محطات في تاريخ السينما السعودية

المخرج والمنتج ممدوح سالم
2 صور

للسينما السعودية تاريخ طويل، يمتد لأكثر من أربعين عامًا، ومنذ ذلك الوقت وحتى عام 2017، لم تخلُ من محاولات واجتهادات في إنتاج وإخراج أفلام سعودية سجلت لها حضورًا ومشاركات في مهرجانات خارج السعودية.
كانت، وكما يقول المخرج والمنتج ممدوح سالم، إما بدعم من دول أجنبية كفرنسا وألمانيا، أو دول خليجية؛ لعدم وجود صالات سينما محلية، وكانت حصيلة الأفلام السعودية خلال تلك السنوات، أكثر من 500 فيلم سعودي، منها: القصيرة، والوثائقية، والرسوم المتحركة، وقليل منها تحت فئة الأفلام الطويلة.
وعن بداية السينما السعودية، يقول ممدوح سالم: كان ذلك في الثلاثينات الميلادية، في أستوديوهات شركة «أرامكو» لإنتاج أفلام وثائقية تثقيفية، ومن المتداول تاريخيًا أن فيلم «الذباب» هو أول فيلم سعودي عرض عام 1948، وهو فيلم أقرب للديكو دراما، من بطولة الممثل السعودي حسن الغانم، وفي الستينات الميلادية، ظهر فيلم «تأنيب ضمير»، من بطولة الفنان حسن دردير، وتوالى بعد ذلك إنتاج الأفلام التلفزيونية والوثائقية القصيرة.
وفي السبعينات الميلادية، انتشرت دور العرض السينمائي، ووصل عددها إلى أكثر من 50 صالة عرض في المدن الرئيسية، في كل من: الرياض، جدة، الدمام، أبها، وتوقفت تلك الدور وبقرار حكومي عن عرض الأفلام بعد أحداث احتلال الحرم المكي.
ولم يخلُ ذلك التوقف من محاولات الشباب المبدعين، ومع ما توفرت لهم من أدوات في المشاركة في مهرجانات إقليمية وعربية، في ظهور أفلام سعودية نالت الإعجاب، وحاز البعض منها على جوائز مهرجانات سينمائية عالمية، بل تعدى ذلك إلى حلم الحصول على جائزة الأوسكار، ومن الأفلام السعودية التي تم ترشيحها لذلك: فيلم «وجدة» للمخرجة هيفاء المنصور، وفيلم «بركة يقابل بركة»، ولتجاوز شروط الترشيح لهذه الجائزة، المتمثلة في عرض الفيلم في بلد الفيلم نفسه، كانت هناك محاولات لاختلاق أفكار وطرق مختلفة للتحايل على هذا الشرط من القائمين على تلك الأفلام، في ظل عدم توفر صالات للعرض في السعودية، وتوصلت المخرجة هيفاء المنصور لعرض فيلم «وجدة» في عدد من السفارات الأجنبية المعتمدة في السعودية، ولمدة 7 أيام.
وهذه واحدة من أهم العراقيل التي واجهت المخرجين السعوديين، بالإضافة إلى غياب جهات رسمية يمكن أن تحتضن تلك الإبداعات رسميًا، وتسهم في تذليل العقبات التي يواجهونها، وعدم توفر الدعم المادي والمعنوي والإعلامي.
في عام 2006، كانت لنا محاولة لعرض الأفلام في السعودية، وترسيخ الثقافة السينمائية المحلية، بإقامة مهرجان جدة للعروض المرئية، الذي يعد أول مهرجان سينمائي في السعودية، وهذه لم تجد قبولاً في دورتها الأولى، وبعد محاولات تم اعتمادها، وباتت بمسمى مهرجان جدة للأفلام، واعتُبر حدثًا سنويًا يستقطب الأعمال الإبداعية المتميزة من صناع السينما الخليجية في دعم النشاط السينمائي الخليجي، وكان من الملاحظ تزايد نسبة النشاط السينمائي في السعودية، وارتفاع عدد الأفلام من 10 أفلام في بداية المهرجان إلى 50 فيلمًا سعوديًا في الدورة الرابعة للمهرجان في عام 2009، وبعد عرض فيلم «مناحي» محليًا، الذي لم يستمر سوى 3 أيام، وما صاحبه من إشكاليات، صدر قرار بمنع عرض الأفلام السينمائية من وزارة الداخلية، وتوقف بذلك مهرجان جدة للأفلام.
وبعد توقف المهرجان، تم التعاون مع «روتانا» لعرض الأفلام بشكل «متلفز»، من خلال مهرجان الفيلم السعودي، والذي استمر لدورتين، استقبل خلالهما أكثر من 150 فيلمًا، ومع وجود هذه المهرجانات، تظل الأفلام تبحث عن دور السينما، الموطن الأصلي لها.
وفي عام 2006، كانت هناك محاولة لإعادة مهرجان جدة للأفلام بمسمى جديد، وهو «مهرجان الشباب للأفلام»؛ لتقديم عروض لأفلام سعودية ذات فكر ثقافي ورؤية فنية، بالتعاون مع الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ولم يكتب لنا الاستمرار بعد قرار تحولها لهيئة عامة للرياضة، ينصبّ تركيزها على الرياضة.
والآن قرار السماح بالترخيص، أعاد الروح للسينمائيين، وأعاد الرغبة لتحريك عجلة الإنتاج والاقتصاد السعودي، إضافة لمردوده الاجتماعي والثقافي والإنساني، باعتبار أن السينما ذاكرة ومرآة للمجتمع.
وجاء الوقت للبحث عن صناعة حقيقية ومهنية، يمكن من خلالها استقطاب أفلام أجنبية وعربية للعرض في السعودية، إلى جانب الأفلام السعودية، وإنشاء معاهد لصقل المواهب السعودية، وتوفير المئات من المهنيين الشباب في مجالات عدة، على أسس ومعايير من شأنها الارتقاء بصناعة السينما السعودية.