مكتبة «مولاي زيدان» أسرار العرب الدفينة

مكتبة "مولاي زيدان" أسرار العرب الدفينة

مكتبة «مولاي زيدان» أو «الخزانة الزيدانية» كانت تعتبر أكبر المكتبات الإسلامية على الإطلاق، فقد احتوت على أكثر من 8000 كتاب ومخطوطة، وأنشأها زيدان الناصر بن أحمد، أو مولاي زيدان، تاسع سلاطين المغرب السعديين، الذي حكم بين 1613 - 1628م، وكان زيدان فقيهاً مشاركاً في العلوم، وله تفسير على القرآن اعتمد فيه على ابن عطية والزمخشري، كما كان السلطان زيدان يجمع فيها كل ما توصل له المسلمون من علوم، وكانت منارة وصرحاً علمياً كبيراً.


بعد سقوط الأندلس في قبضة البلاط الإسباني، تم الاستيلاء على جميع محتويات المكتبة، وبذل السلطان زيدان جهوداً عديدة لكي يقوم باسترجاعها، واقترح مقابل ذلك ستين ألف درهم ذهبي، وأعاد محاولاته هذه عدة مرات دون جدوى، إلى أن توفي عام 1037هـ 1626م.


هكذا انتهت في قبضة الإسبان

كان مولاي زيدان يفر بكنوزه ومكتبته الخاصة، والتي كانت تحوي آلاف المجلدات والمخطوطات، فركب مولاي زيدان سفينة إلى أغادير «مدينة ساحلية مغربية»، وهناك رفض ربان السفينة تفريغَ حمولتها ما لم يعطه مولاي زيـدان 36.000 فرنك، فلم يستطع دفعها، وأبحر الربان بالكتب إلى مرسيليا، ثم تعرضت السفينة للسلب من قبل القراصنة، ونقلت محتوياتها إلى إشبيلية أو إلى غرناطة قبل انتقالها إلى دير الأسكوريـال كمحطة أخيرة.


الإسكوريـال

 تعدّ من أهم الصروح الملكية في أوروبا لضخامتها ومحتوياتها الفنية ومكتبتها الشهيرة، وتشتهر بمقتنياتها العديدة من الكتب والمخطوطات القديمة والأعمال العلمية والأدبية لعلماء عرب في القرون الوسطى، إضافة إلى زخارف الفنان تيباليدي، وهي صور تمثل الفنون السبعة الحرة، ويعود فضل بناء الإسكوريـال إلى فيليب الثاني ملك إسبانيا، وتعدّ من أهم منجزاته الحضارية، وقد استوحى بناء الإسكوريـال من هيكل سليمان.


مطالب استرجاع المكتبة

باتت المغرب تطالب بهذه الخزانة منذ العصر السعدي، بدءاً بزيدان نفسه، ثم ابنه الوليد، كما قام السلاطين العلويون من بعدهم بجهود كبيرة من أجل استرجاع الخزانة الزيدانية، وكل السفارات المغربية توجهت إلى إسبانيا في العهد العلوي مطالبة ليس فقط بإرجاع المخطوطات الزيدانية، بل بكل المخطوطات العربية والأندلسية في إسبانيا، ولكن باءت جميع المحاولات بالفشل؛ نظراً لمعرفة الإسبان بأهمية تلك الكتب النادرة وعلومها.


اهتمام الجانب الإسباني بها

قامت الحكومة الإسبانية بترجمة جميع تلك الكتب إلى الإسبانية، وكانت تولي اهتماماً كبيراً باستخراج علومها، فوكلت الأب ميخائيل الغزيري سنة 1749م ليقوم بفحص الكتب العربية، وتقديم تقرير عن كنوزها للملك بعد دراستها والتعريف بها، وكان لعمله الأثر الحسن عند الإسبان، حيث وضع أسس الاستشراق وازدهاره في إسبانيا.


مراسيم تسليم 1939 نسخة 

في ديسمبر 2009، وبعد أربع سنوات من المفاوضات مع الجانب الإسباني من قبل ملك المغرب محمد السادس، تمت الموافقة على استنساخ 1939 نسخة، حيث جرت اتفاقية التعاون العلمي بين المكتبة الوطنية في المغرب ومكتبة الإسكوريـال تسمح باستنساخ العديد من المخطوطات العربية، خصوصاً مخطوطات الخزانة الزيدانية، وإعداد نسخ منها على الميكروفيلم لخدمة البحث العلمي.


وجرت مراسيم تسليم 1939 نسخة رقمية من المخطوطات يوم الثلاثاء 16 يوليو 2013 من قبل رئيس مؤسسة التراث الوطني الإسباني خوسي رودريغيث سبتيري إلى المكتبة الوطنية المغربية، بحضور ملك إسبانيا خوان كارلوس والوفد الوزاري المرافق له في زيارة رسمية إلى المغرب، بحضور ملك المغرب محمد السادس.