هل حقيقي أن الحرية تقيد النجاح، ولكن ما هو مفهوم الحرية؟ وما الذي يحظى باهتمام الفتاة، الوظيفة أم الزواج.. المنزل أم العمل.. الأمومة أم المركز؟ وأين تجد المرأة سعادتها، في بيتها ومع أبنائها، أم مع زميلاتها وبين أبحاثها وأوراقها؟ وما معيار نجاح المرأة، هل يكمن في عملها، أم في أنوثتها؟ رغم العديد من التساؤلات، تظل هناك فواصل وخيوط دقيقة تفصل وتميز كل امرأة عن الأخرى، وكذلك الزوج، تختلف نظرته لتقبل أو رفض نجاح زوجته، حسب المعطيات المتوفرة، والأهم حسب عقليته ونفسيته، وتظل لكل منهما بصمة مميزة مهما اتحدت الملامح وتشابهت الوجوه؛ فالفوارق كبيرة، والمسافات واسعة، ولو فرضنا أن هناك من يرغب بالزواج من امرأة تفوقه علمًا ومالاً ومكانة اجتماعية، ووافق بمحض إرادته ورضي أن يقولوا عنه زوج فلانة وأن ينتسب لزوجته، تُرى هل سيكون سعيدًا ومقتنعًا بحياته؟ من وجهة نظري لا أعتقد، ومن عاش سعيدًا بهذه الحياة، أظن أن لديه نقصًا في الاحتياجات النفسية تتعلق بطفولته وتربيته، ويكون بحاجة لامرأة أقوى منه لتحتويه، ولو افترضنا أن الرجل تزوج بامرأة عادية، ثم مع مرور الوقت تفوقت عليه في عملها ومكانتها وثقافتها، وظل هو ثابتًا ولم يتقدم؛ لظروف قد تكون بإرادته، أو من غير إرادته؟ بالتأكيد سيشعر بضعفه، وقد يغار من نجاحها ويحاول الحد من طموحها، وبالتأكيد سيحدث خلل في العلاقة، وبعدها خلل في المشاعر، وبالتالي سيبتعدان نفسيًا وجسديًا؛ خاصة لو تعالت زوجته عليه؛ مما يؤدي إلى انهيار العلاقة، وهناك زوج قد يساعد زوجته ويشجعها على استكمال دراستها، ويأمل أن تستفيد من تعليمها لصالحها ولصالح أبنائها، ولكنها لا تكتفي بذلك، وتلح على الوظيفة وتتفنن في سبل الإقناع وما ستحققه من وراء ذلك، وبأنها لن تقصر في دورها كزوجة وأم وربة منزل، ولا يتوقع الزوج أن تكون موافقته سببًا من أسباب تعاسته؛ فهناك بعض من الزوجات عندما تعمل، تشعر باستقلالها المادي، وتبدأ تبتعد بالتدريج عن زوجها نفسيًا واجتماعيًا وروحيًا، ويصبح دورها كزوجة، على الهامش، وتظن نفسها الأقوى براتبها ونفوذها الاقتصادي، وأن عملها أهم بالنسبة لها من وجوده، وقد تقلل من حضوره الاجتماعي وتتحول من زوجة وديعة ومسالمة، إلى إنسانة متنمرة متمردة، وتعيره بأنه لا ينفق عليها، وتتجاوز حدودها وتخبره في أي لحظة من اللحظات بأنها قد تتخلى عنه؛ لأنها ليست في حاجة له، وبسبب جهلها بواجباتها، قد يأتي يوم وتفقده للأبد؛ فهناك عينة من الموظفات نجدها تشمخ بوظيفتها، وتريد أن تكون صاحبة الكلمة النافذة، وتتغاضى عن الكثير من واجباتها كزوجة، وتجعل من عملها شماعة تعلق عليها إهمالها، وتتعامل مع زوجها من خلال مركزها، وتضعه ضمن دائرة موظفاتها أو طالباتها، وتفقد احترامها له وبمكانته كرجل وزوج، وللحديث بقية في المقال القادم بإذن الله. .