مسابقة القصة الفكاهية: أتمنى أن أصبح كلباً!

صورة تعبيرية
2 صور

من القصص الفكاهية المستوفاة لشروط مسابقة «سيدتي» للقصة الفكاهية القصيرة، نقدم لكم قصة: «أن يصبح الإنسان كلبًا» لمحمد خلوف. مع العلم أن القصص لم تخضع لأي تصحيح، عدا التصحيحات اللغوية والإملائية، على أن تقوم لجنة الجائزة باختيار الأصلح بينها.


أن يصبح الإنسان كلباً
كم أتمنى أن أصبح كلباً ذات يوم! قد تبدو لك الفكرة غريبة ومقززة، أنا أيضاً لم أكن أفكر في الأمر من قبل. لكنني حينما عملت في فيلا السيدة زمردة كبستاني، بدأت تتملكني الرغبة في ذلك. والسيدة زمردة هذه سيدة ثرية. تملك فيلا كبيرة وخدماً وحشماً (رغم أنها لا تحشم). ولها كلب صغير، اسمه كي كي. إذا ما رأيته من بعيد ظننته كرة مقززة من الزغب، لكنه في الحقيقة شيء آخر. حينما تقترب منه وتشم كمية العطور المنبعثة منه، وتداعب فروه الناعم مثل الحرير، حينها ستدرك أنك أنت هو المقزز، وتشبه بعرة كبيرة. وكي كي هذا هو كل ما تملك، فهو عزيز عليها إلى درجة كبيرة، درجة جعلتها تخصص له مشرفة من الخارج، بمرتب قادر على تأمين حياة أسرة بأكمله لمدة ثلاثة أجيال أو أكثر. فهو يأكل مقدار كيلو غرام من الكفتة واللحم في اليوم. ويستحم في حوض خاص، بغسول خاص ببني جلدته. وبعد الحمام يصبون عليه قارورة عطر فاخرة، رائحتها تذهب العقول. كل أشيائه مستوردة: الشامبو-الصابون، العطر، السلسلة الذهبية، حوض الاستحمام، الحمام البلاستيكي لقضاء الحاجة... وأيضا يملك أوراق هوية وجواز سفر عابراً للحدود، وينعم بالفسح والعطلات وله صولات وجولات مع كلبات العالم. وإذا ما فكر في الزواج ستزوجه صاحبته بكلبة من عائلة كلبية عريقة. وستصنع له عرساً من ليالي ألف ليلة وليلة. يدعو إليه أصحابه ومعارفه من الكلاب والكلبات. وسيجلس هو وكلبته، للا العروسة على العمارية. وستحضر له مغنية من لبنان أو مصر لتغني له: أنا كلبي دليلي... أو: كلاب في الحب...
إنه سعيد بلا شك، سعيد لأنه يعيش عيشة يحلم بنو جلدته بحبة خردل منها. إنه محظوظ وعليه أن يحمد الله ويقبل قوائمه وذيله.


ستقول إن هذا سبب غير كافٍ لجعلني أتمنى أن أصبح كلباً. وأنا الإنسان أحسن من الحيوان، وقد أنعم الله عليه بالعقل. أنا معك في كل ما تقول، لكنك إذا كنت مكاني، تقطن في حي هامشي أنت وزوجتك وستة أولاد، بمنزل مهدد بالانهيار. أبناؤك لا يملكون محافظ لائقة أو أدوات. تلاحقك الديون في كل مكان، عند البقال والجزار والخضار وصاحب البيت. إذا كنت يا صديقي تعيش في مثل ظروفي أو أرذل منها، حتما ستتمنى أن تكون كلباً أو صرصاراً أو نملة أو أي شيء عدا أن تكون إنساناً.
فاقتنص الفرصة، وكن كلباً. هز ذيلك وانبح، لتنعم بأكل اللحم والاغتسال بالشامبو المستورد. إن الفرصة لا تأتي إلا مرة واحدة في العمر، فكن كلباً تعش إنساناً، فللكلاب حظوظ.