*احكِ لنا عن فترة الطفولة ؟
في منزل العائلة بحي إمبابة الشعبي بالقاهرة ولدت في وقت توجَّب على الأسرة أن تواجه بصبر وضعاً اقتصادياً مزرياً، بعد ما فقد أبي (إبراهيم) عمله في الإذاعة المصرية، وهكذا توجّب عليه أن يرضى بالعمل في «الكورس» تارة، وتارة أخرى يضطر للعمل كمدرس موسيقى بملجأ للأيتام بمرتب ثلاثة جنيهات شهرية.
هل كان الراتب يعول الأسرة؟
في ذلك الوقت نعم، وفي المدينة. أما في القرية فيمكن أن يكون أقل من ذلك فأنا من أصول صعيدية ببني سويف تحديداً، وكان والدي أول النازحين إلى القاهرة بعد التحاقه كمطرب معتمد بالإذاعة المصرية .
*كيف انتقل إليك الفن؟
منذ كنت طفلاً صغيراً كانت تحكي لي أمي بأن سكوتي مرتبط بسماع أي دندنة موسيقية يعزفها والدي في فترة تواجده بالمنزل، وأذكر عندما بلغت سن الخامسة كان يعقد جلسات غنائية بمنزلنا، وكنت أقوم بالغناء فيها مع بعض التقويمات من أبي؛ حتى أصبحت جزءاً أساسياً من هذه الجلسات في كل جلسة تنعقد، كما أنني كنت أقدم تواشيح للشيخ علي محمود رحمه الله .
*هل غناؤك في هذا السن الصغير كان يسبب ضيقاً من الأم أو الأب؟
على الإطلاق بل كانا يركزان على تعليمي أنا وأخي أحمد داخل البيت على الأداء الموسيقي والغنائي ونحن في سن الطفولة، فقد كنا ضمن أعضاء الكورسات المتعددة التي كان أبي رحمه الله يعقدها، وهو ما كان يطمئن أمي بعدم إضاعة وقتنا في أمور غير مفيدة.
هل كان والداك يغنيان؟
كانا يغنيان «مجنون ليلى» و«سجى الليل» سوياً في المنزل، بأداء جعلنا ننتظر هذه المقاطع في أوقات كثيرة، وعندما جاء وقت التحاقنا بالمدرسة اختلف الأمر بعض الشيء، حيث خصص لنا والدي وقتاً لهذه الكورسات، التي كنا نعتبرها ممتعة. أما باقي الوقت فقد كان مخصصاً للمذاكرة دون تداخل بين الأمرين .
* غالباً ما ترسم فترة المراهقة للطفل مستقبله.. فكيف كانت تلك الفترة؟
نحن أسرة كانت متوسطة الحال مثل أي عائلة مصرية بسيطة تعيش على الكفاف، وأذكر لك موقفاً خلال فترة دراستي الثانوية عقب انتهاء الامتحان، فقد كنت مثل أي شاب يريد شراء بعض الأشياء التي تضيف إلى شخصيته مثل ملابس إضافية أو آلات موسيقية.
هل طلبت المال من والدك؟
لا، بل عملت «صبى مكوجي» خلال إجازة نهاية العام الدراسي؛ لأجل تلبية هذه المطالب إلا أن والدتي ذهبت للمكوجى وطلبت منه عدم تشغيلي، ليس لأن هذه المهنة مهينة أو شيء من هذا القبيل، ولكن لأنها تعلم مدى ارتباطي بالفن فكيف سيكون الحال لو انشغلت عن هذا الأمر؛ حتى لو كان اتجاهي له لتلبية احتياجاتي.

*هل عرف أبوك بذلك وماذا كان رد فعله؟
علم بما قمت به، لكنه وضح لي من خلال سلوكه بأن المال ليس كل شيء، فلم يكن يمتلك ثروة لكنه كان يمتلك حساً فنياً راقياً، لذا من خلال عمله بمعهد الموسيقى العربية ودار الأوبرا استطاع توفير ما كنت أرغب به، وقد كنت أعتبره مثلي الأعلى الوحيد في الفن والحياة.
علي الحجار
فنان مصري