لأن الموسيقى على وجه الخصوص، حياة أخرى موازية لحياتنا في الجمال، ولأنها لغة لكل البشر الشركاء على هذا الكوكب، لا ولن يتوقف دورها على مجال الترفيه فقط، بل سيزيد عن ذلك حتى تكون موقفاً إنسانياً، وقوة تقف إلى صف الفقراء والبسطاء والمقهورين، ولأن هذه هي الوظيفة الحقيقية والسامية للموسيقى، أعاد الموسيقي الإيرلندي والناشط الحقوقي في مجال مكافحة الفقر "بوب جيلدوف"، المغني السابق في فريق (بومتاون راتس)، جائزة "الحرية" العالمية، والتي منتحتها له مدينته "دبلن" في إيرلندا.
كان جيلدوف الذي سبق وحصل على الجائزة في عام 2005 تقديراً لأعماله الخيرية التي شملت تنظيم حفل موسيقي في العام 1985 شهده أكثر من 1.5 مليار شخص، وساهم من خلاله بالتوعية لمعاناة أثيوبيا من المرض والمجاعة، كان واضحاً وثابتاً في موقفه هذا برفضه جائزة عالمية كجائزة "الحرية"، وذلك لأن الجائزة نفسها قد تم منحها لزعيمة ميانمار "أونج سان سو كي"، التي وصفها بأنها مشاركة وطرف رئيسي بأعمال الإبادة الجماعية التي تحدث لمسلمي الـ"روهينجا" في بلادها، وعبّر جيلدوف عن هذا القرار بإنه "يرفض أن يقترن اسمه بمن بمن تشارك في إبادة عرقية".
وصرح الموسيقي الإيرلندي لوسائل إعلام عالمية، بأنه من أهالي مدينة "دبلن" الذين يعتزون بكرامتهم، وأن ضميره لن يسمح له أن يستمر ضمن هذه المجموعة القليلة من الناشطين والفنانين الذين تم تشريفهم بهذه الجائزة في حال ظلت "أونج سو كي" ضمن هذه المجموعة، وعبر أنه لن يرغب أن يرتبط اسمه بشخص يشارك حالياً في عمليات إبادة عرقية جماعية ضد شعب الـ"روهينجا" شمال غرب بورما في بلاده.
وأشار جيلدوف بأن اقتران اسم زعيم ميانيمار بمدينته "دبلن"، هو أمر مخجل بالنسبة لجميع أهالي وسكان المدينة، وبأنها كانت قد أحرجتهم وأخجلتهم بتصرفاتها على الرغم من تكريم المدينة لها، وأكد أنه حين يتم تجريدها من جائزة "الحرية"، ربما يري المجلس أنه من المناسب أن يعيد له الجائزة التي يفخر بها، ولكن إن لم يحدث هذا الأمر فإنه يعتذر عن قبولها، ويعيدها إلى المجلس الذي سلمه إياها سابقاً.
الجدير بالذكر أن زعيمة ميانيمار "سو كي"، كانت في أوقات سابقة تشتهر بأنشطتها في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في مختلف مناطق العالم، وعندما حصلت على جائزة "الحرية" من مدينة "دبلن" في العام 1999، كانت قيد الإقامة الجبرية، وتسلمت جائزتها في استقبال خاص لها في أيرلندا بالعام 2012 بعد عامين من إطلاق سراحها.
ويُذكر أيضاً إلى أن "سو كي" كانت قد جُردت بالشهر الماضي من جائزة مماثلة منحتها لها جامعة "أوكسفورد" البريطانية عندما كانت طالبة فيها، وأنه قد انطلقت مؤخراً دعوات من مختلف أنحاء العالم لتجريدها من جائزة "نوبل" للسلام التي فازت بها في عام 1991، وذلك بسبب ما تقوم به من أعمال وحشية بحق مسلمي الـ"روهينجا" التي يصفها البعض بأنها وصلت إلى حد الإبادرة الجماعية لهم، حيث أنه قد هرب منهم أكثر من 600 ألف مسلم من ولاية "راخين" إلى مخيمات للاجئين في بنجلادش، بعد عمليات عسكرية وصفتها الأمم المتحدة بأنها "تطهير عرقي" رداً على هجمات نفذها متمردون من الـ"روهينجا".