بنات اليوم: جميلات الشاشة من أسباب عنوستنا!

6 صور

ترتدي فستانها الأحمر المثير عاري الأكتاف.. تتمايل بدلع وأنوثة في اللحظة الحاسمة؛ لتفاضل بين متسابقيها لاختيار أحدهم.. فيغريه جمالها ودلالها؛ حتى يهيم بها.. إلى أن تنتهي حلقتها؛ ليضغط بإصبعه على زر آخر لمشاهدة قناة فضائية أخرى.. فيلفت نظره فجأة الفيلم الجديد لفنانته المفضلة، وهي تظهر بأبهى صورة؛ لتثبت لجمهورها أنها مازالت الأفضل والأجمل بين فنانات الجيل، فتخطف قلبه، وتشعشع أنوار أنوثتها في عقله.. ليظل يدور هكذا في حلقة غير منتهية أمام جميلات الشاشة ودلعهن وأنوثتهن، ودائماً ما يقارن بينهن وبين منْ يتقدم لخطبتها؛ لتكون زوجة المستقبل، والتي حتماً لن ترجح كفتها أمام عمالقة التفنن في الجمال والأنوثة وارتداء أحدث صيحات الموضة، ووضع أفضل منتجات مساحيق التجميل؛ حتى يرفض الواحدة تلو الأخرى؛ لتصبح جميلات الشاشة سبباً من أسباب العنوسة في الوطن العربي.


يحدث بالفعل
«سيدتي» التقت مجموعة من الشباب، الذين يؤكدون على ظاهرة جميلات الشاشة وتأثيرها على اختيار شريكة الحياة، فيقول محمد الدمرداش، 30 سنة، أخصائي أول موارد بشرية: لاشك أن جميلات السينما والفيديو كليب وبرامج المسابقات والتوك شو «بما يفعلنه بأنفسهن الآن» له تأثير كبير على عقل الشاب عند اختيار شريكة حياته؛ لأنه وقتها سيبدأ بالمقارنة؛ مما يجعله يهتم بالشكل على حساب المضمون والجوهر والأخلاق، بل يعتبر الجمال المعيار الأول عند الاختيار، يتبعه التكافؤ المادي والاجتماعي والثقافي.
يوافقه في الرأي محمد جاويش، 28 سنة، مدير تسويق قائلاً: «جميلات الشاشة بوجه عام سواء كن مطربات أو ممثلات، أو حتى مقدمات برامج لهن تأثير على اختيار الشاب لفتاة أحلامه من وجهة نظري بنسبة 100%. خاصة إذا كان الشاب في مستوى وظيفي واجتماعي ومادي مرتفع؛ فإنه يهتم بعامل الجمال بنسبة كبيرة جداً؛ لأنه يرى نفسه مميزاً في حياته، ووظيفته وبين أصدقائه؛ لذا يريد أن يكمل دائرته بالارتباط بفتاة جميلة جداً، وإن توفر هذا العامل فإنه يبحث بعدها عن العوامل المهمة الأخرى كالأخلاق والتربية والثقافة، فنستطيع أن نقول إنه يبحث عن الكمال في شريكة حياته، وأنا شخصياً أهتم بعامل الجمال عند اختيار شريكة حياتي».


آراء البنات
عبرت فاطمة جلال، 23 سنة ربة منزل متزوجة عن رأيها، فتقول: «معظم البنات حالياً يهتممن بمظهرهن وجمالهن؛ لتحظى بعريس جيد.. لأننا نعلم جيداً أن الشاب الآن يبحث عن أكثرهن جمالاً، وليس أكثرهن خلقاً وتربية، وهي نظرة سطحية للأسف، لكنها هي الحقيقة التي تدركها البنات جيداً، وتسعى هي الأخرى لتحقيقها عن طريق الأزياء والموضة ومساحيق التجميل والعدسات اللاصقة وغيرها؛ لتصبح مثل الممثلات والمطربات ومقدمات البرامج الجميلات من حيثُ الشكل؛ حتى زوجي يقول لي دائماً أنا أحب البنت الجميلة، التي تهتم بمظهرها وشكلها، وكنت أفتش عنها دائماً عندما كنت أبحث عن عروس قبل اختيارك، وأول ما كنت أهتم به عندما رأيتك أول مرة كان الشكل بجانب التربية وحسن الخلق والثقافة».
وتضيف دعاء رفعت 26 سنة منسق إداري: «أنا شخصياً تقدَّم لي كثير من الشباب على تلك الشاكلة، التي تهتم بالجمال والاستايل والموضة أكثر من الجوهر، ومنهم من يقول أنا «نفسي تكوني شبه ممثلة أو مطربة ما يحبها»، ومنهم من لا يتردد مثلاً أن يطلب أن تخلع من يريد الارتباط بها الحجاب حتى تشبه جميلات السينما. وللأسف هذا النوع من الشباب كثير في وطنا العربي الآن، والفتاة هي التي تدفع الثمن بسبب المقارنة الظالمة بينها وبين جميلات السينما، ويتم رفضها أو إلغاء فكرة الزواج منها».

الجذب الإعلامي من أسباب تأخر سن الزواج
التقت «سيدتي» الاستشارية الاجتماعية والتربوية هاجر مرعي؛ لتعلق على هذه الظاهرة والأسباب التي أدت لارتفاع نسبة العنوسة في الوطن العربي فتقول: مع انتشار تأخر سن الزواج لكثير من الفتيات في الوطن العربي، نستطيع أن نحدد أسباباً كثيرة منها الاقتصادية والاجتماعية، والآن أصبحت لدينا أسباب مرتبطة بثقافة وفكر الشباب، وهو الجذب الإعلامي للشكل المثالي للفتيات اللاتي يخرجن على الشاشات بأبهى صورة، فيعتقد كل شاب أن ذلك هو الشكل المثالي والحقيقي للفتاة، ويبدأ في البحث عن ذلك الشكل المثالي، وينسى أن وراء ذلك جيشاً من وسائل التجميل المختلفة، ويرفض بسبب ذلك أكثر من فتاة مرشحة للزواج منه.


وتضيف مرعي قائلة: إن هذا الفكر المحدود عند اختيار شريكة الحياة يرجع إلى عدة أسباب أولها داخل المنزل.. فلا نجد داخل العائلات حواراً مثمراً مع الشاب في كيفية اختيار شريكة حياته، وكيف أن الأخلاق والحياء سبب هام في جمال البنت قبل المساحيق وعمليات التجميل..كما أن كثيراً من الآباء لا يتابع أو يناقش ابنه كيف ينظر إلى المرأة في حياته؟ وكيف يجدها مؤثرة بشكل إيجابي؟ ولا يعتبر الشكل هو المقياس الوحيد.


ثانياً دور الإعلام في ربط كل ما هو جيد بكل ما هو جميل.. وكل ما هو سيئ بكل ما هو غير جميل.. مما زرع صورة ذاتية خاطئة في العقول وخاصة الشباب.. في حين أن واقع الأمر هو أن ما نراه ما هو إلا 1% من الحقيقة، والباقي مصنوع من كاريزما الشو والإعلام، وأن الشكل الحقيقي غير ذلك.


ثالثاً: دور المدارس في توعية المراهقين في تحكيم العقل في اتخاذ القرار وتعليمهم القيم الصحيحة لكل دين؛ حتى يستطيع كل فرد أن يختار كما أمره دينه، وكما يراه العقل صحيحاً.


رابعاً: الاستشاريون الأسريون ومراكز الثقافة يجب أن يعملوا على توعية الشباب لحقيقة الزواج وقيمته الإنسانية وغير المحصورة في صورة جميلة لا نعلم باطنها.
وتختتم الاستشارية الاجتماعية والتربوية هاجر مرعي حديثها قائلة: أرى أن إصلاح كل ما سبق سوف يصنع جيلاً متوازناً من الشباب، ويقضي على نسبة كبيرة من أسباب العنوسة، التي باتت موجودة لأسباب كثيرة، وعلينا أن نعمل على القضاء عليها.