عمرو دياب يخترق الحصار بالصوت والصورة ...

 

برغم رمادية المشهد، يظهر عمرو دياب كعادته، أنيقاً مصمّماً على الوقوف في الصف الأول، نائياً بنفسه عن كل ما يدور حوله من ضوضاء الثورات ومطالب الشعب والقرارات العسكرية، وسرية أو علنية النقاشات الدائرة في الغرف المبرّدة وفي الساحات والميادين المصرية. ينادي على جمهوره الذي يدعم ألبومه الجديد بشتى الوسائل المتاحة عبر الإنترنت والتسويق عبر الأجهزة النقّالة والإذاعات وغيرها من وسائل النشر...
من يتابع عمرو دياب يجد أن تميّز هذا الفنان يكمن في سر "الخلطة" التي يعتمدها في إنتاجه الموسيقي الممتد من نهاية الثمانينيات إلى يومنا هذا، فهو صاحب الـ "تي شرت" والقميص المفتوح على المسرح، وهو أول من (تنطنط) أمام الجمهور كاسراً كلاسيكيات الأغنية العربية التي كانت محنّطة في مكان، ومكبّلة للمطرب بزيّ الخمسينيات والستينيات- البدلة السموكينج والبابيون والزنار الأحمر أو الأسود - الذي كان يتماهى أحياناً كثيرة مع عاملي المطاعم (الغارسون)، لتأتي حركة دياب الشاب كثورة على السائد، جرت معها الكثير من أبناء جيله إلى هذا النوع من المسرح الذي يحتاج إلى حركة نشيطة وإيقاع مختلف سريع وراقص بالدرجة الأولى.

يختلف النقاد في تقييم صوت عمرو دياب، لكنهم متفقون على خصوصيته، فهو لا يمتّ بصلة إلى المطرب التقليدي المنتشر في الدول العربية، والذي ما زال يجد له مساحة ضمن المشهد الفني في مصر، ومثالهم: علي الحجار ومحمد الحلو ومدحت صالح وآخرون ...
في إنتاجه الجديد يُسَخّّر عمرو دياب كل التقنيات الحديثة المتاحة وقدراته المادية للوصول إلى أفضل صيغة للمنتج، ليطلّ على جمهوره بصورة ما، يرغب هو دائماً أن تكون في أفضل حال، عضلات و"تي شرتات" مميّزة ولون بشرة برونزي يتماهى مع نجوم الأغنية الغربية، مثل: ريكي مارتن وإنريكي أغليسياس.
في الأغنية الأولى التي اختارها لتكون عنوان ألبومه، تظهر الموسيقى الغربية الإلكترونية بما يتشابه مع الكثير من المنتشر بين شباب اليوم في أماكن رقصهم أو في أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، ليطعّمها بجملة لآلة العود تندمج مع موسيقى التكنو كمقدّمة لظهور صوت عمرو عبر الكورال، ثم منفرداً بتخفيض جميع الآلات ليبدو صوت عمرو بالطريقة التي عوّد جمهوره عليها. الخلاصة التي يحصل عليها مستمع هذه الأغنية هو تكريس لعنوان الألبوم من خلال ترداد لازمة الأغنية "بناديك تعالى" والتي هي من ألحان عمرو دياب.
في الأغنية الثانية، "هللاه هللاه"، يحنّ عمرو إلى ألبوم "حبيبي يا نور العين". ويبدو ذلك من خلال صوت الأكورديون المرافق للغناء والصولو الذي ينفرد به، ولعلّه النجاح الكبير الذي حقّقه من خلال تلك الأغنية هو ما دفعه لاستخدام طريقة التوزيع الموسيقي ذاته في الماضي المندرج تحت (الفلامنكو) .
"مقدرش أنا علي عيني شايفاه" عنوان الأغنية الثالثة التي عاد فيها عمرو إلى أيام نجاحاته مع حميد الشاعري من خلال إيقاع المقسوم والمتوفر في أغانيه السابقة. عادةً ما تكون هذه النوعية من الأغاني مجرد زيادة عدد غير مؤذية، لكنها مرغوبة كونها وصفة مجرّبة وناجحة.
"ألومك ليه" تتميّز الأغنية بصوت الغيتار البارز والرومانس المتّكئ على الإيقاع اللاتينو لتنقلنا إلى أجواء (سانتانا)عازف الغيتار الشهير، خاصة في اعتماده نفس أسلوب (الصولو) وأصوات الكورال الذي يردّد اللازمة ( ياخسارة محدش نفّذ وعد).
"معاك برتاح" عودة للكهرباء والأصوات الإلكترونية على طريقة التكنو، والتي تبدو الأفضل من ناحية التسجيل ضمن الأغاني العربية الحديثة التي تحاول اللحاق بالموضة. وذلك يعتمد على دياب الذي يسجّل أعماله في مصر ثم يحملها إلى أوروبا، وإلى لندن بالتحديد حيث تتمّ عملية المكساج التي تمنح الأغنية دقة وجودة عالية لا تتوفر في استديوهات العالم العربي.
"يا ريت سنك يزيد سنتين..عشانك كده زغير"، برغم الإيقاع الغربي المرافق للغناء، تبقى هذه الأغنية بإطارها المصري البلدي بفضل صوت الأكورديون الشرقي، وإن بدا مختصراً، هذا عدا السياق الشعري الذي يطرح علاقات حساسة بين فئات عمرية مختلفة يعتبرها البعض في مجتمعاتنا غير مقبولة.
"حبيبي مالي عنييا"أجواء تذكر بفرقة "الفور أم" من حيث الإيقاع ومصرية الأجواء الموسيقية. بعض الجمل الموسيقية بدت يونانية، لعلّها للتداخلات التي تميّز مدينة الإسكندرية التي كانت مكاناً طبيعياً لانصهار الحضارات التي مرّت على مصر وشطآنها. أصوات الوتريات في هذه الأغنية توحي بأجواء احتفالية يزيدها بهجة صوت آلة البوزكي بنقراتها المميّزة، وكون الإسكندرية المدينة التي تحتضن الكثير من الحفلات الصيفية خاصة لعمرو دياب .
أغنية "هي حياتي" تدخل ضمن التوليفات الموسيقية المرتكزة على الفلامنكو، ما يشير إلى محاولة دياب استثمار نجاحاته السابقة في الألوان التي قدّمها ولاقت نجاحات، وإن جاءت هذه الأغنية ضمن الأغاني التي تصنّف في قائمة (تكملة العدد)...فلا هي راقصة ولا هي رومانسية وليس لها وقع يجعلها مميّزة، إنما كلمات ترافقها موسيقى.
"يوم ما قابلتك" استراحة الشريط بإيقاعها البطيء وبانسيابية كلماتها وباقترابها من الموسيقى الشرقية.
 اعتماد دياب على هذه الأغاني الخالية من مقامات ربع الصوت (الذي يجعل الأغنية شرقية كاملة) أضعف الألبوم، برغم أن اللحن الشرقي ساهم في نجاحاته في الماضي خاصة في أغنيته الشهيرة " حبيبي ولا على باله". لتأتي محاولته في الأغنية الأخيرة "تجربة وعدت وتعدت" مجرد خطاب عاطفي، معتمداً على كلام الشارع البسيط كالجملة التي تقول:"بالعربي ومحدش يستاهل" وافتعال تلوينات موسيقية كـ"الصولو" اليتيم للكمان دون أن يترك أثراً عند المتلقي.
عمرو دياب في ألبومه الجديد "بنادي عليك" يمرّ بأقلّ خسائر من الناحية الفنية، وهو يؤكّد في الوقت ذاته على حضوره الجماهيري، ويسهم بشكل كبير في تركيز صورته وصوته كنجم المربع الأول للأغنية المصرية الحديثة.

عمرو دياب يخترق الحصار بالصوت والصورة ...

برغم رمادية المشهد، يظهر عمرو دياب كعادته، أنيقاً مصمّماً على الوقوف في الصف الأول، نائياً بنفسه عن كل ما يدور حوله من ضوضاء الثورات ومطالب الشعب والقرارات العسكرية، وسرية أو علنية النقاشات الدائرة في الغرف المبرّدة وفي الساحات والميادين المصرية. ينادي على جمهوره الذي يدعم ألبومه الجديد بشتى الوسائل المتاحة عبر الإنترنت والتسويق عبر الأجهزة النقّالة والإذاعات وغيرها من وسائل النشر...

من يتابع عمرو دياب يجد أن تميّز هذا الفنان يكمن في سر "الخلطة" التي يعتمدها في إنتاجه الموسيقي الممتد من نهاية الثمانينيات إلى يومنا هذا، فهو صاحب الـ "تي شرت" والقميص المفتوح على المسرح، وهو أول من (تنطنط) أمام الجمهور كاسراً كلاسيكيات الأغنية العربية التي كانت محنّطة في مكان، ومكبّلة للمطرب بزيّ الخمسينيات والستينيات- البدلة السموكينج والبابيون والزنار الأحمر أو الأسود - الذي كان يتماهى أحياناً كثيرة مع عاملي المطاعم (الغارسون)، لتأتي حركة دياب الشاب كثورة على السائد، جرت معها الكثير من أبناء جيله إلى هذا النوع من المسرح الذي يحتاج إلى حركة نشيطة وإيقاع مختلف سريع وراقص بالدرجة الأولى.


يختلف النقاد في تقييم صوت عمرو دياب، لكنهم متفقون على خصوصيته، فهو لا يمتّ بصلة إلى المطرب التقليدي المنتشر في الدول العربية، والذي ما زال يجد له مساحة ضمن المشهد الفني في مصر، ومثالهم: علي الحجار ومحمد الحلو ومدحت صالح وآخرون ...

في إنتاجه الجديد يُسَخّّر عمرو دياب كل التقنيات الحديثة المتاحة وقدراته المادية للوصول إلى أفضل صيغة للمنتج، ليطلّ على جمهوره بصورة ما، يرغب هو دائماً أن تكون في أفضل حال، عضلات و"تي شرتات" مميّزة ولون بشرة برونزي يتماهى مع نجوم الأغنية الغربية، مثل: ريكي مارتن وإنريكي أغليسياس.

في الأغنية الأولى التي اختارها لتكون عنوان ألبومه، تظهر الموسيقى الغربية الإلكترونية بما يتشابه مع الكثير من المنتشر بين شباب اليوم في أماكن رقصهم أو في أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، ليطعّمها بجملة لآلة العود تندمج مع موسيقى التكنو كمقدّمة لظهور صوت عمرو عبر الكورال، ثم منفرداً بتخفيض جميع الآلات ليبدو صوت عمرو بالطريقة التي عوّد جمهوره عليها. الخلاصة التي يحصل عليها مستمع هذه الأغنية هو تكريس لعنوان الألبوم من خلال ترداد لازمة الأغنية "بناديك تعالى" والتي هي من ألحان عمرو دياب.

في الأغنية الثانية، "هللاه هللاه"، يحنّ عمرو إلى ألبوم "حبيبي يا نور العين". ويبدو ذلك من خلال صوت الأكورديون المرافق للغناء والصولو الذي ينفرد به، ولعلّه النجاح الكبير الذي حقّقه من خلال تلك الأغنية هو ما دفعه لاستخدام طريقة التوزيع الموسيقي ذاته في الماضي المندرج تحت (الفلامنكو) .

"مقدرش أنا علي عيني شايفاه" عنوان الأغنية الثالثة التي عاد فيها عمرو إلى أيام نجاحاته مع حميد الشاعري من خلال إيقاع المقسوم والمتوفر في أغانيه السابقة. عادةً ما تكون هذه النوعية من الأغاني مجرد زيادة عدد غير مؤذية، لكنها مرغوبة كونها وصفة مجرّبة وناجحة.

"ألومك ليه" تتميّز الأغنية بصوت الغيتار البارز والرومانس المتّكئ على الإيقاع اللاتينو لتنقلنا إلى أجواء (سانتانا)عازف الغيتار الشهير، خاصة في اعتماده نفس أسلوب (الصولو) وأصوات الكورال الذي يردّد اللازمة ( ياخسارة محدش نفّذ وعد).

"معاك برتاح" عودة للكهرباء والأصوات الإلكترونية على طريقة التكنو، والتي تبدو الأفضل من ناحية التسجيل ضمن الأغاني العربية الحديثة التي تحاول اللحاق بالموضة. وذلك يعتمد على دياب الذي يسجّل أعماله في مصر ثم يحملها إلى أوروبا، وإلى لندن بالتحديد حيث تتمّ عملية المكساج التي تمنح الأغنية دقة وجودة عالية لا تتوفر في استديوهات العالم العربي.

"يا ريت سنك يزيد سنتين..عشانك كده زغير"، برغم الإيقاع الغربي المرافق للغناء، تبقى هذه الأغنية بإطارها المصري البلدي بفضل صوت الأكورديون الشرقي، وإن بدا مختصراً، هذا عدا السياق الشعري الذي يطرح علاقات حساسة بين فئات عمرية مختلفة يعتبرها البعض في مجتمعاتنا غير مقبولة.

"حبيبي مالي عنييا"أجواء تذكر بفرقة "الفور أم" من حيث الإيقاع ومصرية الأجواء الموسيقية. بعض الجمل الموسيقية بدت يونانية، لعلّها للتداخلات التي تميّز مدينة الإسكندرية التي كانت مكاناً طبيعياً لانصهار الحضارات التي مرّت على مصر وشطآنها. أصوات الوتريات في هذه الأغنية توحي بأجواء احتفالية يزيدها بهجة صوت آلة البوزكي بنقراتها المميّزة، وكون الإسكندرية المدينة التي تحتضن الكثير من الحفلات الصيفية خاصة لعمرو دياب .

أغنية "هي حياتي" تدخل ضمن التوليفات الموسيقية المرتكزة على الفلامنكو، ما يشير إلى محاولة دياب استثمار نجاحاته السابقة في الألوان التي قدّمها ولاقت نجاحات، وإن جاءت هذه الأغنية ضمن الأغاني التي تصنّف في قائمة (تكملة العدد)...فلا هي راقصة ولا هي رومانسية وليس لها وقع يجعلها مميّزة، إنما كلمات ترافقها موسيقى.

"يوم ما قابلتك" استراحة الشريط بإيقاعها البطيء وبانسيابية كلماتها وباقترابها من الموسيقى الشرقية.

اعتماد دياب على هذه الأغاني الخالية من مقامات ربع الصوت (الذي يجعل الأغنية شرقية كاملة) أضعف الألبوم، برغم أن اللحن الشرقي ساهم في نجاحاته في الماضي خاصة في أغنيته الشهيرة " حبيبي ولا على باله". لتأتي محاولته في الأغنية الأخيرة "تجربة وعدت وتعدت" مجرد خطاب عاطفي، معتمداً على كلام الشارع البسيط كالجملة التي تقول:"بالعربي ومحدش يستاهل" وافتعال تلوينات موسيقية كـ"الصولو" اليتيم للكمان دون أن يترك أثراً عند المتلقي.

عمرو دياب في ألبومه الجديد "بنادي عليك" يمرّ بأقلّ خسائر من الناحية الفنية، وهو يؤكّد في الوقت ذاته على حضوره الجماهيري، ويسهم بشكل كبير في تركيز صورته وصوته كنجم المربع الأول للأغنية المصرية الحديثة.