تجار الأعشاب يبيعون الوهم لمرضى السكري

4 صور

«الغرقان يتمسك بقشّة» هذا هو الوصف الملائم لمرضى السكري الذين سحبهم اليأس لتصديق معالجي الأعشاب ممن يدَّعون علاجه للأبد، فأُم حاتم، وأم الرضاء، والشيخة أم خضر، وأبو مريم، وأبو سامر وغيرهم من الأسماء لحسابات تبلغ أعدادها الآلاف في مواقع التواصل الاجتماعي الذين يعرضون من خلالها مهاراتهم الكاذبة من خلال وصفات لا يفصحون عن مكوناتها من باب السريَّة، ويبيعون الوهم لهؤلاء المرضى، والتي للأسف راح ضحيتها كثيرون.


حالات وفاة لمستخدمي الأعشاب
فمن الحالات التي علمت بها «سيدتي» مريض سكري في الخمسين من عمره تناول نوعاً من الأعشاب أصيب على إثرها بتقرحاتٍ في الأمعاء أدى إلى إصابته بنزيف حاد. وطفلة تبلغ من العمر 8 سنوات لديها سكري من النوع الأول تركت الأنسولين واستخدمت الأعشاب بديلاً فأدى ذلك إلى دخولها العناية المركزة. ورجل تجاوز الخمسين مصاب بالسكري أدى استخدامه للأعشاب إلى الإصابة بسرطانٍ في الدم. وحكت لنا أماني " ربة منزل " عمرها 30 عاماً، قصة ابنة خالتها التي تبلغ من العمر 35 عاماً وأصيبت بالضغط والسكري بسبب استخدامها لأعشابٍ أدت إلى وفاتها.


تجارة ونصب
ولكي تكشف «سيدتي» نصب هؤلاء، تواصلت مع عددٍ منهم، متخفية باسم مستعار مبديةً رغبتها بالحصول على علاج للسكري. الشيخ (خ. ش) معالج بالأعشاب الطبيعيَّة تواصلنا عبر رقمه الموجود في حسابه على «تويتر»، ووضحنا له رغبتنا بالحصول على علاج نهائي للسكري، فوضح لنا أنَّ لديه العلاج وهو يقوم بصنعه بمزج الأعشاب، يؤخذ منه لمدَّة شهر بمعدل مرتين يومياً، ويبلغ سعر التركيبة 500 ريال. أما (ب. ع) فأشترط علينا صلاة الاستخارة أولاً، ثم الالتزام بشروط الاستخدام لمدَّة 55 يوماً باستخدام تركيبته العشبية التي يقوم بصنعها والتي يبلغ سعرها 2500 ريال، كل ذلك من دون أن يسأل أحدهما عن عمر المريض أو تاريخه المرضي.


لا منافع تذكر للعلاج بالأعشاب
ووضح لنا الاستشاري ومدير مركز السكر، وعضو مجلس إدارة الجمعيَّة العلميَّة السعوديَّة للسكري، الدكتور خالد طيب، أنَّ مرضى السكري ليسوا بحاجة للبحث عن أعشاب للسيطرة على نسبة السكر بالدم وبخاصة في العصر الحيث لوجود أنواع من الأدوية الحديثة تمكنهم بإذن الله من السيطرة على مرضهم إذا استخدمت بطريقة جيدة وبالجرعة الكافية في الوقت المناسب، موضحاً أنَّ هناك أنواعاً مختلفة من الأدوية منها ما يزيد من افراز البنكرياس ومنها ما يعمل على تحسين فعالية الأنسولين في خفض نسبة الدم إضافة إلى نوع حديث يعمل على زيادة اخراج السكر في البول، كما يوجد الأنسولين الذي يسيطر على سكر الدم بعد الوجبات أو في حال الصيام.


وعن الأعشاب فقد بيّن أنَّه لم يثبت بطريقة علميَّة وجود نوع يمكن أن يكون له أثر فعال في علاج مرض السكري، خاصة النوع الأول، الذين لا يمكن علاجهم إلا بالأنسولين وحياتهم تعتمد على ذلك، وهم سيتعرضون لمضاعفات شديدة تصل إلى الوفاة إذا تركوا تناول حقن الأنسولين، أما مرضى النوع الثاني الذين يمكن علاجهم بالأقراص فعليهم البحث عن الطبيب المختص ليختار لهم نوع العلاج الجيد، لأنَّ ترك العلاج يعرضهم إلى ارتفاع سكر الدم الذي لو ترك مدة طويلة فسيؤدي للغيبوبة، ولا منافع يمكن ذكرها للعلاج بالأعشاب.


وعن سبب لجوء بعض مرضى السكري للعلاج بالأعشاب هو الفشل في السيطرة على نسبة السكر بالدم، لكن الحقيقة أنَّ فشلهم في ذلك ليس بسبب عدم فعالية الدواء، بل غالبا بسبب عدم التزامهم بالنظام الغذائي أو الاستخدام غير الصحيح للعلاج.


التقصي والقبض على تجار الأعشاب بـ«تويتر» و«انستغرام»
وفيما يخص كيفيَّة تعامل هيئة الغذاء والدواء مع مدعي العلاج بالأعشاب الطبية كون بعضها قد يؤدي إلى الوفاة، توجهت «سيدتي» إلى المدير التنفيذي للتوعية والاعلام للهيئة العامة، الصيدلي عبد الرحمن السلطان، الذي وضح بدوره أنَّ الهيئة تعمل على ملاحقة مروجي الخلطات العشبية مجهولة المصدر والتركيب, عبر مفتشيها في مناطق المملكة المختلفة, ويتم التنسيق مع وزارة الداخلية ووزارة الشؤون البلدية والقروية, من خلال زيارات دورية لمحلات العطارة, للتأكد من خلوها من بيع تلك الخلطات غير المسجلة والمجهولة, والقيام بمصادرة ما يوجد من مواد مخالفة وإيقاع العقوبات المحددة.


كما أنَّ الهيئة العامَّة للغذاء والدواء تقوم بالمتابعة والتقصي لمروجي الخلطات العشبية المجهولة في وسائط الاتصال الاجتماعي مثل «تويتر» و«انستغرام», ويتم عبر التنسيق مع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات لإغلاق هذه الحسابات وملاحقة المروجين, وأيضاً تنظيم حملات توعية للجمهور بأخطار الخلطات العشبية وضررها الكبير على الصحة العامَّة وعلى الوظائف الحيويَّة لجسم الإنسان.