أنت العالم الذي أخبئه في صدري

سلمى الجابري

 ماذا لو أنك تتحدى الجميع بما فيهم أنت؟ تهتاج على كل من يستصغر أفكارك، تصفع وجه العمر العصيّ، تروض الحلم، ثم تسافر مع الأنفاس نحو عوالم أخرى، تلك الحيوات التي لا يمكننا العيش فيها إلا بداخل الكتب، لكنك هذه المرة ستنجح بالوصول إليها دون البقيّة، فقط أنت وأنت، وحيدٌ من الكل، وكثيرٌ فيك، أنت ستكبر، ستتماهى رغباتك، ستبحث مطولاً عمّن يدفعك للسقوط كورقةِ سقطت من غصنها بفعل الريح أحيانًا، وتارة أخرى بسبب انتهاء صلاحيتها تمامًا كموسها الآسن، لكنك للأسف لن تجد من سينصب لك الفخاخ غير نفسك، فقط إن أردت ذلك.
- ماذا لو أنك تلبدّت كغيمةٍ أوشكت على البكاء أمام من تحب؟ حينها هل سيشدّ قلقك إليه بحب؟ أم سيكتفي بالصمت ككلِ التفاصيل التي تلتف من حولكما بسكون؟!
- ماذا لو أنك بقيت في المنتصف، هكذا بين البين، ككل الأنصاف التي نكاد نتبرأ منها، والتي حتى لا يمكننا التنبؤ بها، هنالك أنصاف حب، أنصاف بشر، أنصاف الذكرى، أنصاف الحياة، والقائمة قد تطول ولا تنتهي، لكن ماذا لو أنك تعتاش على نصف قلب؟ هل سيؤلمك نقصك؟! للحد الذي ستبحث فيه عمّن يكمل ذلك الفراغ؟ أم أنك ستخاطر بكل ما تبقى فيك عند مصادفة أي عابر يمرّ بمحاذاة قلبك؟
لا تنتهي الأسئلة التي قد نتقاطع معها عنوة، أو ربما كنّا نبحث عنها في قرارة دواخلنا، والآن بتنا تمامًا في مواجهتها، دون أن ندرك عمق الوخز الذي ستحدثه فينا.
وأنت.. أنت كل الأسئلة، كل الوجوه الغريبة، والصديقة، أنت بداية الحزن، وكل لحظات الحب، أنت الحد الفاصل بين الصحوةِ والاحتضار، أنت قيامتي، وبين يديك تتجدد جنتي، أنت اضطرابي، ثباتي، يقيني، وبؤسي، أنت العالم الذي أخبئه في صدري، وبين حرفي، دون أن تمسه يد الغياب أو يدك..