الطفلة أمل سكاف.. ضحية جديدة للإهمال الطبي

13 صور

مرّة جديدة، تدفع الطفولة في لبنان ثمناً باهظاً نتيجة خطأ أو إهمال طبي، في أحد مستشفيات العاصمة اللبنانية، وكأن الأمر بات يدخل ضمن يومياتنا سواء كنا كباراً أم صغاراً.


أمل علي سكاف (مواليد 7 أغسطس 2009) الفتاة الصغرى والمدلّلة بطبيعة الحال لدى أهلها، الذين يعيشون في بلدة العباسية (جنوب لبنان) دفعت حياتها ثمن خطأ وإهمال طبيين، إن كان في التشخيص أو حتى في نوعية العلاجات التي تلقتها في إحدى المستشفيات، بعدما دخلت إليها على قدميها جرّاء إصابتها بالإسهال، على أن تتم معالجتها خلال يومين وتعود إلى منزلها بكامل صحتها، ولكنّ ما حصل كان مؤلماً جداً ومأساوياً بسبب تردي وضع أمل الصحي، والتقاطها جرثومة من داخل غرفتها، أدى إلى تدهور حالتها بشكل لافت وسريع، دون أن تحرّك طبيبة الأطفال، المسؤولة (ج. ع) عن علاج أمل، أي ساكن.


في تفاصيل القضية، أن الضحية أمل التي لم تكمل أعوامها الست بعد، نقلت من بلدتها الجنوبية إلى مستشفى في بيروت؛ لإصابتها بالإسهال، خاصة وأن ملفها الطبي موجود في المستشفى، فلم يشأ الوالد علي سكاف، أن ينقل ابنته إلى مستشفى آخر،؛ لأنها سبق وأجرت قبل فترة زمنية قصيرة عملية جراحية في الكبد، وقد تكللت بالنجاح، وعادت وتحسنت صحتها بشكل طبيعي، دون أي نكسات تذكر.


التقاط جرثومة
في 10 يناير (كانون الثاني)، دخلت أمل إلى المستشفى للعلاج من الإسهال، وبقيت في قسم الطوارئ من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الساعة الخامسة مساءً، وكان كلام الطبيبة المختصة نفسه وهو إصابتها بالإسهال، شأن كل الأطفال الذين في عمر أمل، وبأن علاجها لن يستغرق أكثر من 24 ساعة، ولذلك ارتأت إدخالها إلى المستشفى لمتابعة العلاج المناسب، ومن المستغرب، كيف بقيت أمل حتى 14 من الشهر نفسه دون أي تحسن يذكر؟ بل على العكس، ساءت حالتها الصحية بشكل ملحوظ، واللافت جراء التقاطها جرثومة «الروتا»، حسبما أكّدت الطبيبة المختصة، وبأن هذه الجرثومة بحاجة إلى 24 ساعة كي تخرج من الجسم، فما كان من الأهل إلا تصديق الطبيبة بطبيعة الحال، فكل ما يعنيهم هو استعادة ابنتهم بأي طريقة ممكنة، ولكن من المؤسف والمؤلم أن حدّة الإسهال كانت تزداد لديها، ما دفع الطبيبة المعالجة إلى استدعاء أطباء آخرين من (مستشفى الجامعة الأميركية) وتغيير نوع المصل، بعدما تداركت جفاف المعادن والمياه في جسمها النحيل، وفي اليوم التالي، توقفت كليتا الطفلة تماماً، واختزن جسمها أكثر من 6 كيلوغرامات من المياه، وعندها فقد الأهل صبرهم طالبوا بضرورة نقل أمل إلى مستشفى آخر؛ بسبب حاجتها الماسة والملحّة إلى غسيل الكلى.


مع والد أمل
وفي حديث لوالد أمل علي سكاف، أجرته معه «سيدتي» تابع وقائع القضية قائلاً:«عندما أخبرتنا الطبيبة المختصة (ج. ع)، بأنه يتوجب علينا نقل أمل إلى مستشفى آخر فوراً؛ لأن هذا المستشفى غير مجهّز لغسيل الكلى، وبأنه سيتم نقلها إلى آخر حكومي، وبالطبع كان ردّي عليها الرفض المطلق؛ لأنني كنت اخترت مستشفى آخر ذا سمعة محترمة عدّة وعديداً، وأًصررت على نقلها إليه، وبينما كنت أجهّز أوراق النقل، كانت تتصل بي كل دقيقة وتطلب مني مغادرة المستشفى بأسرع وقت ممكن، وكأنها على دراية تامة واقتناع بأن ابنتي سوف تفارق الحياة بين يوم وآخر، بل أنا متأكد من كلامي هذا، خاصة وأن الفحوصات الطبية التي أجرتها لها كانت تتأخر نتائجها كثيراً، بالإضافة إلى الأدوية والعلاجات التي أعطتها إياها ساهمت في تدهور حالتها وأوصلتها إلى الموت».


وأضاف الوالد المفجوع قائلاً: «استقبل المستشفى الآخر أمل، رغم حالتها الحرجة والدقيقة، وعلى الفور طلب الطبيب المختص (ش. م )، أخذ الإجراءات اللازمة للبدء بغسيل الكلى، وطوال هذا الوقت كانت أمل تشكو لي ولوالدتها من آلام كثيرة، وأوجاع في بطنها.
وحول تشخيص الدكتور (ش. م)، فقد أكد لنا، أن أمل تعاني فشلاً كلوياً كاملاً أدخلها في غيبوبة، إلى أن فارقت الحياة بعد أسبوع من وجودها في المستشفى الثاني».


وأضاف الوالد:«من المخزي، عدم السماح بإدخال أمل إلى قسم الطوارئ في المستشفى الأول، قبل أن أدفع مبلغاً وقدره 3 آلاف دولار، وعندما طلب مني نقلها إلى مستشفى آخر، تمّ تخفيض الفاتورة من 10 آلاف دولار إلى 750 دولاراً فقط، ومن المخزي أيضاً، أن تسمع زوجتي الحديث الذي دار بين الطبيبة المختصة (ج. ع) والطبيب الذي استعانت به، عندما قال لها إن الطفلة التقطت جرثومة من الغرفة الموجودة فيها، وأن حالتها صعبة وقلبها توقف بنسبة 80% عن العمل، وبأن الكبد و«البنكرياس» لا يقومان بوظيفتيهما بشكل طبيعي».


وختم الوالد حديثه قائلاً: «توفيت ابنتي، التي كانت تضجّ بالحياة والنشاط، والفرح والسعادة، وخسرتها عائلتها، وحالياً الملف الطبي والتقارير الطبية الموجودة بين أيدي القضاء، وفي وزارة الصحة، ستسهم في ظهور الحقيقة».

وزارة الصحة: وضع اليد على القضية وفتح تحقيق في الحادثة
وفي اتصال لـ«سيدتي» مع مستشار وزير الصحة الدكتور بهيج عربيد، أكد خلاله أن «الوزارة تتابع القضية وقد وضعت يدها عليها، وهناك سلسلة من التحقيقات يجب أن تتم؛ لمعرفة السبب والمسبب في وفاة الطفلة، وقد اتصل الوزير وائل أبو فاعور شخصياً بوالد الضحية، وعبّر له عن أسفه تجاه ما حصل، مؤكداً له بأنه سيقاضي من كان السبب مهما كان، من خلال تشكيل لجنة طبية للكشف عن الإساءة والإهمال الطبيين، اللذين لحقا بالضحية الصغيرة.

أما إدارة المستشفى المعنية فقد رفضت الإدلاء بأي حديث، معتبرة أن أهل الضحية يحق لهم وحدهم فقط بالاطلاع على التقارير الطبية التي تتعلّق بابنتهم.
أما نحن، فبالطبع لن نهمل متابعة التحقيقات؛ للكشف عن ملابسات وفاة الطفلة أمل، وسنكشف خلال الأيام المقبلة النتائج الصادرة عن التحقيق.