حلال عليك وحرام عليّ

أميمة عبد العزيز زاهد

 قالت: ترى هل تفكر فيما تفعله بي؟ وهل تحاسب نفسك على أقوالك وتصرفاتك معي؟ هل تشعر أنه الوضع الطبيعي والمتعارف عليه والمفترض الذي تعامل به حبيبتك وزوجتك؟ يعني، هل هذا هو الوضع الطبيعي لنظام تشغيل عمل عقلك وقلبك وجوارحك؟ هل حقوقك حلال عليك، وحقوقي حرام عليّ؟

سبحان الله، كل ما يخصني تراه ليس من حقي وتستخف به ولا أستحقه، وكل ما يخصك هو من كامل حقوقك وكأني مسخرة لك ولطلباتك واحتياجاتك.

هل تحاسبني على أتفه الأمور وعلى أخطاء لم أرتكبها وتصمت وبعدها تغضب وتعاتب، دون أي احترام لوجهة نظري في تبرير تصرفي، في حين أنك لا تشعر بأخطائك وتجاهلك وإهمالك.

طوال الوقت أتمنى أن أتخذ قراري بالابتعاد عنك بسبب أنانيتك التي لا تشعر بها، ولم تعترف أصلاً بتقصيرك، وحتى عندما أواجهك، لا تريد أن تعترف بأخطائك، لم أسمع منك يومًا كلمة اعتذار أو شعور بالندم؛ بل على العكس، دائمًا أخطاؤك لها مبررات مغفورة بالنسبة لك؛ فأي أمر يخصك، ترى فيه جرحًا لك، وهذا وضع طبيعي لو كنت تشعر بجراحاتك التي فعلتها بي، وكأن الألم حلال عليّ وحرام عليك.

وتصور لك شخصيتك النرجسية، أن كلامك وتصرفاتك هي القمة، وأنك العالم ببواطن الأمور وظاهرها، وأن أراءك وتحليلاتك ونظرتك دائمًا على حق وفوق الجميع؛ فالكل من حولك لا يفهم كما تفهم أنت، ولا يعرف كما تعرف أنت؛ فأنت إذا قلت، انتهى الأمر، والأدهى من ذلك أنك لا تعترف بإيجابياتي ولا تبوح بحسناتي؛ بل تصمت صمت الحملان؛ فلا تعبر عن مشاعرك ولا رأيك، ولماذا؟ لأنها من وجهة نظرك أمر طبيعي؛ فلم تنوه عنها؟ وفي نفس الوقت لا ترى إلا العيوب؛ بل أحيانًا تخترع الصفات والنعوت من وحي أفكارك لتوهمني وتشعرني بأني أقل منك فكرًا وثقافة وعلمًا، وحتى إنسانيًا؛ حتى أصبحت يومًا بعد يوم أفقد بداخلي القدرة على مواصلة النقاش والحوار معك، وأضطر أن أجاري الطاووس الذي يعيش بداخلك؛ لأني متأكدة بأني لن أصل إلى نتيجة للحوار معك غير ما تراه أنت.

أما عن ظروفك ومشاكلك التي لا تنتهي، والتي يجب أن أتحملها بصمت وصبر إلى ما لا نهاية، لم تكن تشعر بأني أبذل أي جهد وأحاول أن أهون عليك وأخفف عنك، ولكن ماذا عني؟ وما هو دورك معي؟ وما الذي قدمته أو فعلته، أو حتى حاولت أن تخفف فيه عني؟ أو لست أنا إنسانة أحتاج إلى ما تحتاجه أنت؟ أو من وجهة نظرك، الراحة حلال عليك وحرام عليّ؟

آلاف المرات شرحت لك، وبكل عقلانية ومنطق عن المفترض أن نكون عليه لتستقر حياتنا، ولكني دومًا أخرج من الحوار لأجد نفسي في وادٍ وأنت في وادٍ آخر؛ لتجبرني في النهاية بطريقة غير مباشرة، أن أتحمل؛ لأن ثقتك صورت لك بأني لن أتمكن من الاستغناء عنك، رغم أنك أنت مهمش وجودي، وأنا في حياتك معادلة صعبة وغريبة..