غريبو الأطوار.. "نفسيات" يحذرها الآخرون!

9 صور

اعتدنا، في مجتمعاتنا العربية، استخدامَ مصطلحات أو نعوت جاهزة لتوصيف شخص ما إيجاباً أم سلباً، غير أننا غالباً لا ندرك معناها الجوهري ولا أبعادها! فحين نلتقي بشخص متقلب المزاج، مثلاً، سرعان ما نصفه بأنه «نفسية» بسبب طبعه الحاد وردود أفعاله العنيفة؛ ما يجعلنا نتحاشاه، أو نتعامل معه بحذر.. لكن، هل نحن دقيقون فعلاً بإطلاق هذه الصفة عليه؟


«سيِّدتي» التقت بنساء ورجال وسألتهم: هل التقيتم بشخص متقلب المزاج والسلوك، وأطلقتم عليه لقب «نفسية»؟ وما أسباب إطلاق هذا المسمى عليه؟ وهل حاولتم دعمه في اللحظات الحرجة، أم فضلتم الابتعاد عنه؟ كما التقينا باختصاصية نفسية واجتماعية فسرت لنا حالة هؤلاء الأشخاص، وكيفية التعامل معهم، من خلال التحقيق الآتي:

متقلبو المزاج
تؤكد المذيعة والممثلة المسرحية، منال العيسى، وجود «النفسية» بيننا، وتقول: «أتذكر شخصاً معنا في العمل، الكل يطلق عليه (نفسية)؛ فهو متقلب المزاج، إذ يكون متعاوناً ومبتسماً في بعض الأيام، وفي أيام أخرى نراه عصبياً! وبصراحة أرحم أمثاله؛ لأنني أشعر بأنهم يعانون من مرض نفسي يجعلهم متقلبي المزاج».

يريدون لفت الأنظار
كما ترى حصة العقيل، معلمة إنجليزي في معهد الأمل للصم، أن هذه النماذج موجودة في مجتمعنا، وتقول: «كانت لي زميلة في الجامعة معروفة للجميع بأنها (نفسية)؛ فهي غريبة الأطوار، إذ تغضبها أتفه الأسباب. وأعتقد أن أمثالها يطلق عليهم هذا اللقب؛ لإحساسهم بالنقص، وسعيهم للفت الأنظار».

أما ريم عبدالمجيد، طالبة بالمرحلة الثانوية، فتعترف قائلة: «أطلقت عليّ زميلاتي في المدرسة لقب (نفسية)؛ لأنني دائماً عصبية ومتقلبة المزاج، وكلما أحاول السيطرة على نفسي أفشل؛ فظروفي هي ما جعلتني هكذا».

حالة تحتاج إلى علاج
ويقول الكاتب الدرامي، فاروق الشعيبي: «نلتقي يومياً بهؤلاء النفسيات، وهم أشخاص ذوو مزاج سيئ ومتقلب، وعلى الآخرين تقبُّل أمزجتهم وآرائهم حتى لو كانت خطأ! وأعتقد أنهم يعانون من حالة نفسية تحتاج إلى علاج».

لست مع إطلاق هذا اللقب
وتخالفهم الرأي، المعدة في قناة «روتانا»، روزانا اليامي، إذ تقول: «كلمة (نفسية) أصبحت تستخدم كثيراً بلا أي مبررات، لكن علينا تذكّر رتم الحياة السريع والظروف المحيطة بالشخص، والتي قد تكون سبباً رئيسياً في تقلباته المزاجية؛ لذلك لست مع إطلاق هذا اللقب».

أطلقه على أشخاص بلا قصد
الممثل محمد الجبرتي، يقول: «أصبحنا ننعت أغلب الناس بأنهم (نفسية)؛ لأننا لا نفهمهم! وقد كان لي زميل متقلب المزاج، ويفرض رأيه الخاطئ علينا بالقوة؛ فأطلقتُ عليه لقب (نفسية)، وقد فعلت ذلك، كغيري، من دون قصد».

مضطرة للتعامل معهم
بينما تقول الفنانة هند محمد: «في عملي التقيت برجال ونساء أطلق الزملاء عليهم هذا المسمى؛ لتقلب مزاجهم، وأضطر للتعامل معهم، محاولةً ألا أصطدم بهم. وهذه الكلمة التي يتداولها كثيرون لا أحبها؛ لأنها تُطلَق على أي شخص تصرفاته تثير غضبهم غير مفرِّقين بين المريض النفسي والشخص السليم».

الظروف المحيطة هي السبب
أما المذيع، عبدالرحمن الشنيبر؛ فيقول: «هؤلاء الأشخاص موجودون، وتقلب مزاجهم يزعج الجميع، لكنني لا أحب إطلاق هذا اللقب عليهم؛ فهم أناس طبيعيون، ولا بد من وجود أسباب لذلك؛ أهمها الظروف المحيطة».

التعديل أشبه بالمستحيل
ويقول طلال طاهر، طالب في جامعة الملك فيصل بالأحساء: «أتذكر زميلاً لنا أطلقنا عليه لقب (نفسية)، وكان متعباً جداً، ولا يرضيه أي أمر، فكنا نتركه يتصرف على هواه، ونلتمس له العذر؛ لأن تعديله أشبه بالمستحيل».

الرأي النفسي والاجتماعي
الباحثة الاجتماعية والاختصاصية النفسيَّة، وفاء شما، تقول: «لا أحب أن أطلق مصطلح (نفسي) أو (نفسية) على أي شخص؛ لأنه مرتبط بعلم النفس البشري، وربما إطلاقه على بعض الأشخاص أتى نتيجة لمزاجهم السيئ، إذ إنهم يغضبون لأتفه الأسباب ويشكّون بمن حولهم، فهم يعيشون باضطراب سلوكي يحول حياة من يتعاملون معهم في لحظة إلى كارثة.

وقد يكون وراء كل ذلك أمراض نفسية لا يستطيع الإنسان العادي تشخيصها؛ فيطلق عليها اختصار (نفسية)، أي بالعامية مجنون أو مختل أو منفصم! لكن في كل الأحوال، يجب اللجوء إلى مستشار نفسي لعلاج حالاتهم التي قد تكون مستعصية، كما يجب على أفراد المجتمع أن يحاولوا الابتعاد عن مثل هذه المصطلحات التي يطلقونها جزافاً».