هل يمكن أن نكون أصدقاء بعد الطلاق؟!

4 صور

يصعب على الكثيرين في مجتمعاتنا استيعاب لماذا لا يتم الفراق بهدوءٍ وسلام مع ضمان حياة متوازنة حتى بعد الطلاق، هل ممكن أن نكون أصدقاء بعد الطلاق؟ «سيدتي» تطرح السؤال وتستمع للأجوبة...

تقول خديجة «49 سنة» مطلقة: «الصداقة تكون أصلاً في الزواج؛ فإن اختفت في الزواج، كيف لها أن تحدث بعد الطلاق، أنا شخصياً لا أستطيع أن أكون صديقة طليقي؛ لأن سبب افتراقنا جرح لا يندمل، وقد اخترت أبغض الحلال لكيلا تؤلمني جراحي كل يوم، الصداقة بعد الطلاق وهم في تقديري».


«رغم الجراح، لا بد من الحفاظ على الصداقة بعد الطلاق؛ من أجل الأطفال» كان هذا هو رأي خميسة التازي «44 سنة»؛ فتقول: «تجاوزت آلامي، وأصبح طليقي مثل أخي، وأناديه فعلاً بكلمة (أخي)؛ لأنني رغم كل شيء مضطرة للتعامل معه من أجل ابنتينا؛ بل إن تعاملي الجيد يحرجه، لكني فعلاً فصلت بين حياتي السابقة والحالية، وهو أيضاً تزوج من جديد، وعلاقتنا مبنية على كثير من الاحترام».


بينما ترى فتيحة حازم «53 سنة»، أن قرار الطلاق صعب جداً على الطرفين؛ فتقول: «حكّمت عقلي واخترت الرحيل عن زوج لم أتمكن من التواصل معه، لكني حافظت على صداقتي به، بل وأصرّ عليها، فأنا ضد المشاحنات والتصرفات الصبيانية بعد الطلاق، أخذنا القرار معاً، واتفقنا أن نظل أصدقاء وإخوة، ونفذنا ذلك».

كل شيء ممكن
أما فاطمة الخديري «أخصائية تجميل»، فأكدت أن «الصداقة ممكنة بعد الطلاق؛ فزمن أجدادنا ولّى ومضى، نحن في زمن آخر، وعلينا مواجهة الأمور بعقلانية بعيداً عن سوء النية، سواء كان هناك أطفال أم لا، وتؤكد أن من يتتبع السيرة النبوية وقصص الصحابة والسلف، يجد حالات طلاق متعددة قد حدثت في ذاك الزمن الذي لم يكن الطلاق يندرج فيه تحت أي انتقاد اجتماعي؛ بل كان حلاً ضرورياً، ولا أقصد هنا صداقة تجمع الطليقين خارج نطاق الاحترام؛ بل بالعكس صداقة من أجل التعامل الجيد وحفظ العشرة بين الطرفين».


ورغم بُعد المسافة، يحرص «جليل»، رجل أعمال، على الاتصال بطفليه خمس مرات في الأسبوع، ولا ينكر في ذلك فضل طليقته التي يعود لها الفضل في إنجاح علاقته بأبنائه، بعيداً عن كل ما يعكر صفو الحياة بينهما، ويرجع «جليل» نجاح العلاقة إلى كون زوجته فرنسية، ولها تصرف حضاري.


أما «عبدالمؤمن»، حارس أمن، فيحكي كيف تحولت حياته إلى جحيم بعد الطلاق؛ فيقول: «حرّضت أبنائي ضدي، كلما حاولت الاتصال بهم، إما يغلقون خط الهاتف في وجهي، وإما يطالبونني بمبالغ مالية، مع أنهم يعلمون مسبقاً أنني قد فقدت عملي بسبب والدتهم»، محال أن يكون هناك حوار بيني وبينها؛ فكيف ستكون هذه الصداقة؟
 

الرأي النفسي
ترى «بشرى المرابطي»، أخصائية نفسية وباحثة في علم النفس الاجتماعي، أن مسألة التعايش بين المطلقين في غياب الأطفال، هي حالة نادرة في المجتمع لعدد من المعايير الاجتماعية التي لا تجد أدنى مبرر لإقامة هذه الصداقة، كما أن المرأة التي سيتزوجها الطليق، وكذلك الرجل الذي ستتزوجه الطليقة، سيعتبران الطرف الآخر مهدداً للعلاقة؛ لوجود احتمالية لاستيقاظ العواطف، وبالتالي رجوعهما إلى بعضهما البعض هو أمر وارد.


لكن نجد في بعض الحالات استمرار العلاقة بين المطلقين؛ خاصة لدى بعض المثقفين أو بعض الإعلاميين والفنانين؛ لأن ما يجمعهم مرجعيات فكرية أو أحياناً أخرى مشاريع مهنية، وتضيف: «الزواج هو مؤسسة هويتها (الامتداد)؛ فحين تفرز العلاقة أبناءً، يتحول هؤلاء إلى مشروع وجودي، مسؤولية تحقيقه تلقى على عاتق الأبوين؛ لذلك فالطلاق ينهي العلاقة الحميمية والعلاقة العاطفية، مع الإبقاء على الأبعاد الأخرى، وهو ما يستوجب على الطليقين ضرورة التواصل والتفاهم حول كيفية تدبير الطلاق، لكيلا يقع الأبناء ضحية عدد من الانحرافات.

كيف ينجح الطلاق؟
تقول الدكتورة «بشرى المرابطي»: هناك ثلاث ركائز أساسية للطلاق الناجح:
- استيعاب الأسباب المقنعة التي تبرر الانفصال كحل وحيد.
- درجة الصراع قبل إجراء الطلاق وبعده.
- مدى نضج الوالدين في إدراك الدور الأساسي لتوفير الأمن النفسي والاقتصادي للأبناء.