سليمة المغربية التي فضلت العيش مع الحيوانات

كلاب المأوى في استقبال سليمة
من داخل المأوى
مدخل المأوى في ضاحية طنجة
سليمة تتحدث مع الزميلة سميرة مغداد
ترضع حملاً حديث الولادة
كلاب المأوى في استقبال سليمة
سليمة القضاوي في سيارتها أثناء تفقد الكلاب الضالة
كلاب تتودد لسليمة
سليمة وسط قططها
تداعب خنزيرًا بريًا بعدما عالجته من جروح بليغة
تداعب قردًا داخل المأوى
12 صور

تحظى سليمة القضاوي بشهرة واسعة في مدينة طنجة شمالي المغرب، بعد أن قررت تأسيس جمعية لإيواء الحيوانات، وهي الجمعية التي من خلالها تحقق حلمًا طفوليًا بأن تمنح الرعاية لحيوانات الشارع، التي كانت تتعاطف معها دائمًا كلما صادفتها.
جزء من الحياة
تقول القضاوي لسيدتي: "أحب الحيوانات وعشت في وسطٍ يهتم بالإنسان كما الحيوان، والدي كان يربي داخل البيت ست قطط، وكانت لدينا مزرعة فيها كلاب وحمير وخيل وماعز، ووالدتي أيضًا لم تتذمر يومًا من وجود الحيوانات في البيت.. لم يُخِفْنِي يومًا الاقتراب من أي حيوان، فأنا أجده كائنًا لطيفًا ينتمي إلى هذا الكون"، وتتابع: "يعتقد الناس أن ما أفعله مبالغٌ فيه، وأن الأولوية يجب أن تعطى للبشر، لكني أقول إن كل شيء حي يستدعي منا الاهتمام، فحبي لهذه المخلوقات جزء مني، ولا أتصور نفسي بدونها، لكن للأسف -نحن البشر- لا نعرف أن نعاملها برفق وإنسانية".
يومياتها
سليمة في الأربعينات، أسست جمعيتها عام 2013، وشيدت مأوى خاصًا بالحيوانات لحمايتها وعلاجها. رافقناها صباحًا لإحدى شواطئ ضاحية طنجة «بلايا بلانكا» لتأخذ كلبة من أجل تطعيمها هي وصغارها، وهو روتينٌ تقوم به كل يوم؛ حيث تتجول في كل أنحاء طنجة لتتفقد وضعية الكلاب الضالة والقطط أو أي أنواع أخرى من الحيوانات، لكن اشتغالها أكثر على الكلاب والقطط؛ لأنها هي التي تنتشر بكثرة في المدينة، والهدف كما تقول منع قتلها أو تعذيبها. كما أنها تقترح دائمًا تطعيم الإناث لمنع التكاثر؛ لأن الكثرة على حد رأيها تؤدي في النهاية لاستعمال وسائل غير إنسانية للقضاء عليها.
ما وراء الحكاية
سليمة ابنة طنجة تربت في كنف أسرة ميسورة من أب مغربي برتبةٍ ساميةٍ بالجيش وأم إنجليزية تتحدث اللغات بطلاقة، بينما المغربية مكسرة، عاشت سليمة عشرين عامًا في إنجلترا، وهناك أدركت أهمية الوعي بالحيوانات، ومن هناك أيضًا بدأ التواصل والتأسيس للجمعية التي دعمتها بدايةً منظماتٌ وجمعياتٌ إنجليزيةٌ تعنى بهذا الموضوع. لكن قبل كل هذا كان مجالها العلمي بعيدًا تمامًا عن حلمها الطفولي؛ حيث درست الترجمة وكذلك الاقتصاد، وبدأت في إسبانيا وانتهت بإنجلترا بكامبردج، وبعد أن تزوجت ورزقت بابنتها الوحيدة تولد لديها حس الأمومة الذي قوي أكثر بعد أن اكتشفت أن ابنتها تعاني مرضًا نادرًا هو «ديسليكسي» صعوبة القراءة والكتابة، وكان عليها أن تتفرغ لها؛ لأن هذا المرض يمنعها من الدرس والتركيز، لذلك رافقت ابنتها الوحيدة إلى المدرسة ودرست معها في نفس الفصل، وبما أن المدرسة كانت بعيدة ومصاريف التنقل غالية، تركت سليمة الترجمة واشتغلت سائقة تاكسي.
مأوى للحيوانات المشردة
ما إن استطاعت ابنتها تجاوز الأزمة والاستقرار، عادت سليمة لحلم الطفولة وهو العناية بالحيوانات. ومشروعها قائم اليوم رغم الصعوبات.. رافقتها «سيدتي» إلى المأوى الذي يقع على بعد 20 كم من طنجة بقرية سبت الزينات، ووقفت على الحب والحفاوة التي يستقبلها بها الحيوانات وكأنهم يلقون أمهم، وكيف تتواصل معهم بحب وسلام، جعلنا نحن أيضًا نعيش معها هذا الأمان الخاص.
يضم المأوى 300 كلب و130 قطًا وقطة و32 من الدواب، وبعض اللقالق المكسورة وطائر نورس مكسور القدم وخنزيرين تحت العلاج، وشاة بصغارها وضعتها بعد إجراء عملية.
تقول سليمة: الحيوانات ليست عنيفة أبدًا، التعامل معها بعنف هو الذي يجعلها شرسة، كما أن ثقافة الخوف التي تزرعها فينا التربية هي التي تجعلنا نحتاط ونعيش بصور سلبية ومغلوطة... أعتبر نفسي أمهم وأعيش بينهم وهنا سكني، ويجب أن نمد أيدينا لهذه المخلوقات بكل الحب وسوف ترون حجم الحب الذي ستبادلكم به، وإذا اعتنى كل مواطن بحيوان شريد فسنكون أسعدنا أنفسنا وكسبنا أجرًا مع الله. وتختم قائلة: الحمد لله استطعت تغيير الكثير من العقليات وأجد نفسي في الطريق الصحيح، ما أتمناه ألا ينقطع الدعم، فقد خسرت كل ما أملك من أجل هذا الحلم.. أنا متفائلة وهذا التزام أخلاقي وإنساني لن يوقفني عنه سوى الموت.
رافقنا سليمة إلى الدكتور البيطري محمد شكيب الحريش الذي يتعاون معها باستمرار لإجراء التطعيم وبعض العمليات والعلاج للحيوانات المرضى، ويقول عنها: ما تقوم به سليمة القضاوي عمل لا يتصور، لم يسبق لي أن رأيت مثل هذا الاهتمام وهذه الطاقة، إنه عمل نبيل فيه أجر مع الله، أتعاون معها باستمرار، لكنني ألومها مرات على هذا الوقت الكامل للحيوانات.