هل الخيانة مشروعة؟

أميمة عبد العزيز زاهد

سؤال يراودني، لماذا يخون الرجل زوجته؟ فهل هناك أسباب أو ظروف ضد إرادته تدفعه دفعًا وقهرًا ليخونها؟ وهل الخيانة حالة مزاجية، أو ميل فطري للتعددية، أم استعداد موروث؟ أم أن هناك عوامل خارجية تفسر حدوثها؟ وهل هناك خيانة مقبولة أو مشروعة أو مبررة، وأخرى غير ذلك؟ بالتأكيد يختلف إحساس ومشاعر الزوجة لو سمعت أن زوجها يخونها، عن مشاهدته وهو يخونها؟ قالت لي إحدى الزوجات: أنا لا ولن أسامح زوجي أبدًا، ولن أنسى، وكيف لي أن أنسى واقعة رأتها عيناي؟ وعيناي لا تكذبان؛ فكم سمعت عن سلوكه الملتوي، ولكنني لم أكن أصدق؛ لأنه يحتمل أن يكون كذبًا أو شائعةً، ولكنني كنت أرتاب في تصرفاته؛ فهو يجيد فن الكلام، ويمتلك قدرة على تنميق حديثه، تجعلني أصدقه؛ حتى كانت الصدمة القاضية، حين تفاجأت وهو يخونني بكل جرأة في بيتي، لم يراعِ أية حرمة للمنزل، ولا لصاحبته، ولا لعشيرته، ولا لأم أبنائه، أتصدقين، لقد رأيته وسمعته، في البداية حاولت أن أخدع عقلي وأكذّب بصري؛ فلم أتمكن؛ فظننت نفسي في كابوس وسأستيقظ فزعةً من هول ما رأيت وسمعت، وبعدها حاول العديد والعديد من المرات لأعفو عنه، وبذل كل جهده لإرضائي، وأنا لا أريد أن أدمّر منزلي ولا أطفالي، وبدأت مع ذاتي رحلة مصالحة النفس؛ لأتمكن من مسامحته؛ فلم أتمكن، لقد فقدت الإحساس بالألم، حاولت أن أرسم صورة جديدة في عقلي ولم أتمكن، جاهدت أن أحيي عواطفي في أعماقي وأتذكر الماضي الجميل، ولكنني فشلت؛ فصورة خيانته في مخيلتي بكل تفاصيلها المخزية والمؤلمة؛ فلا أمل في النسيان، ولا طريق إلا بالتناسي، وبذلت الجهد الإرادي لأقنع نفسي بأنني نسيت، والحقيقة أنني لم أنسَ، ولكنني أسدلت ستارة واهية وهمية؛ فليفعل ما يشاء، لم يعد يعنيني لو تأخر أو غاب أو سافر، وكلما حدثني، ادّعى بأني أسمعه دون الدخول في مناقشه أو حوار معه؛ فكيف أسعد بوجوده وأنا لا أثق به؟ وكيف آنس بصحبته وأنا أحتقره؟ كيف أشتاق إليه وأنا أراه خائنًا؟ كيف أستمع إليه وأنا أعرف أنه كاذب؟ كنت ألتزم الصمت والصبر، وأكتفي بأن أخبره بأنه يجب أن يراعي ما تفرضه عليه أبوته؛ فأنا أعيش معه وأنا أمارس لعبة النسيان مع قلبي وعقلي مرغمةً، ومع مرور الوقت سأنسى أو أتناسى، لقد انغلق عقلي في وجهه مثلما انغلق قلبي قبله، تُرى، من قال إن كل الجراح تبرأ؟ إن منها ما يُميت، ومنها ما يستمر معنا حتى نغادر هذا الكون.

وفي النهاية، نحن لا نملك أخذَ حقوقنا كاملة، ولكن في أيدينا التكيّف مع واقعنا المرير، وترجمته لصالحنا؛ فكثير ممن صدمت مشاعرهم على صخرة الواقع، وتأثرت أعماقهم وأصابها اليأس والانكسار، يخرجون من المحيط الخانق إلى الفضاء الرحب بقوة الإيمان وكثرة الدعاء..