السقوط الأول

محمد فهد الحارثي

لماذا تسقط في أول اختبار؟ كيف تتضح الصورة وتنكشف الحقيقة بكل أبعادها في لحظة واحدة؟ فجأة أدركت أن ما كنت أعتقد أنه الرهان الذي أطمئن إليه، هو الخصم الذي لم أعلم. كيف يعطينا الزمن فرصة أن نكشف الأشياء على حقيقتها من دون ألوان الخداع والأقنعة والعبارات المنمّقة؟

لست متألماً للحدث بذاته فهو صفحة عابرة في كتاب، بل ما يحزّ في نفسي كيف ننخدع بالأشخاص. هل هي سذاجة منا، أم قصر نظر، أم عدم دراية في تقييم الأشخاص؟ قاسٍ هذا الفرق بين الأصل والصورة، بين الظاهر وبين ما يبطن، بين ما نعتقد وبين ما هو واقع.

الأشخاص الذين يعيشون على الحقد والتشفي واصطياد الأخطاء هم أناس بائسون محرومون من أبسط أنواع السعادة. يشقون في حياتهم بأنفسهم وهم أكبر أعدائها. وتتساءل لماذا يذهبون للحد الأقصى في الأشياء. لماذا يختارون الطرق الجارحة، وهم في حِلٍّ منها.

من جماليات الحياة أنها تقودنا من دون تخطيط لمعرفة خفايا الأشياء ومن دون جهد منا، وعندما تصدمنا الأشياء بحدتها. نعود إلى رصيدنا الداخلي؛ لنغرف من مخزون التسامح. نتغاضى عن الأخطاء ونقلب الصفحة. الوقوف على الجروح يُدميها أكثر، بينما محاولة التسامح تريحنا وتُبقي الخيوط الأخيرة قائمة.

في هذه اللحظة اتخذت قراراً بأن ما حدث كان عبارة عارضة بين قوسين، لا تستحق التوقف عندها. واقتنعت أننا عندما نسامح فإننا نكسب أنفسنا. وكم هو العمر حتى يضيع في الحسابات والعتاب. قلبت الصفحة، واستندت إلى نعمة النسيان. فكل الأشياء التي نعتقد أنها سلبية لها وجه آخر إيجابي. وأنا، بكل انتهازية، أستغل نعمة النسيان؛ لأتجاوز وأتسامى، وأحتفظ بصورك الجميلة.

اليوم الثامن:

منْ يسقطون في الاختبار أعطِ لهم العذر

فربما تقييمك في الأساس كان خاطئاً..

أو أن الزمن ظلمهم فانقلبوا على الأقربين

@mfalharthi