الزواج عصمة وحماية

أميمة عبد العزيز زاهد

نسعى بكل قوتنا لنبني حياة كريمة، حياة لا تكتمل إلا من خلال ثنائيات الكون، وأجمل ثنائي، هو المرأة والرجل؛ فالعلاقة الزوجية فيها السكن والسكينة والاستقرار والسعادة، والزواج شركة ناجحة، رأس مالها الحب والمودة، وفي نفس الوقت، هي علاقة متشابكة ومتداخلة ومركبة، فيها اعتبارات اجتماعية ونفسية مختلفة، ويشكل الطرفان خلية جديدة في المجتمع، تحتاج إلى أركان وثوابت، يقول علماء النفس، إن الإنسان تتكون شخصيته وطباعه مرتين.. الأولى على يد أمه، والثانية بعد الزواج، ويؤكدون أن الزواج الناجح ولادة ثانية، وحياة جديدة.

وفي البيوت المغلقة، هناك من يعيش في ليل حالك الظلام، ويطوي بحور ليله، ويأتي بعده ليل آخر، ولا أحد يسمع أو يعرف عنه شيئًا، بشر تعيش تحت سقف واحد وبين أربعة جدران، تمضي الحياة بهم يومًا بعد يوم، وتولد الأسرار وتظل حبيسة المكان، بعيدة عن العيون والأسماع، ولكن قد يأتي يومٌ ما، يفترق كلٌ في طريق، وتباح الأسرار، وما كان محظورًا بالأمس، يصبح مباحًا أمام الملأ، ورغم عدم إنكارنا أنه مازال ملء أسماعنا وأبصارنا وعقولنا نماذج من قصص رائعة، رأينا وسمعنا عن سعادتهم وتسامحهم وعطائهم وتضحياتهم، وكيف كان يتردد أيام آبائنا وأمهاتنا، أنه بالكلمة الطيبة كانت تستمر الحياة، ويشعر الزوجان بالهدوء والطمأنينة؛ لتسير بهما السفينة بالعطاء المتبادل، الذي يحل كل المشاكل، وتمر بنا الأيام ولا نجد أن الكلمة الطيبة قد بات لها نفس المفعول، بعد أن تخلى البعض عنها، واستبدل بها أمورًا مختلفة، والبيت الذي كان يعني السكن والأمن والدفء والحب والحنان، كلها معانٍ بدأنا نفتقدها.

إن السعادة الزوجية، ليست أمرًا مستحيلاً، ومن الممكن أن نعرف مفاتيح وأسرار هذه السعادة؛ فسر السعادة الحقيقية في الزواج، يتطلب حسن الاختيار، المبني على التكافؤ الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، ولا يتطلب الكمال، ويعتبر الحوار أساسًا متينًا لحل أية مشكلة من المشاكل التي قد تحدث في الأسرة، وغيابه يؤدي إلى الفردية في اتخاذ القرارات، الأمر الذي يتسبب في وصول المشاكل إلى منعطفات خطيرة، تكون نتيجتها تفكك الأسرة؛ فالتغاضي والتغافل والقيام بالتنازلات الضرورية، والابتعاد عن التفكير بالذات، واحترام وتفهم الطرف الآخر، وقبول الاختلافات والتعاون والتعامل بصراحة ووضوح في كل الأمور، وإظهار مشاعر الحب والاحترام والعواطف، يخلق التوازن بين جميع الأطراف، وليسعَ الطرفان معًا لاستمرار العلاقة، بمد الأيدي لتتصافح.. والقلوب لتتعانق.. والإرادة تسبقهم إلى آفاق الأمان؛ ليعيشا الحياة في أحضان السكن والمودة والرحمة والألفة، من أجل بناء حياة مشتركة، هذا هو الحب الحقيقي، الذي يكمن في القرب والتضحية والاحترام والعطاء المتبادل، وتوفير الأمن والطمأنينة، والصعاب عادةً تنهار أمام البناء القوي؛ فالزواج رباط مقدس، لا بد من احترامه وتقديره حق قدره.

في وقتنا الحالي، نحتاج إلى تكثيف التوعيات، ومساعدة كلٍ من الفتاة والفتى في سن الزواج، قبل وقت كافٍ، وقبل الإقدام على حياة زوجية جديدة، بطريقة مناسبة، وتأهيلهما وتقديم التوعية والتوجيه الصحيح عن معنى المشاركة، ومعرفة حقوق وواجبات كل طرف، وكيفية بناء علاقة زوجية ناجحة؛ لخلق جيل واعٍ، يقدس الحياة الزوجية..