حصرياً من جدة.. لماذا هربت نورة من منزل أسرتها؟

8 صور

نورة المغربي، طفلة لم تتجاوز الاثني عشر عاماً، تدرس بالصف السادس الابتدائي، هربت من منزل الأسرة أكثر من مرَّة، إحداها من المدرسة بمساعدة بعض زميلات دراستها، والثانية هروبها من المنزل ليقف والداها حائرين لا يعرفان كيف يتصرفان ولمن يلجآن.
«سيدتي» التقت والدي نورة لمعرفة تفاصيل هروب نورة والتعرف إليها أكثر.

سألنا أولاً الوالد: حدثنا عن أطفالك وحياتكم كأسرة، وكيف هي أوضاعكم؟
الأب: لدي 5أطفال، نورة هي أصغر بناتي وتبلغ من العمر 12 عاماً، هربت ثلاث مرَّات وتم تحويلها لدار الرعاية للفتيات بمنطقة مكَّة في المرَّة الثانية لمدة يومين، أنا أحبها كثيراً، وقبل هروبها هذه المرَّة كانت تلتقط معي الصور وتركتها وذهبت لغرفتي لأخذ قسط من الراحة، لكن لحظات وجاءتني أمها لتخبرني بأنَّ نورة ذهبت.


لماذا لم تعرض ابنتك نورة على اختصاصي نفسي؟
أوضاعي الماديَّة ضعيفة نوعاً ما، ولدي ابنة أخرى مريضة وأراجع بها المستشفيات، وليس لدي الوقت ولا المال الكافي للجوء للاختصاصيين النفسيين، لكن هناك بعض الخلافات الطبيعيَّة التي تحدث بين نورة وإخوانها بحكم أنَّها الأصغر في المنزل.


صدمة الوالدة
وسألنا والدة نورة: ما هو شعورك عندما علمت بهروب ابنتك، وكيف تصفين علاقتها بإخوانها؟
الأم "أنا مصدومة مما حدث، لقد ربينا أبناءنا على الحبِّ والحنان بقدر استطاعتنا، ولا توجد مشاكل بيننا في المنزل، فزوجي يحبني وأنا أربي أبنائي على الحبِّ والحنان، وابنتي مرحة وتحبُّ الضحك والكلام، حتى في يوم خروجها آخر مرَّة كانت تتبادل الضحك مع والدها، وقبل خروجها أخبرتني أنَّها ذاهبة للبقالة أسفل المنزل، فظننت أنَّها ستأخذ شيئاً سريعاً ثمَّ تعود، أما علاقتها بإخوانها فجيِّدة وليست هنالك مشاكل بينهم".


وهل زرتها في المدرسة، خاصة بعد هروبها في المرَّة الثانية؟
الأم "بالفعل لقد قمت بالذهاب للمدرسة؛ لأعرف كيف تتعامل المعلمات والطالبات مع ابنتي، وأثناء فترة الاختبارات كنت أتكفل بتوصيلها إلى المدرسة وأخذها بعد الاختبار، وبعد هروبها تم التحقيق مع الطالبات، اللاتي هربن معها، ورغم ذلك لم أحاول نقل ابنتي لمدرسة أخرى حتى لا تتأثر نفسيتها بالبعد عن زميلاتها، إلى جانب أنَّ عمليَّة النقل في المدارس الحكوميَّة صعبة جداً".


نورة نادمة
كما التقت «سيدتي» نورة، التي أبدت ندمها على فعلتها ووعدتنا، بألا تكرِّر ما حدث أبداً، وبرَّرت ما قامت به بأنَّها كانت تريد الاستمتاع بالخروج، وتنصح جميع من هنَّ في مثل عمرها بعدم الخروج من المنزل إلا بصحبة أهلهم والاستئذان منهم قبل الخروج.
كما أبدت روان المغربي أخت نورة استياءها مما فعلته أختها وزميلاتها، وأنَّه ليس هناك مبرر لقيامهنَّ بتلك المغامرة غير الجيدة، وأيدتها الأخت الأخرى رزان بقولها: ما قمن به غير صحيح وأنَّها تستنكر مثل هذه الأفعال.


الرأي النفسي والسلوكي
قالت الدكتورة مها حريري، المتخصصة في الطب النفسي السلوكي، التي تابعت حالة نورة وأسرتها بنفسها في محاولة لتعديل سلوك الطفلة، حول حالة نورة المغربي، "نورة طفلة ذات شخصيَّة اندفاعيَّة، وأصحاب هذه الشخصيَّة يسلكون السلوك ثمَّ يفكرون فيه هل هو إيجابي أم سلبي، وعادةً تأخذ الشخصيَّة الاندفاعيَّة من صفات النرجسيَّة ولديها نوع من الأنانيَّة، والتأثيرات الخارجيَّة، بالإضافة لزميلات المدرسة كلها تعتبر مسببات لمشكلتها، ناهيك عن الحرمان بحكم ظروف الأسرة الماديَّة، وهذه الطفلة تريد أن تعيش مثل أقرانها، لكن لابد من عمل اختبار نفسي لها لمعرفة الدوافع التي جعلتها تسلك مثل هذا السلوك". وأوضحت الحريري أنَّه لإيقاف مثل هذا السلوك لا بد من تكاتف جهود وسائل الإعلام والأسرة والمدرسة وترابطها كافة مع بعضها البعض لتقدِّم الحل لمثل هذا السلوك النابع من الاحتياج المعنوي، مع توضيح أنَّ حل المشاكل وإشباع الرغبات لا يكون بالهروب من الأسرة أو المشكلة.


كما لابد من توعية المراهقين والأطفال وتعليمهم كيفيَّة إشباع رغباتهم تحت ضوابط الأسرة والمجتمع، ولا بد من توفر مفهوم الضبط الذاتي، وأنَّ أي سلوك سيصدر من هذا الطفل أو المراهق سيكون بناء عليه عقاب مناسب لهذا السلوك، وتنصح الدكتورة مها الأسر بأهميَّة الوعي بأنَّ الطفل في مثل هذا العمر يكون قد بدأ بتكوين كينونته الخاصة به، والتي لا بد من احترامها واحتواء هذا الطفل، وفي حال ما إذا كانت طلبات الطفل من أسرته لا تتناسب مع وضع الأسرة الاجتماعي أو المعنوي أو المادي، فعلى الأسرة توضيح مبرِّرات الرفض، كما يجب زرع القيم التربويَّة منذ مرحلة الطفولة، وليس الانتظار حتى يصل الطفل لمراحل متقدِّمة؛ لأنَّ الطفل لن يتقبل التغيير المفاجئ.