الوزن الزائد يجلب جملة من الأمراض

لا تمثّل السمنة مشكلة بسيطة يقتصر تأثيرها على المظهر الخارجي للمرء حصراً، بل هي مرض مزمن له أسبابه وأعراضه ومضاعفاته الخطرة. وإذ يساهم كلّ من قلّة الحركة والنظام الغذائي السيئ والإكثار من الوجبات السريعة والغنيّة بالدهون بزيادة الوزن، تحوّلت السمنة إلى مشكلة جديّة تشكّل خطراً على الصحة.

كيف تتمّ التوعية عن أسباب زيادة الوزن للمحافظة على الصحّة؟ وماذا عن أهميّة قياس مؤشّر كتلة الجسم Body Mass Index (BMI)  وتشجيع المرضى على استشارة الطبيب المتخصصّ، كونه الشخص الوحيد المخوّل إجراء التشخيص والعلاج الصحيح؟

للتوسّع في مشكلات البدانة وعلاجاتها، «سيدتي» حاورت الإختصاصي في أمراض الغدد والسكري رئيس الجمعية اللبنانية للغدد الصمّا والسكري الدكتور أكرم أشتي.

- ماذا عن الآثار السلبية للسمنة؟

لزيادة الوزن والبدانة آثار سلبيّة على الصحّة،  كالمساهمة في خفض عدد سنوات الحياة المتوقّعة والإصابة بارتفاع ضغط الدم وبعض أنواع السرطان وأمراض القلب، والأمراض المزمنة والأمراض الجلديّة والتنفسيّة، فضلاً عن ارتفاع الدهنيات في الدم وتصلّب الشرايين وأمراض المفاصل والعمود الفقري، وأمراض الجهاز الهضمي والكبد... وتشكّل كل هذه الأمراض خطراً حقيقياً وجدياًً على صحة الإنسان وحياته، فضلاً عن عبء يُثقل كاهل الفرد والمجتمع والهيئات المتخصّصة الرسمية والخاصة المعنية بالشأن الصحي. وتعتبر زيادة الدهون في الجسم، وتحديداً في منطقة البطن، من الأسباب الرئيسيّة المؤدية إلى الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.

وتجدر الإشارة إلى أن الأشخاص الذين يعانون زيادة في الوزن منتشرون في جميع أنحاء العالم، وتميل نسب المشكلات المتعلّقة بالوزن إلى الإرتفاع بشكل سريع لا سيّما لدى الأطفال والأجيال الشابة، ويعود ذلك إلى العادات الغذائيّة التي نواجهها في أيّامنا الحاليّة.

- كيف تؤثر البدانة الزائدة على مرض السكري؟

تفرز الخلايا الدهنية الموجودة في الأحشاء أنواعاً متعدّدة من الهورمونات تسبّب عطلاً في البنكرياس فتزداد الإفرازات غير الملائمة للأنسولين، ما يؤدي إلى الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري. لذا، تؤكد الدراسات ضرورة خضوع البدناء المعرّضين للإصابة بارتفاع السكر في الدم لنظام غذائي صحّي بهدف التخفيف من أوزانهم، وكذلك ممارسة الرياضة البدنية، علماً أن الإصابة بالنوع الثاني من السكري لدى البدناء ترتفع إلى 57%.   

نسبة مرتفعة ومخيفة 

- هل نسبة البدانة مرتفعة في العالم العربي؟

 إن نسبة من يعانون من مشكلة الوزن الزائد والبدانة عالية جداً، وتطال المجتمعات والدول كافة، ومن ضمنها المجتمع العربي. وتصل نسبة زيادة الوزن في الشرق الأوسط ما بين 15 في المائة

و45 في المائة من عموم الفئات العمرية، وتلامس نحو 60 في المائة في بعض البلدان العربية. وترتفع نسبة البدانة المرضية إلى نحو 30 في المائة. وهذه النسب في ارتفاع سريع ومخيف، ولعلّ ما يزيد الأمر خطورةً انتشارها بين الأطفال والشباب. ونسبة الإصابة بالبدانة في محيط البطن بين الفئات العمرية ما بين 18 سنة و70 سنة تصل إلى نحو 55 في المئة!  

- ما هي أبرز الأسباب المؤدية إلى البدانة؟

رغم أن الأسباب التي تؤدّي إلى الإصابة بالبدانة متعدّدة، الاّ أن أهمها وأكثرها شيوعاً هو الإكثار من تناول الوجبات الغذائية السريعة والدسمة والغنية بالدهون المشبعة والسعرات الحرارية، ويترافق ذلك مع الإقلال من الحركة وممارسة الرياضة البدنية. وهناك بعض العوامل الجينية والوراثية التي تؤدي أيضاً إلى البدانة. وهي موجودة عادةً في الجسم البشري، إلا أنّها قد تظهر إثر صدمات نفسية أو عوامل المحيط، وكذلك البيئة والتغيير السريع في النظام الغذائي.

- هل أصبحت البدانة مرضاً جدياً يشكّل خطراً يهدّد الصحة؟

أصبح هذا المرض يشكّل خطراً حقيقياًً على الفرد والمجتمع، ويجب التنبّه له والتعامل معه بجدية وحزم وإعطاؤه الأهمية المطلوبة، ووضع الخطط اللازمة على الصعد والمستويات كافة لمواجهته والحدّ من انتشاره.  

وتشكّل زيادة الوعي والثقافة الصحية لدى المواطن حول أسباب هذا المرض وتداعياته ومضاعفاته الصحية، الحلقة الأهم التي نستطيع من خلالها إحداث التغيير المطلوب للتغلب على هذا المرض، وذلك من خلال الندوات التثقيفية وتوزيع منشورات ومواد علمية عليهم.

 

فريق طبّي متكامل

- ما هي الحلول المقترحة؟

تتمثّل الحلول في زيادة الوعي والثقافة الصحية لدى المواطن وفي المجتمع حول أسباب مرض زيادة الوزن والبدانة ومضاعفاته الصحية، والتأكيد على أهمية اتباع نظام غذائي صحي وسليم، مع أهمية ممارسة الرياضة البدنية بشكل دوري ومنتظم، والتشديد على أهمية التعامل مع البدانة كمرض مزمن يتطلّب علاجه فريقاً متكاملاًً بإشراف طبيب اختصاصي بأمراض الغدد، واختصاصي في التغذية ومرشد اجتماعي ونفسي. وأحياناً، يلجأ الطبيب إلى علاج متخصص لكي يساعد المريض على اتباع نظام غذائي سليم، بدون أن يتعرّض إلى نكسات. وفي أحيان أخرى، يلجأ الطبيب الى وصف بعض الادوية المكمّلة للنظام الغذائي.  

- ماذا عن بعض الوسائل المعتمدة لخفض سريع للوزن؟

من الضروري للغاية مواجهة الاعتقادات والمفاهيم الغذائية الخاطئة والشائعة حول طرق معالجة البدانة، كالامتناع الكلّي عن الطعام أو تناول وجبة طعام واحدة في اليوم أو تناول نوع واحد من الطعام فقط وما إلى ذلك من معتقدات خاطئة، والتي وإن أدّت الى انخفاض مفاجئ في الوزن، إلا أنها تؤدي الى أضرار ومخاطر صحيّة عدّة.

- وماذا عن البرامج الدعائية التي تروّج لبعض المنتجات؟

يجب التصدي للبرامج الدعائية في بعض وسائل الإعلام والتي تهدف إلى الترويج لبعض المواد والمنتجات غير الطبية، والإدعاء بأنها مستخلصة من الأعشاب الطبيعية ولا تتسبّب بأي مضاعفات ومخاطر على الصحة. وهذا بالتأكيد ليس صحيحاً، إذ انها غير مرخصة في غالبية الأحيان، ولا توجد أي دراسات علمية حول مكوّناتها أو طريقة عملها أو تأثيراتها الإيجابية أو السلبية، ممّا يعرّض من يتناولونها إلى مضاعفات ومخاطر سلبية على الصحة.