5 إماراتيات وراء مقود سيارة الإسعاف

10 صور

لم يتوقعن يوماً أنهن ثمرة تجربة جديدة على الفتاة الخليجية، وأنهن سيحفرن أسماءهن كرائدات في عالم قيادة سيارات الإسعاف، وأنهن نواة لأول فريق نسائي يعمل في هذه المهنة الشاقة غير التقليدية بالنسبة للمرأة.
بالتحدي وبالإرداة والإيمان بالعمل، اقتحمت خمس إماراتيات عالم قيادة السيارات وعشقن سيارة الإسعاف؛ ليثبتن للعالم قدرة المرأة الخليجية على اقتحام أصعب المجالات.


حكاية مريم التي لا تكل
مع الساعات الأولى من اليوم، تخرج الإماراتية مريم عبدالله من منزلها؛ تاركة أطفالها الستة، وتتوجه إلى مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف؛ وتقول أنسى تعبي حين أساهم في إنقاذ مصاب أو إسعاف جريح وتوصيله إلى المشفى في أقل وقت ممكن، وبمجرد أن أضع رأسي على وسادتي، أشعر بصفاء الذهن وراحة البال بأنني أديت رسالتي، وقدمت ما في وسعي لمساعدة المرضى على تخطي أزماتهم، ورغم أنني أترك أبنائي بمفردهم ساعات طويلة، وكثيراً لا أستطيع مشاركتهم فرحتهم في الأعياد والمناسبات الاجتماعية، إلا أن نظرة الفخر التي أراها في أعينهم، واحترامهم لمهنتي وتقديرهم للدور الذي أؤديه، يزيد عزيمتي.


قصة زينب وبلاغ لا ينسى
تعبر زينب البلوشي، صاحبة لقب أول سائقة إسعاف في الإمارات عن فخرها بمشاركتها في هذا العمل الإنساني، وتروي البلوشي تفاصيل أول بلاغ كلفت به، قائلة: يظل البلاغ الأول الذي تلقيته دائماً في ذاكرتي، ولا أستطيع أن أنساه؛ حيث توجهت بسيارة الإسعاف لحادث على الطريق السريع نتج عن انفجار إطار حافلة تنقل مجموعة من العمال الآسيويين من محل عملهم؛ ليتسبب الحادث في إصابات وحروق بليغة يصعب عليّ نسيانها حتى الآن، وتكمل: الازدحام والتكدس المروري عدوي الأول، وهناك بعض الأشخاص لا يقدرون حجم المسؤولية التي تقع على عاتقنا، وأحياناً يرفضون إفساح الطريق لنا؛ مما يجبرنا لاتخاذ طرق بديلة بمسافات أكبر، والانحراف عن المسار الذي يجب أن نسير فيه؛ فإحساس صعب يتملكك عندما تشعر أنك المسؤول الأول عن حياة كل من معك، وأن حركتك إذا كانت غير محسوبة، يمكن أن تؤدي إلى تدهور حالة المريض، أو تتسبب في وفاته.

نجود والأمل والوداع
أما نجود التميمى، تلك السيدة الإماراتية التي أهلها حبها للمغامرة، وعشقها لنجدة ومساعدة الآخرين لاقتحام هذا العالم الذي ظل حكراً لسنوات طويلة على الرجال، وتقول اكتسبت مهارات كثيرة، ساعدتني على أداء مهامي على أكمل وجه، وأهمها أن أكون على درجة عالية من التركيز والانتباه وسرعة البديهة التي تؤهلني للتحكم في سيارة الإسعاف؛ خاصة وأن حجمها كبير جداً؛ مقارنة بباقي السيارات التي اعتدت على قيادتها، وتتابع بأنها كانت تنسي طبيعتها كأنثى، وتنحي كافة عواطفها ومشاعرها جانباً؛ خاصة وأن المناظر والحوادث التي تقابلها خلال البلاغات المختلفة تهز القلوب وتقشعر لها الأبدان، وإن تركت نفسها لذلك، لم تتمكن من السيطرة على أعصابها أو التحكم في سيارة الإسعاف.

عائشة محمد والجندي المجهول
عائشة محمد، هي رابع مواطنة تعمل سائقة للإسعاف، وتتحدث عن تجربتها قائلة: على الرغم من أن فترة عملي لا تتجاوز عامين، إلا أنني اكتسبت كثيراً من الخبرات والمهارات التي زادت تعلقي بهذه المهنة واعتزازي بها، حتى أني الآن لا أرضى ببديل لها في أي مجال آخر، كما أن حبي لعملي يدفعني للتفكير فيه حتى خارج أوقات العمل الرسمية، وأعتبر نفسي جندياً يجب أن يكون مستعداً دائماً للنزول لساحة المعركة عندما يستدعيه قائده في أي وقت.
وتؤكد أن ظروف العمل يمكن أن تفرض عليها العمل لأكثر من 12 ساعة يومياً، إلا أنها لم تشعر يوماً بالإجهاد أو الإرهاق أو الملل؛ فإيمانها بأن عملها رسالة مجتمعية هامة تدفعها إلى إنجاز مهامها على أكمل وجه، وبالشكل الذي يعبر عن حبها لوطنها؛ مشيرة إلى أن بعض النساء اللاتي يرغبن للعمل كسائقات إسعاف، يعتقدن أن ذلك يتطلب منهن امتلاكهن لقوة عضلات، لكن هذا المعتقد ليس صحيحاً، وتقول لـ«سيدتي»: «أكثر ما يزعجنا ويعرقل عملنا، هو تعمّد البعض السير بسياراتهم أمام سيارة الإسعاف، أو خلفها، وهو ما يحتاج منا إلى مهارة عالية في القيادة، وكثيراً ما تواجهنا نظرات اندهاش عندما يراني البعض وأنا أقود سيارة الإسعاف، والبعض يلاحقنا بعبارات الثناء.

عيشة محمد، أصغر سائقة
أما عيشة محمد، والتي تبلغ من العمر أربعة وعشرين عاماً؛ فهي أصغر سائقة في مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف، كما أنها أحدثهن التحاقاً بهذا العمل، وتروي أنها تجد في هذا المجال إرضاء لعشقها لروح المغامرة والقلب الجريء، الذي لا يهاب الصعاب، ورغم أن خبراتها في قيادة السيارات لا تتجاوز ست سنوات، إلا أنها أتقنت قيادة مركبات الإسعاف بشكل كبير في أقل من خمسة أشهر، وتذكر أنها خضعت لبعض الدورات التدريبية التي أهلتها للتعامل مع كافة الظروف الطارئة والمفاجئة التي يمكن أن تواجهها أثناء وصولها للمريض أو المصاب، كالتغلب على الزحام باستخدام الطرق البديلة، بالإضافة لخضوعها لدورات في قيادة سيارة الإسعاف أثناء الظروف الجوية المختلفة، كالضباب في الساعات الأولى من النهار، أو الأمطار الغزيرة والأماكن الوعرة التي يصعب الوصول إليها، بالإضافة إلى دورات نفسية أفادتها كثيراً في التعامل مع كل مصاب تبعاً لحالته النفسية، ومساعدته للتغلب على خوفه وزرع الأمل فيه وتحفيزه حتى تستطيع أن تصل به إلى المشفى ليلقى العناية والعلاج اللازم، وتؤكد عيشة أن مهنتها لم تؤثر على بيتها وأولادها وتعليمها، رغم قضائها أكثر من نصف اليوم بعيداً عنهم؛ فهي تتابع أبناءها دراسياً، وتمكنت من اجتياز المرحلة الثانوية، وتستعد حالياً لتقديم أوراقها للالتحاق بالجامعة، وسوف تقصد إحدى الكليات التي تؤهلها لتكون مسعفاً جيداً حاصلاً على شهادة أكاديمية في المجال الذي تعشقه منذ اليوم الأول لالتحاقها به.