مسابقة القصة الفكاهية: العشاء الأخير

من القصص الفكاهية المستوفاة لشروط مسابقة «سيدتي» للقصة الفكاهية القصيرة، نقدم لكم قصة: «العشاء الأخير» لبوسعدي محمد الأمين. مع العلم أن القصص لم تخضع لأي تصحيح، عدا التصحيحات اللغوية والإملائية، على أن تقوم لجنة الجائزة باختيار الأصلح بينها.

العشاء الأخير
انها النهاية .... !!
كان ذلك أول ما تبادر بذهني حين طعنت نفسي... !!
نعم قد طعنت نفسي... !!
ليس بالسكين كغيري من المساكين ......
وليس بالمقص فذلك مشهد في الرقابة قد يقص....
وليس بالساطور .....فلو طُعنت به لما كَتبت هذي السطور....
طعنت نفسي بابرة حقنة مدببة اتجهت مباشرة ليدي اليمني و تحديدا للسبابة ....
تمنيت أن لا تصيبني....بل و تمنيت أن تصيب غيري ..... !!!!
و لكن الله اذا أراد أمرا قال له كن فيكون فيالها من نهاية مأساوية لحياة لم نعشها كالبقية ......
ذخلت المريضة للمصلحة تترنح .... ليس لسَكْرٍ بها ...و انما لداءٍ قد أعياها و غير للسوء محياها , بدت في الأربعين في حين أنها لم تتجاوز العشرين .
رأفت لحالها و أحسست بضعفها فتذخلت لنجدتها طلبا للمعروف لما رأيت الموت بها قد بدأ يطوف.....
حالتها كانت تتطلب عملية نقل دمْ فتطوعت أنا للقيام لها بالحقنْ .
لم يسبق لي و أن قمت بهذه العملية فأنا لست سوي متربص ينوي الحصول علي الرخصة المهنية , و لكن الأقدار تفعل بي ما تشاء و قد كنت قلقا متسرعا أترقب وجبة الغذاء ... !!!
أمسكت الحقنة في يَدي و جهزتها للحقن وَحدي.. !
نزعت عنها الغطاء بعدما عقمت منطقة الحقن بالدواء...
التفت خلفي لأحيي الجمهور ...... و حين استدرت للأمام ...وجدت ابرة الحُقنة مغروزة بين السبابة و الابهام .
سال الدم و جَري من يدي....في حين كان الجمهور لا يزال مستمتعا للغاية بالعَرضِ.
سقطت متربصة خلفي لمنظر الدماء فنقلوها للعلاج و تركوني أنا دون استحياء .
قد حانت نهاية و سيأخدني ملك الموت رفقة مريضتي .
كانت لا تزال مصابة بالصدمة و حمدت الله علي نجاتها مني و من الموت بالحقنة !!!
تلاحقت الهواجس لذهني و تمكن الخوف مني... ارتعشت أناملي و تحرك بالذكر لساني ....
قد تكون الابرة غير معقمة و بذلك قد أضعت حياتي و ضاعت الأمة .
قد تكون ملوثة بالسيدا .....
يا رب ....لا أريد أن أموت وحيدا !!!
قد يكون بها التهاب الكبد الفيروسي ...سأمضي حياتي بذلك مصفرا علي كرسي ...
قد تصيبني عدوي ... ومعها لن تكون لحبة الدواء جدوي ... !!!
ارتبكت حقيقة و اهتز كياني .....
دعوت ربي في سري و اعلاني , و قد تلاحق دمعي يجري كالوديان
ذخلت المنزل محبط الهمة فاقد البسمة مسود الطلعة أترقب نتائج تحليل دمي و متي يحدد موعد الدَفنِ !!!
طلبت من أهلي أن يجهزو لي العَشاء , صليت العِشاء و فيها لم أتوقف عن البكاء !!!
فقدت الشهية و لم أتناول كالمعتاد كل الكمية ... !!
دعوت أهلي للاجتماع و طلبت منهم أن يبكوا علي كثيرا يوم العزاء...و أن لا يتصدقوا بملابسي ....بل أن يعيدوا بَيعها بنفس ثمن الشراء .
طبقتُ الكفن في الخزانة و طلبت من والدي أن يطبق ما جاء في وصيتي بأمانة.
لربما قد يكون هذاعشائيا الأخير برفقتكم خاطبتهم.....
و في ظل ارتفاع الأصوات بين ضحك و بكاء و نواح و نباح أتتني برقية من المستشفي تؤكد لي أن نتائج الفحص سلبية و أن الحقنة معقمة في المخابر الامريكية و أن حياتي ستطول لسنين اتية ....
فحمدا لله قد اطمئن بالي و ارتاح قلبي و عادت البسمة علي وجهي لتطل علي الدوام و من يومها أدركت أن لكل واحد منا عملا يؤديه في هذه الحياة و لا يجوز للاخرين التدخل فيه ولا في طريقة أدائه و من تدخل في عمل لا يعنيه .... حُقن بما لا يرضيه .... !!!