مسابقة القصة الفكاهية: زئير الهر

من القصص الفكاهية المستوفيّة لشروط مسابقة «سيدتي» للقصة الفكاهية القصيرة، نقدم لكم قصة: «زئير الهر» لعبدالوهاب علي الصبخة، مع العلم أن القصص لم تخضع لأي تصحيح، عدا التصحيحات اللغوية والإملائية، على أن تقوم لجنة الجائزة باختيار الأصلح بينها.
قصة قصيرة ساخرة
«زئير الهر»
كانت وما زالت متقوقعة في زقاق داخل دهليز ضيق، المار يتوجس منها خيفة، شكلها يوحي بأنها من غير جنسها، عيونها تضيء وكأنها شبح في ظلام، تئن وكأنها شبل صغير يتعلم الزئير، تلبس فرواً أشبه بطرق متعرج، شعرها أجعد ووعر، لا تستطيع أي يد الإمساك ببدنها لخشونة الملمس، الفرو تغزوه المخلوقات الصغيرة الزاحفة والطائرة والمنتشرة في الجو، تعشعش فيه البكتيريا بكثرة، يزدهر الفرو بألوانه السوداء الداكنة لكثرة الأوساخ فيه، مواؤها أشبه بعواء ذئب جائع في قطيع، الصغير يتحاشى المرور بالقرب من هذا الصندوق الصغير لوجود وحش ضار يسكنه، أثار في الحي الرعب وأصاب النساء الفزع. جيرانها أصابهم الفضول عن ماهية هذا المخلوق، وقد تعددت الروايات والقصص حياله. فمنهم من أدلى بدلوه: هذا ملبوس! والآخر: وحش! والقول الآخر: هذا من فصيلة مهجنة! وشذوذ في الخلقة.
تطوع أحد الأشخاص للكشف عن هذا الغموض الذي يكتنف هذا المرعب، وإنهاء الموضوع الذي أثار حنق الناس حتى أصبح حديث المجالس، أعد له حلولاً ناجعة تتكيف مع وضع القط، الهر، السنور، أي نعت يتوافق أو وصف يتطابق مع تلك الأسماء. رسم الخطة المصقولة بالعزيمة والنشاط وتقررت ساعة التنفيذ للولوج إلى مخبأ الوحش. تربص البطل بالهر من أجل اصطياد فريسته، العزيمة موجودة، الدافع موجود، النتيجة حتمية بين الطرفين: «يا غالب يا مغلوب».
اقترب من موقع النزال، اشتدت ضربات قلبه، العرق يتصبب منه، المداة تهتز في يده، يختفي ساعة ويخرج ثواني، علامات الشحوب على وجهه، أعتمت العدسات والرؤية أصبحت معدومة، سيطر الهلع على كامل أركانه، انهياره بات وشيكًا تشجع بإقدام، باغتها بصرخة مدوية هرب القط منها خوفًا وكأن به مسًّا من جن، هرول وهرول وهرول وتخطى مسافات بعيدة وهو يلحق به حتى انقطع نفس البطل وتوقف لأخذ جرعة من الشهيق والزفير، أسند ظهره على الجدار، وما إن حاول الوقوف حتى انقطع صوت الهر وزئيره العالي وأمعن عن قرب؛ حيث أبصر عن قرب سيارة صائدي الحيوانات الضالة تحمله بشبكتها المحكمة يُقاد للمجهول. تهلل وجهه فرحًا وتنفس الصعداء، وطلب من الحضور الاعتراف بالانتصار فقد أصبح بطل الحي!