العمر الجميل

أميمة عبد العزيز زاهد

 أشد أزمة تمر بها المرأة، هي مرحلة ربيع العمر وليست مرحلة خريف الحياة كما يظن البعض، وهي مرحلة من أهم المراحل التي تمر بها المرأة؛ لأنها مرحلة حرجة مليئة بالتغيرات النفسية والاضطرابات الجسدية التي تحدث في هذا السن، وقد تؤثر على نفسية المرأة؛ حيث تحتاج إلى من يدعمها، وللمحيط الاجتماعي دور مهم في منحها الثقة بالنفس، ولكن يجب أن يكون انطلاقًا من ثقة المرأة بنفسها، وشعورها بأنه شيء طبيعي يحدث للإنسان بمرور الزمن، ومع الأسف لاتزال مرحلة منتصف العمر غامضة بالنسبة إلى معظمنا؛ فنحن لا نعرف الكثير عن تأثيرات تغير مستويات الهرمونات على أدمغتنا وعظامنا وقلوبنا ومقاومتنا للكثير من الأمراض، وعما يجب علينا القيام به إزاء ذلك، ولكن نتيجة ثقافة الانفتاح وازدياد التوعية بشأن أهمية الصحة الجيدة في كل مراحل الحياة، وأشارت الأبحاث إلى أن النساء اللاتي يعرفن ما يجب أن يتوقعن، يتخطين سنوات منتصف الحياة بسهولة أكبر؛ فهي مرحلة حاسمة تقرر فيها بنفسها نوعية حياتها، إما في سعادة أو شقاء، وعليها أن تقبل التحدي ومواجهة هذه المرحلة بذهن واع وقلب سليم، وأن تقنع نفسها بأنها سنوات النضج، وأنه لا توجد امرأة مهما طال بها الأمد ستبقى شابة؛ لأن المسألة نسبية والشباب حالة ذهنية، وفي يد أي امرأة تعرف كيف تكون سيدة أيامها لا ضحيتها.

قرأت أن العمر الجميل هو ‏عمر الأمل الذي ‏لا يقاس بلون بياض الشعر ومشيبه، ولا تحكمه ملامح الوجه التي تغيرت ‏هناك قسمات على الوجوه، ترسم خارطة طريق رائعة لزمن قديم ‏يقول لك كبرت، قل لهم ‏سعيدٌ أنا بالمرحلة الجديدة مرحلة التأمل، مرحلة الارتياح، مرحلة الذات.

وقد رفض الدكتور محمد المهدي وكثيرون غيره، مصطلح سن اليأس تمامًا، وقال إنها كلمة تبعث بمفردها على الاكتئاب، إنها مرحلة عمرية طبيعية تمر بها أي امرأة، وليست مرحلة مدانة على الإطلاق، وعلى كل سيدة أن تتقبل تلك التغيرات، وتنظر إليها كمرحلة جميلة تخلصت فيها من أعباء الحمل وتربية الأطفال؛ فهي تعتبر مرحلة قطف الثمار، ومن وجهة نظري، لن تصبح تلك المرحلة مشكلة للمرأة المتصالحة مع نفسها، والتي تنبذ فكرة انتهاء صلاحيتها كأنثى، إنها مرحلة طبيعية يترافق فيها النضج الفكري مع قوة الشخصية ووفرة المعلومات والخبرات، وتكون المرأة في هذه المرحلة، أكثر صلابة على الصعيد الاجتماعي والنفسي، أما بالنسبة للتغيرات الشكلية؛ فهي أمر حتمي ولا يمكن أن تتجاهله أو تنكره؛ فأي امرأة في العالم، ستفقد في يوم ما شبابها ونضارتها، وتبدأ التجاعيد تغزو وجهها وجسدها، ولكن ستظل هناك علاقة حب قوية وعميقة بينها وبين زوجها وأبنائها وكل من حولها، ولن تتأثر علاقتها بهم مع تلك التغيرات الشكلية،‏ ويمكن للمرأة أن تحافظ على رونقها بشكل دائم، عبر الثقة بالنفس والتفاؤل بالحياة وممارسة الرياضة والمحافظة على مستوى غذائي متوازن وصحي، وفي النهاية يبقى الجمال هو جمال الروح..