مواجهة!

مواجهة!

 

 

سيدتي أنا سيدة في التاسعة والعشرين من العمر، جامعية وأعمل في مؤسسة كبرى منذ عامين، لي إخوة وأخوات، وكذلك زوجي، زوجي في الخامسة والثلاثين، بدأت قصتي منذ عام حين تقدم زوجي لخطبتي بالأسلوب التقليدي، وسأل والدي عنه فقيل له إنه استقال من عمله، وعندها رفض والدي أي ارتباط إلى أن يعثر الشاب على عمل، وتوقّف عن السؤال عنه، ومرت أسابيع ثم أعادت الأسرة الاتصال بأبي وطلبوا الزيارة مرة أخرى، كنت حائرة ومترددة، لكن والدي أيد ارتباطي بالخاطب لأنه من أسرة محترمة، ولأنه مهذب ويحافظ على الصلوات، خطبت وفي فترة الخطبة لم يكن خطيبي يتصل بي، فبررت ذلك بأننا لم نرتبط بعد ارتباطًا شرعيًا، وكما أن والدي طمأنني وقال إن الخاطب شخص هادئ وخجول، كنت أنا أبادر بالاتصال، وكان يفرح باتصالي ويحدّثني أحاديث مستفيضة، ثم تزوجنا وشعرت بأنه سعيد بالزواج، ولكن ما إن انتهى الشهر الأول، حتى بدأ زوجي يتركني ويمضي أوقاته بعيدًا عني في شقة علوية يمتلكها والده، لا يهتم بتلبية طلبات البيت، كما لاحظت أن زوجي لا أصدقاء له، ثم فاجأني بأنه يريد أن يستقيل من عمله الجديد، لأن المسافة بعيدة، زوجي كتوم ولا يتحدث عن مشاعره ومشاكله معي، لا يجلس معي إلا في أوقات تناول الطعام، بدأت أشعر بالملل لأني إنسانة اجتماعية، زوجي لا يحب الزيارات، وحين أصررت على الحديث معه عن وضعنا، فاجأني بقوله إنه لا يعتقد أننا سنكمل مشوار الزواج معًا.

هل بالإمكان أن يتغيّر؟ هل أتركه قبل أن ننجب، هل أبقى بجانبه لكي أساعده، وكيف أفعل ذلك؟ كيف أتصرف تجاه عزلته، وكيف أساعده على تحمل المسئولية، لم يعد ينام في غرفة نومنا، بل يفضّل أن يتركني بعد العلاقة الزوجية، لينام في غرفة أخرى، وهذا يؤلمني كثيرًا.

 

جارة البحر

 

 

 

عزيزتي إن صدق ظني، فإن مشكلة زوجك الأساسية هي الخوف من المواجهة، وبمضي الوقت بعد الزواج، بدأ يشعر بأنك غير راضية كل الرضا عن سلوكه العام، وربما أدرك أنك ترددت قبل قبوله زوجًا، ومن هنا بدأ في الهرب من المواجهة إلى الشقة العلوية، لكي ينفرد بنفسه بعيدًا عن المتاعب، أخشى أن تكون علامات اللامبالاة التي وصفت وخصوصًا ما يتعلق منها بعدم الالتزام بعمل والصمت والكتمان وندرة الأصدقاء، هي أيضا علامات تدل على أن هذا الإنسان يتعاطى المخدر، قد أكون مخطئة في تقديري، ولكنها علامات تطرح ذلك الاحتمال، لا أريد تخويفك، ولكن تركه للمخدع أثناء الليل، يثير المزيد من التساؤل، وما يمكنني أن أنصحك به هو أن تحيدي مشاعرك لكي تتمكني من الوقوف معه، لأنه شخص فيه خير كثير، هذه الأمور تعالج بحكمة وفي تكتم، ويفضل ألا تبوحي بها إلا لأقرب الناس إليه، والده مثلاً.

يجب أن تصبري، ويمكنك تأجيل مسألة الإنجاب حتى تتحسن الأوضاع، الزوجة يمكن أن تغري زوجها بالوجود معها، لو وجد الراحة والمتعة في بيته، بدلًا من تذكيره بمسئوليته كزوج يجب أن يذهب إلى السوق لشراء ما تحتاجين، اقترحي أن تخرجا معًا للتسوّق، انتهزي كل فرصة للتعبير عن فرحك بالزواج، كما فعل هو في بداية حياتكما معًا، زيّني له مشاهدة الأخبار معًا أو البرامج الرياضية، حدِّثيه عن طفولتك، وشجعيه على الحديث عن طفولته، واطلبي رؤية ألبومات صوره، هذه الأمور الصغيرة تزيد من ارتباط الزوجين.

لا أنصحك بالتفكير في الانفصال، لأنه بإمكانك إصلاح شأن زوجك، حين يطمئن إلى أنك لا تشعرين بأنه مقصّر في حقك، سوف تستمر محاولاته للهروب لأنه يخاف أن يزداد إحساسك بالتذمر، هذا هو تصوري ولك اختيار الأنسب لحياتك معه.

 

 

 

 

أمي وأنا

 

 

سيدتي أنا شاب عربي في السادسة عشرة، أبي طلق أمي وأنا في السادسة، وبعد ست سنوات تزوّجت أمي، وبعد زواجها تزوّج أبي أيضًا، حاليًا انتقلت أمي وزوجها إلى أميركا وأنا معهم، لقد أتيت رغمًا عني، بعض الشباب يتمنى أن يعيش في أميركا، ولكني أتيت إلى هنا مغلوبًا على أمري، لأن أبي لا يحبني ولا يطيق أن أبقى معه، صحيح أن أمي لا تتخلى عني، لكنها تجبرني على الحياة هنا، لا أعرف كيف أستمر في حياتي في ظل هذه المشاعر، أرجو أن تنصحيني.

 

الحائر منصور. س

 

 

عزيزتي أشكرك على ثقتك برأيي، وأتمنى أن تصدق أنني أتفهّم مشاعرك وأتمنى لك أن تصل في حياتك إلى كل ما تتمنى، أولا، لا تصدّق أن والدك لا يحبك، فقد زرع الله حب الولد في قلوب الآباء والأمهات، ولكن الظروف في بعض الأحيان تغلب الإنسان، وربما تركك والدك في رعاية أمك بعد الطلاق، لأن الطفل ابن السادسة يحتاج حنان أمه أكثر من احتياجه للشمس والهواء، فهذا يُحسب للوالد ولا يحسب عليه، ولم يكن من الإنسانية في شيء أن يطالب الوالد بضمك إليه، بعد أن أمضيت 12 عامًا في رعايتها، ولم تقصّر معك.

تقول إن أمك تمسّكت بك، ولكنها أجبرتك على السفر معها إلى أميركا رغمًا عنك، وأنا أقدّر ذلك، ولكن لو فكرت في هذه الأم كإنسان له احتياجات وظروف نفسية ومادية، لاكتشفت أنها اختارت ما ظنته أفضل الحلول، فقد تزوجت وحكمت ظروف حياتها أن تسافر، ولم يكن في مقدورها أن تتركك خوفًا عليك، أنت حاليًا على أعتاب الاستقلال والرجولة، ولكنك لم تبلغ تلك المرحلة بعد، فأنت لم تُكمل تعليمك والتعليم يكفل لك الأدوات التي تمهد للاستقلال واتخاذ القرارات التي تحدد مسارك في الحياة، لا يوجد إنسان يستسيغ الإحساس بأنه مغلوب على أمره، ولكن على المدى الطويل، فإن الوجود مع والدتك هو الطريق للحصول على ما تريد.

أتوقع أن تكون شاعرًا بالغربة في أميركا، وأنك لم تتكيف بعد مع الظروف الدراسية، ولم تندمج مع زملائك، ولكن تلك الأمور تأتي على مراحل، وعليك بالنظر إلى الهدف، وهو الحصول على مؤهل يفتح لك الأبواب في وطنك إن شئت الرجوع إليه وحدك، وتذكّر أن وجودك إلى جوار أمك يوفر لها الدعم والاستقرار النفسي الذي تستحقه.

بدلًا من اعتبارها خصمًا، انظر إلى نفسك بعينيها، وسوف ترى صورة تروق لك، فأنت استثمارها الإنساني لتجربة الزواج بأبيك، ثم إنك أنت ابنها الكبير، والمرأة تنظر لولدها الكبير كسند قوي قريب إلى القلب وقريب من أي زوج، لأن الولد جزء من القلب والجسد، حملته وأرضعته وربّته كنبتة صغيرة كبرت وأورقت.

حاول أن تتكيف مع الظروف، اكتشف البيئة الجديدة وأقم صداقات مع شباب في مثل عمرك، تختارهم بعناية، اكتسب معرفة وثقافة ومارس هوايات نافعة، اكتشف أفضل ما في وطنك، وأفضل ما تكتشفه في حياتك الجديدة، المهم هو ألَّا يغلبك إحساس غير صحيح بالعجز، أتمنى لك التوفيق.

 

 

 

 

أين الثقة؟

 

 

سيدتي أنا فتاة في العشرين، مخطوبة منذ ستة أشهر، أحب خطيبي جدًا وهو يحبني ولله الحمد، قبل فترة، أعطاني جهاز الكمبيوتر الخاص به، لكي أستخدمه في عمل أبحاث خاصة بعملي، وأعطاني كلمة السر الخاصة، لكي أستطيع الدخول إلى موقعه على الإنترنت، ومنحني الضوء الأخضر للاطلاع على أية ملفات.

اكتشفت محادثات له مع فتاة في عمله، ولكن المراسلات سبقت تاريخ خطبتي له بعدة شهور، لقد تأثّرت جدًا، ورغم أنني أدرك أنني لا يمكن أن أحاسبه على أمر وقع قبل أن نرتبط، إلا أنني شعرت بالخوف والتعب، لأن الفتاة مازالت تعمل معه في نفس المكان، لا أعرف كيف أتعامل مع مشاعري السلبية، أرجو أن تفيديني.

الحائرة بسمة

 

 

عزيزتي خطيبك لا يعيبه شيء، لقد منحك ثقة ربما لا يمنحها زوج لزوجته بعد عشر سنوات من الزواج، فقد سمح لك بالاطلاع على بريده الخاص، فماذا فعلتِ أنت بتلك الثقة؟ بدلًا من الاكتفاء بالمهمة التي حصلتِ على الكمبيوتر لأجلها، منحت نفسك حق التجسس على حاضره وماضيه، فهل هذا تصرف سليم؟! لم تجدي في البريد سوى مراسلات لا تعيبه مع زميلة عمل، اسألي نفسك لماذا خطبك أنت ولم يخطبها إن كانت تربطه بها علاقة تتجاوز الزمالة؟ ولماذا يقول لك إنه يحبك؟ هل لأنه يحبك فعلًا أم لأنه غاوي تمثيل؟

لا تدمّري سعادتك بيدك، وعاملي خطيبك بما تحبي أن يعاملك به، وإياك أن تطلعيه يومًا على ما فعلتِ، وإلا فقد ثقته بك، تذكري أن إلقاء التهم جزافًا لا يعد دلالة أو دليلًا على الحب، هذه الأمور تولّد الجفاء.

توكلي على الله وعاهدي نفسك ألَّا تتجسسي على زوجك، ادخلي تجربة الزواج بقلب مؤمن، وباستعداد للاستمرار والاستقرار، أتمنى لك السعادة والسكينة في الزواج.