الصفحة الأولى والصفحة الأخيرة

مبارك الشعلان

 

 

أقرأ كل يوم صحفاً محلية عدة، وعدداً من الصحف والمجلات العربية وأجزاء من كتب.. و«شوية» براشيم ثقافية لأنني مثل كثيرين وكثيرات نركض في ماراثون الحياة اليومي، ولا نجد متسعاً من الوقت لكي نستمتع بما يستحق الاستمتاع من الحياة، وأحد أجمل هذه المتع هي القراءة.

شخصياً، أقرأ مهنة وهواية، فأنا من هوايتي السباحة عكس التيار، والقراءة عكس التيار أيضاً لدرجة جعلتني أقرأ كثيراً من الصحف والمجلات من الآخر مثل كثيرين وكثيرين، وقد سألت نفسي وآخرين يشاركوني الهواية ما سر قراءة الصحيفة أو المجلات من الصفحة الأخيرة؟ فاكتشفت أن السر يعود إلى فلسفة الصحافة التي تضع وجبة من الأخبار في صفحاتها الأولى «تسد النفس»، فيذهب الناس لـ «تحلي» بالصفحات الأخيرة «تفتح النفس»، ففي الصفحات الأولى وجوه السياسيين، وفي الصفحات الأخيرة وجوه الجميلين والجميلات، فهل يحتاج القارئ إلى مزيد من الذكاء ليدله إلى أين يتجه؟ وإلى من «يصطبح» بوجوههم؟!

ثم إن القراءة من الآخر تجعلك تأخذ الأشياء بنهاياتها، مثل تلك المرأة التي تقول لزوجها وهو يقرأ رواية طويلة عريضة، ما السبب الذي يجعلك تقرأ 400 صفحة وبإمكانك أن تقرأ آخر الصفحات، لتعرف من البطل المنتصر في نهاية الرواية ومن هو الخاسر على طريقة من يشاهد الأفلام في نهاياتها.

هذه القراءة تتم على الطريقة العربية، أما القراءة على الطريقة الأجنبية فهي مثل الفرق بين الأفلام العربية والأفلام الأجنبية.

ففي الصحف الأجنبية تستمتع وأنت تقرأ الصحف في الحالتين سواء كنت من أهل السباحة مع التيار أو عكس التيار، فالصفحات الأولى تجدها دائماً سبباً لأن تضحك حتى لو كانت على الصفحة الأولى صورة السياسيين.

فالرئيس الأميركي يظهر كل يوم على الصفحات الأولى، ولكن بطريقة مختلفة عن السياسيين العرب، فهو في أفضل الأحوال يظهر في صور ساخرة تجعل الناس يضحكون أو يبتسمون في أسوأ الأحوال، ولكن الوضع مختلف مع أي رئيس عربي فمهمته هي تخويف الناس لا إضحاكهم حتى في صوره، لذلك تصبح مسألة قراءة الصحف والمجلات من الخلف مبررة ومعقولة؛ لأن الناس في الوطن العربي الجميل خائفون «خلقة» ولا يحتاجون إلى من يخوفهم في طبعة صباحية ومسائية، والناس بطبعهم في عالمنا يسيرون جنب الحيط، ويرفعون شعار «عايزين نعيش جنب الحيط».. ولكن حتى الحيط عليه صورة «الريس» فجداريات الرئيس العربي لم تترك الناس يمشون جنب الحيط؛ لأنهم أصبحو هم «الحيط» نفسه، ثم نسأل بعد ذلك لماذا نفضل آن نقرأ الصحف من الخلف؟ مثل ذلك المواطن العربي الذي وضع صورة رئيسه في جيبه وهو مهاجر إلى بلاد الغربة، وعندما سألوه ليه شايل صورة «الريس» في جيبك قال «حتى أتذكر ولا أنسى ولو للحظة فلا أعود».

 

 

شعلانيات:

.  أخلاقك الحقيقية تظهر في تعاملك مع من يعمل لديك وليس مع من تعمل لديه.

. لسنا مجبرين على تبرير المواقف لمن يُسيء الظن بنا، من يعرفنا جيداً يفهمنا جيداً، فالعين تُكذب نفسها إن أحبت، والأذنُ تُصدّق الغير إن كرهت.

.  العلاقات لا تقاس بطول العشرة، وإنما تقاس بجميل الأثر وجميل الأخلاق، فكم من معرفة قصيرة المدى لكن بجمالها أعمق وأنقى. .