المسحراتي مهنة متوارثة في ذمَّة التاريخ!

المسحراتي
مسحراتي من الكويت قديما
المسجراتي يحي حلنجي
3 صور

«سحورك يا صايم وحد الدايم لا اله الا الله.. رمضان كريم». عبارة جميلة كانت دائماً ما تتردد على لسان المسحراتي الذي يجوب الحارات والأزقة ينبه سكان الحي للسحور، وقد ارتبط وجوده برمضان بقيام الناس للسحور بأهازيج بديعة.
ليظل المسحراتي من ضمن العادات والتقاليد التي كانت في الزمن الجميل المصاحبة للشهر الفضيل، حيث كانت مهنة قديمة عرفت في العهد الإسلامي لإيقاظ المسلمين في ليل شهر رمضان لتناول وجبة السحور، حاملا في يديه الطبلة أو المزمار للعزف عليها بهدف إيقاظ الناس قبل صلاة الفجر وعادة ما يكون النداء مصحوباً ببعض التهليلات أو الأناشيد الدينيَّة.
وقد كان بلال بن رباح أول مؤذّن في الإسلام، وابن أم كلثوم يقومان بمهمّة إيقاظ النّاس للسَّحور. الأول يؤذّن فيتناول النّاس السّحور، والثّاني يمتنع بعد ذلك فيمتنع النّاس عن تناول الطّعام. وأول من نادى بالتسحير عنبسة ابن اسحاق ســنة 228هـ وكان يذهب ماشياً من مدينة العسكر في الفسطاط إلى جامع عمرو بن العاص وينادي النّاس بالسحور، وأول من أيقظ النّاس على الطّبلة هم أهل مصر. أما أهل بعض البلاد العربيَّة كاليمن والمغرب فقد كانوا يدقّون الأبواب بالنبابيت، وأهل الشّام كانوا يطوفون على البيوت ويعزفون على العيدان والطّنابير وينشدون أناشيد خاصة برمضان فكان المسحَّراتي صورة لا يكتمل شهر رمضان من دونها.
كان والي مصر إسحق بن عقبة أول من طاف على ديار مصر لإيقاظ أهلها للسحور، وفي عهد الدولة الفاطميَّة كانت الجنود تتولى الأمر. وبعدها عينوا رجلا أصبح يعرف بالمسحراتي، كان يدق الأبواب بعصا يحملها قائلا «يا أهل الله قوموا تسحروا».
ومع تقدُّم الزمن وتطوُّر المجتمع تكنلوجياً انقرضت هذه المهنة بعدما كانت مشهورة ومتداولة في بلدان الخليج العربيَّة (السعوديَّة والبحرين وقطر والكويت). وبعض بلدان شمال إفريقيا العربيَّة مثل: جمهورية مصر العربيَّة وتونس والجمهورية السودانيَّة وليبيا وسورية وغيرها.
وعرفت جدَّة القديمة قبل أكثر من 40 عاماً آخر مسحراتي في حارة الشام والمظلوم والبحر واليمن وهو المسحراتي يحيى حلنجي وكانت مهنة المسحراتي متوارثة بين أفراد العائلة ويصدر لها صك من المحكمة لتوثيقها.
ومن العبارات المشهورة للمسحِّرين قولهم:
يا نايم وحّد الدّايم يـا غافي وحّـد الله
يا نايم وحّد مولاك للي خلقك ما بنساك
قوموا إلى سحوركم جاء رمضان يزوركم