد نجوم الفرقة البارزين. لم يضيّع وسيم الوقت، فأعلن حبه، وعلى الرغم من الأسباب والأعذار التي قدمتها لتصرف عنها إهتمام وسيم وتحول دون المضي قدماً في الحب، الا أن الزواج تمّ في 18 أغسطس 1973. قالت صباح بحسب مجلة {الاسبوع العربي» العدد 1395 : {إنه ليس زواجاً عادياً أستطيع أمامه القبول أو الرفض، بل قصة حب لم استطع أنا ووسيم مقاومتها، وهذا بالطبع شعور نبيل يجعل من زواجناً صرحاً لا تزعزعه الأعاصير».
سنوات على زواجهما، وبدا أن الحب بينهما هدأ بعض الشيء، فجأة ومن دون سابق تصور وتصميم، أعلنت صباح إنهاء علاقتها بزوجها وسيم تمهيداً للطلاق، والسبب تقول صباح: «اكتشفت أخيراً أن وسيم بات يهتم بنفسه أكثر مما يهتم بي، وأن الحفلات المسرحية التي أقيمها هنا وهناك لم تعد من اختصاصي إنما من اختصاص وسيم، وأن طموحه الفني لم يعد يكفيه، بل يريد أن ينطلق انطلاقة عالمية في الاخراج». ما إن وصلت صباح إلى بيروت، آتية من لندن، حتى كان الطلاق تمّ بينها وبين وسيم. تردّد أنهما افترقا بعد خيانته لها وأنها تأثرت بهذه العلاقة وحوًلتها إلى فيلم سينمائي مع الممثل المصري حسين فهمي و كان فيلم : ليلة بكى فيها القمر.
الزواج الأخير
أما زواجها من الفنان فادي (قنطار) لبنان الذي كان يصغرها بأكثر من عشرين عاماً فانعكس عليها سلباً، تمّ الزواج في لندن بتاريخ 18 مارس 1987، وبسببه هاجمها الإعلام اللبناني يومذاك متّهماً إياها بالجنون. بعد مرور حوالى العشرين عاماً على زواجها الأخير انفصلت صباح عن فادي لبنان في عيد العشاق في فبراير من العام 2002 واعتبرت أن زواجها منه كان غلطة لن تسامح نفسها عليها.
تعتبر أن سبب زيجاتها الكثيرة احترامها لمكانتها كمطربة معروفة، ولم تكن تسمح لنفسها ولا لمكانتها بإقامة علاقة «محرمة» مع أحد عشاقها، وكانت تشترط الزواج كإطار شرعي لأي علاقة غرامية.
تعترف صباح بأنها لم تكن محبوبة من أي من أزواجها وتقول: «أحببتهم جميعاً، لكنهم اعتبروني «مدام بنك» لم يحبني أحد». كذلك اعترفت بانتهاء معظم زيجاتها بسبب خيانة بعضهم لها، مشيرة إلى أنها ساعدت الكثير منهم على ولوج عالم الأضواء ودعمتهم مادياً.
أهم إنجازاتها الفنية
ساهمت صباح في انتشار الأغنية اللبنانية ويعود إليها الفضل في انتشار الأعمال الفلكلورية اللبنانية إلى جانب فيروز و كوكلة من نجوم ذلك الزمن .لصباح حوالي 3500 أغنية من بينها أغاني المهرجانات والأفلام والمسرحيات، غنت لعمالقة العالم العربي من بينهم محمد عبد الوهاب «عالضيعة» وبليغ حمدي «يانا يانا» التي أعادت غناءها على طريقة الدويتو مع المطربة اللبنانية رلى سعد، وفريد الاطرش «يا دلع دلع» وغيرهم أمثال زكي ناصيف، الأخوين رحباني، جمال سلامة، ملحم بركات، عصام رجي، توفيق الباشا.
قدمت صباح عشرات المهرجانات والمسرحيات ضمن مهرجانات بعلبك وبيت الدين، وجبيل وغيرها، من بينها: «موسم العز»،«دواليب الهوا»، «القلعة»،«الشلال»،«فينيقيا80"، «شهر العسل»، «ست الكل»،الاسطورة ، وآخر مسرحياتها حملت عنوان «كنز الاسطورة» الى جانب زوجها السابق الفنان فادي لبنان والممثل كريم ابو شقرا وورد الخال والأمير الصغير.
تعتبر صباح أول فنانة عربية غنّت على مسرح الأولمبيا في باريس مع فرقة روميو لحود الإستعراضية منتصف الستينيات، كذلك وقفت على مسارح عالمية معروفة من بينها: «كارناغري هول» في نيويورك، «دار الأوبرا» في سيدني (أستراليا)، «قصر الفنون» في بلجيكا، «ألبرت هول» في لندن ومسارح لاس فيغاس وغيرها.
في الشهر الاخير من العام 1999 تعرّضت صباح لوعكة خطرة أوجبت دخولها المستشفى لتعاود دخولها للمرة الثانية في يناير 2000.
عاشت صباح آخر سنوات حياتها في فندق في منطقة الحازمية قرب بيروت، بعدما باعت منزلها. صرّحت أنها قامت بهذه الخطوة لأن بيتها صار كبيراً عليها، فشعرت بالوحدة وقررت تركه. ولم تتوانَ عن عقد مؤتمر صحافي لتنفي فيه الإشاعات التي تناولت خيانة عائلتها لها وسرقة كل ما تملك، و لتعلن أنها باعت منزلها لتستر المحيطين بها خصوصاً ابنتها هويدا.
هكذا صباح في سيرتها أشبه بسيرة وطن.