مسابقة القصة الفكاهية: الموظف الكحيان!

من القصص الفكاهية المستوفاة لشروط مسابقة «سيدتي» للقصة الفكاهية القصيرة، نقدم لكم قصة: «الموظف الكحيان» لأشرف عمر. مع العلم أن القصص لم تخضع لأي تصحيح، عدا التصحيحات اللغوية والإملائية، على أن تقوم لجنة الجائزة باختيار الأصلح بينها.

انزعجتُ من صمتْ أختي (سهام) لعدة أيام حينما أشارت عليَّ بخطبة زميلتي (نرجس)، والواقع أن نرجس زميلة جامعية لي وتخرجنا معنا، وبالمصادفة التحقنا بالعمل بإدارة نفس الجامعة التي تخرجنا فيها، وتوثقت علاقتنا عندما توظفنا، ونرجس إنسانة رشيقة أنيقة لطيفة وعلى خلق وقدر من الجمال، وهي ذات صفات يتمناها أي رجل في شريكة حياته، وربما تزيد عني في المستوى العائلي، ولكنها إنسانة متحضرة متفتحة مما لمستُ من تعاملها معي، فهي تتعاون معي في تغطية إحدانا للآخر في الغياب أو التأخير عن العمل! وفي إحدي زيارات أختي الكبرى سهام لي في عملي تعرفت على نرجس وصارتا صديقتين، وأخيرًا قررتُ أن أعرف الرد الواضح على موضوعي فرُحتُ على منزل أختي، وقابلني بترحاب يسين زوج أختي، وقد رأيتُ وجومًا وسكوتًا في وجه (سهام)، ولكن النتيجة كانت غير واضحة لي فسألتها:
- إيه الأخبار!؟
- الأفضل أن تصرف نظر عن خطبة نرجس!
- نعم!؟
كان ردًا صادمًا لي، فكل الدلائل تشير لانجذاب نرجس لي فماذا حدث!؟ وأضافت سهام:
- كل شيء قسمة ونصيب وإن شاء الله يعوضك أفضل منها!
ولم يرتح لي بال حتى أعرف الرد الواضح من نرجس التي صارت تبتعد عني وتتجنب مقابلتي، وتوقعت أنه ربما صار شيء ما مع أختي، أو ربما تريد نرجس أن تتأكد من حبي لها، وتربصت لـ نرجس وفي لحظه عابرة فاتحتها مرة أخرى بتقدمي لخطبتها، فأجابت نرجس قائلةً
- عندما يهملني النصيب سألجأ إليك يا رفيق.! وسألتها:
- لا أفهم!
- قالت: أنت موظف «فقير»، وأنتم أسرة على قدر حالكم مثل حالنا.! وطموحي أكبر من ارتباطي بموظف «كحيان».!! هههه!
قالتها هكذا بأسلوب هازئ وضحكتْ وتركتني وحيدًا حزينًا.
كان ردًا جافًا غير متوقعًا وكأنها غمستْ (سكينًا) في صدري!
تألمت وحزنتُ واكتأبت فترة وكان لابد من نقل عملي لمكان آخر، وأُتيح لي فرصة سفر خارج الوطن، فغادرت البلاد للعمل بدوله أخرى، عملتُ وكافحت خارج الوطن لبضع سنوات، وعدتُ من سفري بناء على رغبة أمي لتفرح بي، وقد وفقتُ لاقتناء سيارة حديثة، وجهزتْ لي الأسرة مسكنًا أنيقًا للزوجية واستعدوا جميعًا لزواجي وللارتباط بابنة الحلال، ورشحوا عرائس جميلة، ووقع اختياري على (نشوى)، وكنت قد رأيتها صغيرة قبل سفري مع زميلتي بالعمل القديم (نرجس)!، وبالصدفة البحتة كانت زوجة المستقبل (نشوى) هي ابنة خاله حبيبتي القديمة «نرجس».! لا يهمني، ولكن المشكلة أن ترددي وبعض أقاربي على منزل أهل عروستي نشوى أحيانًا كانت في وجود نرجس أو أخواتها، ولم تتزوج نرجس بعد، ربما ما زال طموحها للارتباط بشريك غني لم يتحقق حتي حينه، وقد تعرضتُ طوال فترة خطوبتي من نشوى والتي لم تتعد شهران لمكائد ومغامرات نسائية عدائية كثيرة وطريفة من نرجس وأهلها، فـ ذات مرة وجدتُ بسيارتي طلاسم بكتابات غريبة، واكتشفت مرة تمزيق كبير بقميص أرتديه وقطع بطريقة مريبة، ومرة بحثتٌ بجيوبي فأخرجتْ شبكة وتميمة وأشياء مريبة وعجيبة!، وقالت عروسي نشوى إنها ترى أشباحًا مخيفة، وكُلما تم العزم والإعداد لعقد القران تحدث كوارث ونوائب في أحد بيوت أهالينا.! فكان هناك شبه فقدان أمل لزواجي من نشوى!، وخلصَ العالمون ببواطن مواضيع الكيد والسحر بضرورة ترك المنطقة والمدينة وعقد الزواج بعيدًا وبلا فرح.!، وفي سرية ورغمًا عن أنوف الكائدين تم زواجي بـ نشوي ومكثتُ مع عروسي بعيدًا في الإسماعيليه شهورًا قليلة وغادرتُ بعدها لبلاد غربتي، وفي أقل من شهر لحقتْ بي زوجتي عشنا وأنجبنا أولادنا واستغرقتنا مشاغل الحياة، وربما لا تزال الرفيقة نرجس تبحث عما يرضي طموحها وربما دائبة في الترددُ على السحّرّة والمشعّوذّين لا ندري.!