الفيلم الوثائقي "عبور" .. حين يخرج "اللاجئ" من خانة الأرقام لنراه إنساناً من جديد

مخرج العمل جورج كوريان
من شخصيات الفيلم الرئيسية مع باقي اللاجئين على متن القارب
مشهد من الفيلم للاجئين خلال رحلتهم
أنجيلا مع زوجها بعد وصولها إلى فرنسا
أنجيلا السليمان خلال حديثها بالفيلم
مشهد من الفيلم
نبيل حلاني أحد اللاجئين من العمل
أنجيلا السليمان إحدى اللاجئات من الفيلم خلال رحلتها على القارب
رامي الريموني أحد اللاجئين من الفيلم
9 صور
واستمرت فعاليات اليوم الخامس من مهرجان "كرامة" لأفلام حقوق الإنسان بدورته الثامنة، بتسليط الضوء على قضايا اللاجئين السوريين ومعاناتهم بعد هروبهم من أراضيهم إثر ويلات الحرب الدامية هناك، والتي أكلت أيامهم ومسقبلهم في وطنهم، وتركت ذكرياتهم وطفولتهم حطاماً كأي أثر تمر عليه الحرب، حتى لو ظلت هذه الذكريات تعيش في قلوبهم وابتساماتهم في أحزانهم وغضبهم، ومرة أخرى كانت "قوارب الموت" التي يُسلم لها هؤلاء اللاجئين أرواحهم بأمل العثور على حياة أفضل، هي العنوان الأبرز والأهم في خامس أيام المهرجان.

وتضمنت فعاليات هذا اليوم عرض الفيلم الوثائقي النرويجي "عبور"، للمخرج جورج كوريان، الذي سيق له أن عمل مصوراً صحفياً في سوريا خلال الأحداث، ويعرض عمله رحلة حقيقية لمجموعة من اللاجئين السوريين على متن أحد "قوارب الموت" قبل وبعد وصولها إلى الأراضي الإيطالية، وقبل وبعد أن تتفرق هذه المجموعة بين الدول الأوروبية، وتعيش في مخيمات اللجوء المختلفة.

من سجن البحر.. إلى سجون المخيمات
طوال رحلة هذه المجموعة من اللاجئين، يرى المشاهد ما يعانيه هؤلاء من تعب وجوع وعطش طوال هذه الرحلة القاسية التي تستمر لأسابيع عديدة، بالإضافة إلى الخوف المتواصل من الموت بأي شكل من الأشكال، دون أدنى أو أقل مستوى من مستويات السلامة، ولكن السوري الذي هرب من جحيم الحرب والرصاص والمدافع والقتل على الهوية وبدونها، لن يكون أمراً شاقاً عليه أن يتحمل الجوع والعطش، وأن يواجه خوفه من الغرق أو أي طريقة أخرى تمدّ يدّ الموت باتجاهه، خاصة أنه وعلى الرغم من المجهول الذي ينتظره عند الوصول، إلا أنه يدرك جيداً أن هناك شيئاً من الأمل، وقليلاً من الأمان بعيداً عن مشاهد الدم سيجدها هناك عند أول ضفة يابسة يحط رحاله عليها.

عند وصول هذه المجموعة من اللاجئين السوريين إلى الأراضي الإيطالية، يتم وضعهم في مخيمات خاصة، تجهيزاً لنقلهم إلى دول أوروبية أخرى مثل السويد وهولندا وألمانيا وبلجيكا والنرويج وغيرها، وهنا تبدأ رحلة أخرى قد لا تقل ألماً عمّا عانوه وسط البحر وفي الظروف القاسية التي عايشوها طوال رحلتهم، فهناك تحديات جديدة بانتظارهم، مثل تعلم اللغة والإنخراط في المجتمعات الجديدة التي سيعيشون فيها، والتأقلم مع وجوه وثقافة غريبة عليهم، وإلى جانب كل ذلك، انتظارهم الحصول على اللجوء بشكل رسمي من البلدان التي يمكثون فيها.

وجوه لاجئة .. كانت تعيش بيننا
مخرج العمل كوريان، كان محظوظاً أو ذكياً للغاية بانتقائه هذه المجموعة من اللاجئين السوريين، لأن شخصياتهم المختلفة والتي عادة ما تعيش بيننا، قرّب عمله بشكل كبير إلى الجمهور، فهو لم يختر شخوصاً معروفة، أو أخرين بحياة متعبة قبل صنع هذا الفيلم، بل كانوا عائلات وأصدقاء يعيشون حياة طبيعية جداً قبل الحرب، قُلبت حياتهم بعدها رأساً على عقب تماماً، وسحبتهم ليعيشوا مغامرة مميتة على متن "قوارب موت" كانوا مجبرين عليها، فأخرج اللاجئين من خانة "الأرقام"، ليعيد لهم صفاتهم الإنسانية، فكانوا وهم في منتصف البحر، قريبين منا نحن الجالسين أمام الشاشات، قريبون في ابتساماتهم التي كانت تخرج عنوة غصبن عنهم في رحلتهم القاسية، ودمعتهم وصراخهم الذي كان يخرج عنوة أيضاً في وجه واقعهم، أعاد "كوريان" إنسانية السوري، وعرض مأساته للعالم، كأنه يقول "هؤلاء بشر مثلنا، ليسوا أرقاماً أو جثثاً متجمدة وسط البحر".