أوتار العنف

أميمة عبد العزيز زاهد

الكلمة الجارحة تذبح المشاعر بدون آلة حادة، وهناك العديد من الزوجات يتم قتلهن بالكلام والإهانات على يد أزواجهن، إنه العنف في أبشع صورة؛ بل إنها أزمة أخلاق؛ فمن غير العنف استطاع أن يدمر أسرًا ونفوسًا، مئات الزوجات تموت السعادة في أعماقهن، من أوهم بعض الأزواج بأن الصوت العالي يعني قوة الشخصية؟ ومن قال إن فرض الرأي يعني الرجولة؟ إن العدوان اللفظي، يؤدي في معظم الحالات إلى التعاسة والقهر؛ فحين يتطاول الزوج على زوجته بالسب والشتائم، وحين يتهجم عليها ويسب أهلها، لا أدري أين تكمن الرجولة في ذلك؟ هل يصب ضعف شخصيته وضيق أفقه وضحالة ثقافته في لسانه، ويعتبره سلاحه الوحيد؟ فعندما يصرخ الزوج في زوجته بأنها سبب قلقه وتوتره، ويطلب منها أن تخرج من حياته وكأن مدة صلاحيتها قد انتهت وأصبحت خارج نطاق الخدمة، ألا يعتبر هذا عنفًا؟ وعندما يكون الزوج سبب شقاء زوجته؛ فهو يعتمد عليها كليًا في كل الأمور؛ فهي من تدفع إيجار المنزل ومصاريف ومستلزمات المنزل، وحتى مصروفه الشخصي، وفوق ذلك يقسو عليها ويطالبها بالمزيد، وتتحمل الزوجة من أجل أبنائها، ألا يعتبر هذا عنفًا؟ وعندما تشعر الزوجة بكره زوجها لها؛ فجميع تصرفاته واضحة وتهديداته لها صريحة، ويخبرها بأن بقاءها معه فقط من أجل الأبناء، ألا يعتبر هذا عنفًا؟ وعندما يستمر الزوج في توجيه الإهانات لزوجته أمام الآخرين، ويتهمها بأن تصمت ولا تتفوه بكلمة لأنها لا تعرف كيف تتحدث أو تتحاور، وليس لديها ثقافة، أليس هذا عنفًا؟ وعندما تحمل الزوجة كل المسئوليات على عاتقها بكل حب ورضا وقناعة؛ لتمنح زوجها فرصة للنجاح أو الدراسة أو شق مستقبله، وفي النهاية وبعدما يحقق أهدافه يتركها ويتزوج غيرها؛ لأنه: لا ثقافتها ولا تعليمها ولا مستواها يتوافق مع مكانته التي وصل إليها، ألا يعتبر هذا عنفًا؟ وعندما يعتبر الزوج أن الإجازة بين وقت وآخر بالنسبة له أمر محسوم غير قابل للمناقشة ليواصل مشوار حياته، وليخفف عن نفسه من ضغط العمل، وليرتاح من مشاكل الأبناء، ويرى ذلك من كامل حقوقه، ولو احتاجت الزوجة للاستمتاع ولو ليوم واحد لتأخذ قسطًا من الراحة المؤقتة من عناء المسئولية؛ فيصبح ذلك من باب الرفاهية؛ فلماذا تحتاج لها؟ وما الذي ينقصها؟ فراحتها داخل بيتها معه ومع أبنائها؛ فهو لا يقبل أن تغيب عن المنزل حتى ولو عند أهلها، ألا يعتبر هذا نوعًا من أنواع القمع والعنف؟ وعندما يحرمها من ميراثها أو يستولي على راتبها، ألا يعتبر ذلك عنفًا؟ 

عندما يسهر الزوج طوال الليل خارج منزله ويعود ويوقظها من نومها لتمنحه حقه الشرعي، وعندما ترفض يتفنن في تعذيبها وضربها، وقد يطردها خارج المنزل، أليس هذا عنفًا؟ 

إنه عنف في التعامل اليومي، من بخل وسخرية واستهزاء واستهتار وتجاهل وشك وكذب وخيانة، وعلى المرأة ألا تسمح للعنف بأن يخترق حياتها، وأن تتعلم وتتدرب وتتقن وتعرف كيف تواجه العنف بجميع أنواعه، من عنف لفظي وجسدي ومعنوي واجتماعي ونفسي وفكري، وأن تكون لديها القدرة والشجاعة في الدفاع عن إنسانيتها وكرامتها، ولا تسمح لزوجها بأن يهزمها ويدمر نفسيتها وشخصيتها وسعادتها وحياتها..