سر كلمة "عادي" على لسان 75% من سكان الإمارات

12 صور

كثيرة هي المفردات التي أمست جزءاً لا يتجزَّأ من قاموس لغتنا اليومية في الإمارات! «عادي»، «لا يهم»، «وأنا مالي»، «لا شأن لي».. عبارات يرددها نحو 75% من السكان بشكل أتوماتيكي، ومن دون تفكير في تأثيراتها، استناداً إلى مبدأ أن كل شيء عادي، ولا شيء يثير استغرابنا؛ متناسيين ضرورة مشاركاتنا الفعالة في نهضة مجتمعنا.


«سيدتي» تحدثت مع أشخاص في الإمارات على اختلاف مشاربهم الثقافية وأعمارهم؛ للتعرف على خلفيات تكرير هذه العبارات المستفزة أحياناً، ولم ننس، بالطبع، آراء المختصين والخبراء في هذه القضية المجتمعية.

لا يقصدون السوء
يرى المحامي الإماراتي عبد العزيز محمد، 33 عاماً، أنه يجب ألاّ نحمِّل الأمور فوق طاقتها، وألاّ نصف الأشخاص الذين يرددونها باللامبالاة؛ فهم لا يقصدون بها سوءاً، إذ إنهم تعودوا على ترديدها في بيوتهم وعملهم، لكن لا مانع من تجنب العديد من الأقوال حتى نكوِّن ثقافة جدِّية لمجتمعنا.

سيطرت على تصرُّفاتنا
أما عبدالله الهاجري، إماراتي، طبيب بشري، 36 عاماً، فيجد هذه العبارات دخيلة، وقد تجعل الأجيال القادمة ميّالة للكسل. ويوافقه طبيب الأسنان، عمار الحلبي، سوري، 26 عاماً، الذي قال: «إن كلمة «عادي» هي أشبه بفيروس سيطر على تصرفاتنا وغيَّر سلوكياتنا».

تقليل من شأن الآخر
أما المهندس المعماري وسام محمد، فلسطيني، 30 عاماً، فقد اعتبر أن من يلفظ تلك العبارات المستفزِّة يحتاج إلى علاج نفسي، مضيفاً: «إن مردِّدي مثل هذه الكلمات يحاولون التقليل من موهبة غيرهم؛ فهم ينظرون لأي شخص ناجح وموهوب بتعالٍ شديد».

لسنا مستهترين
بينما لا تتفق ضحى المعلم، لاعبة الشطرنج السورية، مع رأي «وسام» الحادّ، قائلة: «أجد تلك الكلمات طبيعية، وأرفض اتهام من يقولها بأنه شخص مستهتر، إذ بحكم الكوارث اليومية التي تحيط بنا؛ أصبحنا نكرِّرها لوصف الحقيقة التي لا يستطيع أحد نكرانها حتى لو كانت سلبية».

تبسيط الأمور
ولا توافقها الرأي الكاتبة شمم بيرام من العراق، 27 عاماً، حيث تجد أن: «أغلبية من يستخدمون تلك الكلمات غير مقتنعين بها ويحاولون عبرها تبسيط الأمور وخاصة حين تعرّضهم لأزمة ما، أو قد تقال للاستهزاء».

وسائل الإعلام مسؤولة
وألقت اللبنانية سرى غزوان، خريجة ترجمة ورسامة، 26 عاماً، اللوم على وسائل الإعلام بما تبثه من مشاهد كارثية، قائلةً: «تلك الوسائل رفعت شعار «عادي» منذ زمن بعيد، وهدفها فقط الحصول على أكبر قدر من الإعلانات بغض النظر عن مستوى ما تقدمه».

أردّدها 100 مرة
يقول الأردني عدي خواجة، موظف حكومي، 29 عاماً: «أردِّد كلمة «عادي» أكثر من 100 مرة يومياً؛ فهي كلمتي المفضلة، ولا أؤمن بادعاءات البعض بأنهم لا ينطقون مثل تلك الكلمات». مضيفاً: «أجد من يستخدم تلك الكلمة مميزاً؛ لأنه صاحب قدرات خاصة، ولديه ثقة كبيرة بنفسه».

تغلغلت داخلنا
يرى محمد ماهر، محاسب مصري، 35 عاماً، أنه عندما يتعود الإنسان على حديث معين نجده يكرره تلقائياً؛ لذا، فإن هناك بعض المفردات تغلغلت في حياتنا وأصبحنا نردِّدها في كل موقف نتعرض له سواء أكان إيجابياً أم سلبياً.

ثرثرة المرأة
أما عدي خواجة، مهندس مدني، 28 عاماً، فيجد أن المرأة هي سبب انتشار تلك الكلمات؛ بسبب ثرثرتها الزائدة! ويوضح: «حينما تجتمع النساء مع بعضهن بعضاً تجد كلمة «عادي» في ألسنتهن كعلكة يمضغنها».

الموافقة على تصرُّف خاطئ
يقول السوري مهند الشاعر، موظف حكومي، 33 سنة: «لست من الأشخاص الذين يستهترون بموقف سلبي في الحياة؛ ليهربوا منه بكلمة «عادي».. وأرى أن أغلب من يرددون هذه الكلمة يكونون موافقين على تصرف خاطئ يقوم به أحد الأشخاص».

التهوين على النفس
أما ياسمين نبقاني، إعلامية جزائرية، 27عاماً، فأكدت أن تلك الكلمة تستخدم، عموماً، عندما يحاول الإنسان تهوين موقف صعب للغاية حدث له؛ لأنه يحب الدخول في حالة نكران رغم معرفة الشخص الذي يواسيه أن الحدث كبير».

للخير وللشر
تقول الإماراتية نجيبة الرفاعي، الاختصاصية الاجتماعية: «إن كلمة «عادي» ومثيلاتها تنبثق من مفهوم الخير والشر، إذ يمكن للإنسان استخدامها لتعزيز موقف إيجابي لشخص ما، أو في تبرير أشياء بعيدة عن ديننا وأخلاقنا».. مضيفةً: «من يكرر هذه الكلمات لا يتقبل النصيحة بسهولة، لذا يجب التعامل معه بذكاء ولين؛ لتنبيهه على أخطائه».

مضمونها سامّ
ترى الدكتورة النفسية اليمنية، هنادي ربحي، أنه رغم كون كلمة «عاديّ» صغيرة بحروفها، لكن مضمونها سامّ، فقد زرعت فينا عشق الهروب من مسؤوليتنا المجتمعية، وأضافت: «العالم الجديد يسعى لتحويل الإنسان إلى كائن استهلاكي بحت لا يفكر إلا بجمع المال؛ ضارباً بعرض الحائط مبادئ الحلال والحرام، فأضحى يكرر كلمة «عادي» التي أفقدتنا الشعور بطعم كل شيء، لذا على الأسرة أن تلعب دوراً بنّاءً في توعية أبنائها منذ الصغر بمسؤوليتهم تجاه المجتمع».

استبيان «سيدتي»
أجرت "سيدتي" استبياناً شمل 100 شخص من مختلف الفئات العمرية، لمعرفة مدى استخدامهم لكلمات مثل «عادي» و«لا يهم» وما يشابههما في حياتهم اليومية.
وجاءت النتائج كالآتي:
75 % يرددون كلمة عادي يومياً.
20 % لا يرددونها باستمرار.
5 % لا يرددونها نهائياً.


هل تعتقدون أن عبارات اللامبالاة تفقدنا شيئاً من إحساسنا بمن حولنا؟.. طالعوا المزيد في عدد "سيدتي" الحالي 1799.