الحسين الوردي.. وزير مغربي عصامي يحبه الشعب

تصدر وزير الصحة المغربي الحسين الوردي مؤخراً واجهة الحدث المغربي، حينما قرر القضاء على أكبر مأوى عشوائي للأمراض النفسية الشهير ببويا عمر جنوب المغرب، ويعد المكان الذي يقع بإحدى ضواحي مراكش من أقدم الفضاءات، التي كانت تستقطب باسم بركة أحد قبور الأولياء الصاحين مرضى من مختلف أنحاء المغرب بدعوى المس أو الجنون، وقد كان المكان يحظى بإقبال كبير، ويتم استغلال المرضى بشكل مهين أحياناً، وكانت خطوة الوزير المغربي شجاعة لقيت استحسان الجميع حينما قرر قبيل رمضان أن يقضي نهائياً على أسطورة هذا المأوى، ويلحق المرضى بالمستشفيات العمومية المختصة ووضع طواقم طبية ومرافقين لهؤلاء المرضى، الذين عانوا الأمرّين؛ بسبب إهمال عائلاتهم والظروف السيئة التي يحيون فيها دون مراقبة طبية مكبلين بالأصفاد. وظهر هذا التعاطف جلياً من خلال مجموعة من التدوينات كتبت على مواقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، والتي نوهت بهذه البادرة «كرامة»، والتي رأت فيها حلاً بديلاً على الأقل؛ من أجل التكفل بالمرضى مجاناً، وتتبع حالتهم الصحية، وتقديم الدعم النفسي والمعنوي لعائلاتهم، إلى حين استقرار حالتهم الصحية، وإعادة إدماجهم في وسطهم الاجتماعي والعائلي إذا ما رغبوا في ذلك.

عرف الوزير المغربي بكفاءته ومسؤوليته في اتخاذ عدد من القرارات الجريئة، فحين يعد يفي، وقد أطلق عبارته الشهيرة عن هذا المأوى قائلاً: "يا أنا يا هو". كما كانت له مبادرات وإجراءات صارمة وعملية، خاصة فيما يتعلق باشتغال أطباء الصحة العمومية في المصحات الخاصة، وتخفيض ثمن الأدوية، وهو ما جعله يحظى العام الماضي بلقب رجل العام من قبل عدد كبير من الهيئات الإعلامية بالمغرب.

والوردي طبيب في الأصل متزوج وأب لابن واحد، ولد سنة 1954 بقرية ميضار الأمازيغية، بمحافظة الناظور شمال المغرب، نشأ يتيم الأب والأم، وأمضى فترة من طفولته بخيرية الناظور، تميز بالتفوق في دراسته إلى أن تخرج من كلية الطب، ثم عاد إلى مسقط رأسه، واشتغل بالمستشفى الحسني بالناظور لمدة.

مناصبه
يشغل الوردي، عضو المكتب السياسي والمنسق الوطني لقطاع الصحة داخل حزب التقدم والاشتراكية، منذ مايو 2005، منصب عميد كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء، وأستاذ التعليم العالي بنفس الكلية.
عالمياً البروفيسور الوردي يعتبر أحد خبراء منظمة الصحة العائلية في نفس تخصصه طب المستعجلات، وحالات الكوارث، كما يعتبر عضواً نشيطاً في المؤتمر الدولي لعمداء كليات الطب الناطقة بالفرنسية، كما يقود مبادرات رجال الصحة المغاربة؛ لإعداد مشاريع القوانين المتعلقة بإحداث لجنة وطنية لأخلاقيات مهنة الطب.
للرجل تاريخ طويل وباع أطول، مسيرة علمية ومهنية موفقة تشفعان له، يحظى بثقة الأعداء قبل الرفاق. مساره المهني وفطنته أهلاه؛ ليتدرج في مناصب عدة.

شخصية الوردي
شخصية قوية، كاريزما اسثتنائية، أناقة على الدوام، لباقة وابتسامة لا تفارق محياه، حركية وخفة في تنقلاته من مكتب لآخر للاطلاع على كل صغيرة وكبيرة بالوزارة التي يشرف على تسييرها. الحسين الوردي بكل بساطة واحد من الوزراء القلائل، الذين استطاعوا أن يحظوا بإشادة السواد الأعظم من الشعب المغربي.
أصدر الوردي، رئيس المؤتمر المغاربي لعمداء كليات الطب، عدة منشورات وأعمال بحثية حول «تدريس طب المستعجلات بالمغرب: الحالة وآفاق المستقبل»، «طب الكوارث بالمغرب انطلاقاً من نموذج الدار البيضاء»، «السلامة الطرقية بالمغرب»، و«بروتوكلات التكفل بالمستعجلات في المغرب»، الذي قدم عام 2009 للملك.
يعتبر الوردي، ابن دار الصحة العارف بكواليسها وأسرارها، أول من أعلن بداية تفعيل «نظام المساعدة الطبية»، والتي حظيت بتغطية إعلامية ضخمة، واعتبرت «ثورة أولى» في الصحة المغربية. أما «الثورة الثانية» فهي تخفيض ثمن الأدوية، والتي أحدثت زلزالاً في مصالح لوبيات منتجي وتجار الدواء، وصلت تداعياته إلى درجة الاعتداء على الوردي داخل قبة البرلمان من طرف بعض الصيادلة، الذين سيسامحهم فيما بعد وسيتفهم وضعهم.