«اتركوني وشأني».. عبارة قصيرة ماذا تخفي وراءها؟

تعددت الأسباب والنتيجة واحدة «اتركوني وشأني»، وهي عبارة ينطق بها الكثيرون؛ نظرًا لما يجدونه فيها من راحة وخصوصية وعدم تدخل، ومنهم من يستخدمها كظمًا للغيظ، حتى لا ينفجر في وجه من أمامه، فيفضل الوحدة حتى لا يخطئ بحق الآخرين، وغيرها من الأمور التي تناولتها مجلة «سيِّدتي» لتتعرف على المواقف المختلفة التي تستخدم فيها تلك العبارة، وذلك من خلال السطور الآتية:

أفضل الرحيل
عبرت ثناء عبدالله خياط، عن اهتمامها بالفكرة المطروحة قائلة: في بعض الأوقات أرى أن الانفراد بالذات علاجًا كبيرًا لحل عدة مشاكل، ولا أحب أن أرفع صوتي على أحد، وخصوصًا أهلي والأطفال؛ لأن هذا يؤثر فيهم سلبًا، والعصبية قد تضرني وتنزل من قدري أيضًا، لذلك في هذا الوقت أفضل أن أكون وحدي وأنفرد مع نفسي، حتى لا أفقد مكانتي عند أحد عزيز علي.

وللدراسة نصيب من الوحدة
وشاركت معنا بحماس وتفاعل شهد باوزير «19 عامًا- طالبة سنة تحضيرية في جامعة الملك عبدالعزيز»، حيث قالت: الوحدة ألجأ إليها في أوقات الغضب، حيث أفضل حينها أن أكون وحيدة تمامًا، وأبتعد عن اتخاذ أي قرارات، حتى لا أندم على اختلاطي مع الناس ومضايقتهم أو اتخاذ قرارات أتراجع عن تطبيقها، ومن المواقف الهامة التي أطلب فيها أن أكون «وحدي وشأني» في وقت المذاكرة، فلا أحب أن يتدخل أحد في طريقة مذاكرتي أو يعدل عليها، وأطلب من الجميع تركي بمفردي.

الوحدة تأمل وإبداع
وبالحديث مع ياسمين الغفري «23عامًا- طالبة في كلية الآداب» قالت: أحب كثيرًا أن أبقى وحيدة، فالوحدة ليست شيئًا سيئًا كما يتصور معظمنا، بل الوحدة تأمل وإبداع، فتراجعين ما فات من حياتك من أخطاء، وتحاولين ألا تقعي فيها، وأقول لمن حولي أن يتركوني وحيدة في وقت مشاهدتي للتلفاز، فلا أحب أن يشاهد أحد معي التلفاز، حتى يحلل ما أشاهده أو يجلس يقاطعني ويفصلني عن المشاهدة ويغير ما أشاهده إلى قناة أخرى حسب رغبته.

خصوصية
وعبر خالد البركاتي «29 عامًا- ممرض» عن رأيه قائلاً: من وجهة نظري تدل تلك العبارة على الاحترام والاتفاق والخصوصية، وتفوهت بتلك الجملة عندما استفسر شخص فضولي عن أشياء لا تعنيه، وتساءل: متى سأتزوج؟ وغيره كالذي يسأل عن الراتب مع العلم أنني لا أحب أن أتدخل في أشياء لا تخصني، وأتمنى من غيري أن يعاملني بالمثل.

أهمية وجود الناس
أما أمير مكي «22 عامًا- طالب في كلية الهندسة» فكان له رأي مختلف ومميز، حيث قال: لم أتخيل يومًا ما أنني أخبرت أحدًا عزيزًا على قلبي بعبارة «اتركني وشأني»، على عكس ذلك، أحب أن يكون أقرب الناس لي دائمًا بجانبي مساندين وداعمين في كل أمزجتي، سواء كانت فرحًا أم حزنًا.

شارك معنا المهندس عبدالعزيز حمود «28 عامًا» بالموضوع، وعبر عن رأيه قائلاً: كعادتي أنا إنسان هادئ قليلاً، وقليل الكلام، وأفضل أن أسمعك حتى تنهي حديثك، ثم أجيب، ودائمًا يكون المحيطون من حولي أقرب الأشخاص لي، فيا صديقي عندما تكون بجانبي، عليك أن تفهمني وتقدر وضعي، وتعرف متى تتكلم؟ ومتى تصمت؟ والوقت الذي تتركني فيه وشأني بمفردك من دون أن أطلب منك هذا، عندما يظهر علي فيها أنني أحتاج أن أكون بمفردي، فلأنفسنا حق علينا.


حق للجميع
وعندما أخذنا رأي الأخصائي النفسي منتصر نوح قال: عبارة «اتركوني وشأني» تندرج تحت توقف الاتصال الاجتماعي المؤقت، فلا أسميها وحدة أو عزلة، وكل واحد منا يحتاج دائمًا لتلك الوقفة، وأشجع دائمًا الأشخاص الذين يخصصون لأنفسهم وقتًا في يومهم، فذلك حق، وعلى كل شخص أن يريح نفسه ويجيب على أسئلة كثيرة يطرحها عقله وقلبه لتهدئة ذاته، حتى إذا كان يومه مليئًا بالمسؤوليات، فأبسط الأمور أن يخصص لنفسه وقتًا من إجازته حتى يحاول أن يستجمع كل الأحداث، ويرتبها بتأنٍ، ويخطط للقادم، ولا يحاول أن يقف عند نقطة معينة من دون حراك.

وأنصح كطبيب بالجلوس مع نفسك، سواء كان ذلك لساعة واحدة يوميًا تسرقها من الواقع وتحافظ بها على عقلك وصحتك وتريح بالك عن كل ما يعكر صفوك، وإذا كنت تعد خطة، يجب عليك أن تبقى أيضًا وحيدًا لبعض الوقت حتى تستطيع أن تخطط وتنفذ جيدًا، والمشاورة بين الناس مهمة، ولكن بعض الأمور تستحق أن تفكر فيها بمفردك وأن تضع كل قراراتك على عاتق مسؤوليتك.

العالم الافتراضي تغلب على وحدتنا
أما الأخصائية الاجتماعية آمال العجلان، فقد قالت: الآن أصبحت موضة أو شبه ظاهرة اجتماعية أنه كلما يحدث حدث ما يؤثر فينا نطلب ممن حولنا أن يتركونا بمفردنا؛ لأنه مهما بلغت قوة علاقتنا، إلا أنها ليست كالعلاقات الاجتماعية في الزمن الماضي، والتي كانت حقيقية وقوية جدًا، فالآن عصر التكنولوجيا زعزع تلك العلاقات القوية، وأصبحنا نعيش في عالم من الأغراب، ونفضل الوحدة مع عالم موازٍ في عصر التكنولوجيا، ولا يمكننا الاستغناء عنه حتى عندما نطلب ممن حولنا أن يتركونا وشأننا، نجد أنفسنا نلجأ للدخول وسط مواقع التواصل الاجتماعي.