شخصية «جحا» وبعض طرائفه الشهيرة

إحدى الرسومات لشخصية جحا
جحا
رسم لجحا وحماره
جحا وحماره
4 صور
جميعنا سمعنا عن نوادر جحا، تلك الشخصية الفكاهية التي انتشرت في الكثير من الثقافات القديمة، ونسبت لشخصيات عديدة عاشت في عصور ومجتمعات مختلفة، ولعل أقدم قصص جحا تعود للأدب العربي، إذ نسب جحا إلى «أبوالغصن دُجين الفزاري»، الذي عاش نصف حياته في القرن الأول الهجري ونصفها الآخر في القرن الثاني الهجري، فعاصر الدولة الأموية، وبقي حيًا حتى حكم الخليفة المهدي، وقضى أكثر سنوات حياته التي تزيد على التسعين عامًا في الكوفة، اختلف فيه الرواة والمؤرخون، فتصوّره البعض مجنونًا، وقال البعض الآخر: إنه رجل بكامل عقله ووعيه، وإنه يتحامق ويدّعي الغفلة؛ ليستطيع عرض آرائه النقدية والسخرية من الحكام بحرية تامة.
وما إن شاعت حكاياته وقصصه الطريفة حتى تهافتت عليه الشعوب، فكل شعب وكل أمة على صلة بالدولة الإسلامية صمّمت لها جحا خاصًا بها، إلا أن شخصية جحا المغفّل الأحمق وحماره لم تتغيّر، ونجد الطرائف الواردة في كتاب «نوادر جحا» هي نفسها لم يختلف فيها شيء سوى أسماء المدن والملوك وتاريخ وقوع الحكاية، وقد استهوت البعض فكرة وجود شخصية ظريفة ومضحكة في الأدب الشعبي لدى الأمم الأخرى لنقد الحكام والسخرية من الطغاة والظالمين، وهكذا نجد شخصية «نصرالدين خوجه» في تركيا، و«ملة نصرالدين» في إيران، و«غابروفو» جحا بلغاريا المحبوب، و«أرتين» جحا أرمينيا صاحب اللسان السليط، و«آرو» جحا يوغسلافيا المغفل، هي نسخ لجحا العربي.
من نوادر جحا:
- الحمير: كان جحا راكبًا حماره حينما مر بالقوم، وأراد أحدهم أن يمزح معه، فقال له: يا جحا، لقد عرفت حمارك ولم أعرفك، فقال جحا: هذا طبيعي؛ لأن الحمير تعرف بعضها.
- «هاتها تسعة ولا تزعل»: رأى في منامه أن شخصًا أعطاه تسعة دراهم بدلاً من عشرة كان يطلبها منه، فاختلفا، ولما احتدم بينهما الجدال، استيقظ من نومه مذعورًا، فلم يرَ في يده شيئًا، فتكدر ولام نفسه على طمعها، ولكنه عاد، واستلقى في الفراش، ونزل تحت اللحاف، ومد يده إلى خصمه الموهوم قائلاً: «هاتها تسعة ولا تزعل».
- نواة البلح: رأته امرأته يأكل تمرًا ولا يخرج نواه، فقالت: ماذا تصنع؟ كأني أراك تأكل التمر بنواه، فقال لها: طبعًا آكله بنواه؛ لأن البائع وزنه مع النواة، ولو أخرج نواه لما باعه بسبع بارات، أما وقد أعطيته الثمن «دراهم بيضا»، فهل أرمي في الزقاق شيئًا اشتريته بدراهمي؟
- بيت جحا: مر جحا يومًا بجنازة، وكان ابنه معه، وفي الجنازة امرأة تولول وتقول: الآن يذهبون بك إلى بيت لا فراش فيه ولا غطاء ولا خبز ولا ماء، فقال ابن جحا: والله يا أبي إنهم يذهبون إلى بيتنا.
- ضاع الحمار بمفرده: ضاع حماره، فأخذ يفتش عنه ويحمد الله شاكرًا، فسألوه: لماذا تشكر الله؟ فقال: أشكره؛ لأنني لم أكن راكبًا على الحمار، ولو كنت راكبًا عليه، لضعت معه.
- الخجل: شعر جحا بوجود لص في داره ليلاً، فقام إلى الخزانة واختبأ بها، وبحث اللص عن شيء يسرقه، فلم يجد، فرأى الخزانة، فقال: لعل فيها شيئًا، ففتحها وإذا بجحا فيها، فاختلج اللص، ولكنه تشجع، وقال: ماذا تفعل هنا أيها الشيخ؟ فقال جحا: لا تؤاخذني، فإني عارف بأنك لا تجد ما تسرقه، لذلك اختبأت خجلاً منك.