سأبدأ حياتي من جديد

أميمة عبد العزيز زاهد

قالت: فجأة وبلا مقدمات اشتعلت الخلافات بيني وبين زوجي، عجزت عن تفسير ما يحدث وما يفعله، الشيء الوحيد الذي متأكدة منه أن أحواله ومعاملته قد تغيرت تمامًا، وأصبح  يسهر خارج المنزل ولا يأتي إلا في الصباح. تحوّل إلى رجل آخر، عصبي، يثور لأتفه الأسباب، يتوعّد ويهدد ويتفوّه بألفاظ لم أكن أسمعها من قبل، كيف يكون هذا الرجل زوجي وقد كان بالأمس حبيبي وعشيري وكل حياتي؟! حاولت أن أستوضح منه؟ وسألته، ويا ليتني لم أسأل، فقد صدق إحساسي الذي كنت أكذبه، فهو فعلاً قرر أن يرتبط بامرأة أخرى، أصغيت باحترام شديد ورحابة صدر، وتناقشت معه بكل هدوء، كلفني ضغطًا على أعصابي، هل كان ينتظرني حتى أبادر بالاستفسار؟ ولماذا استخدم معي أسلوبًا ملتويًا وغامضًا واستفزازي؟ ولماذا لم يصارحني؟ وما الذي وجده عند الأخرى ولم يكن موجودًا فيَّ.. ليته يقنعني لماذا؟ وما هو ذنبي؟ لقد كنت الأولى في حياته، بذل كل جهده حتى تزوجني باختياره وبإرادته، عشنا معًا عمرًا طويلاً وسنوات جميلة، كانت حياتنا فيها مستقرة، تحمّلنا معًا لحظات الشقاء، وتذوقنا معًا أروع وأرقّ المشاعر، كنت صانعة خياله، ومصدرًا لسعادته، ورهن إشارته، غمرته بحبي منذ البداية، وحتى آخر لحظة، هكذا بكل سهولة يأتي الآن، ويريدني أن أتقبّل الوضع، ويخيّرني بين البقاء مع الأخرى أو الرحيل، يريدني أن أضع قلبي في ثلاجة، وأن أحجر على عواطفي، وما عليَّ إلا أن أقضي وقتي بأشياء مفيدة؛ حتى أنسى وأتعوّد على الواقع الجديد! وفي النهاية حمّلني مسؤولية اتخاذ القرار، لا ألومه؛ فهو يتكلم بإحساس رجل، ولم يجرّب مرة أن تنهش الغيرة صدره وتشلّ تفكيره؟ لم يفكر كيف يصبح عندما تغتصب منه سعادته واستقراره؟ أنا عشيرته، وأنا من أفهمه، وأعرف أنه مندفع وراء عواطف مشكوك في صدقها؛ لأنه يحبني، والحب الحقيقي هو الذي سيدوم، فهو سيبني بيتًا جديدًا على أنقاض بيتي، وهو يعلم تمامًا أنه لن ينجح في البناء الجديد؛ لأنه يحتاج لقواعد ثابتة ومتينة لإقامته، وسرعان ما سينتهي وينهار من تلقاء نفسه، وسيدفع لحظتها الثمن باهظًا.

إن المعاناة التي سبّبها لي واختياره لأخرى من دون أي مبرر ومن باب التجديد.. هو جرح لن يندمل، رغم أنني أحبه، فهو من اختار وقرر ونفّذ، بعد أن أصابني بخيبة أمل، وقتل في داخلي إحساسي بحاجتي إليه، وأوصلني إلى مرحلة، بدأت أفقد فيها السيطرة على تفكيري وتصرفاتي، فهو يعلم بأني أحبه، ولا أقبل من أحد أن يشاركني فيه، لذلك اتخذت قراري بالرحيل، فلا شيء يدعوني للبقاء، إنها مسألة كرامة، سأتعلم كيف أقتلع حبه من داخلي، وأحاول أن أنسى سنيني معه، أعلم أني سأعاني من قراري، ولكنها معاناة بإذن الله ستكون مؤقتة؛ لأفيق بعدها أكثر صلابة؛ لأبدأ حياتي من جديد...