في ذكرى وفاته: أنسي الحاج والحب وجهان لعملة واحدة

أنسي الحاج في شبابه
رسائل أنسي الحاج لغادة السمان
أنسي الحاج والحب وجهان لعملة واحدة
حبه الأفلاطوني لفيروز
4 صور
يتميز الشعراء بإحساسهم المرهف وعدم قدرتهم على مقاومة الجمال حينما تقع عينيهم عليه، فهم يتذوقون جماليات الحياة ويصنعون منها شعراً بديعاً يخلد مدى الحياة، شاعرنا لليوم أنسي الحاج ذاك الشاعر اللبناني الذي ما أن يرى الجمال حتى يعبر عنه بكل اندفاع وقوة، لا لشيء بل لأنه لا يستطيع امتلاك القدرة عن عدم التعبير عما يراه بكلمات تروي خلجات الروح.
إذ يحل اليوم الأحد 18 فبراير، ذكرى رحيله، والذي بدأ مسيرته الأدبية مذ كان طالباً في الثانوية العامة، حيث كان ينشر قصائده وقصصه القصيرة وأبحاثه في المجلات الأدبية. ولد أنسي لويس الحاج في 27 يوليو 1937 و أبوه الصحافي والمتّرجم "لويس الحاج" وأمه "ماري عقل"، من قيتولي، قضاء جزّين، تعلّم في مدرسة الليسه الفرنسية ثم في معهد الحكمة.
كان "الحاج" محباً للعزلة والانفراد، ودخل إلى عالم الصحافة من خلال التحاقه بجريدة الحياة، ثم جريدة النهار، إلى أن عمل كمسؤول عن الصحافة الأدبية حتى استقر في جريدة النهار، حيث حرّر الزوايا غير السياسية سنوات ثم حوّل الزاوية الأدبية اليومية إلى صفحة أدبية يومية.
رسائله لغادة السمان
نشرت غادة السمان رسائله إليها في كتاب بعنوان: "رسائل أنسى الحاج إلى غادة السمان" كشفت خلالها عما يقرب من 9 رسائل حب جمعتهما معاً. وفي مقدمتها المختصرة للرسائل تقول: «لم أكتب لأنسي أي رسالة، فقد كنا نلتقي كل يوم تقريباً في مقهى الهورس شو - الحمرا أو مقهى الدولتشي فيتا والديبلومات - الروشة أو مقهى الأنكل سام ... وهذه المقاهي انقرضت اليوم.
مقتطفات: (2/12/1963) غادة: أظن أنني كنتُ أحس بأنك منذورة لي. وكلما كنت أطالع خبراً عنك كان يتولاني شعور واضح بالغيرة والضيق والخوف. كنتُ أغار عليك من العالم. إنني أذكرك بلهجتي عندما كلمتك للمرة الأولى بالهاتف وكنتِ في دمشق. ألم تشعري بنبرات صوتي المليئة باللهفة؟ أم أنك نسبتها إلى المجاملة، أو إلى عادة كل رجل في التودد؟ على كل حال لم يكن هناك لديك أي سبب معقول لتفكري في أي شيء.
حبه الأفلاطوني لفيروز
" كتب إليها طوال سنوات، وليس عنها أو لها، ما يبدو بوضوح بأنه نابع من قلبه حقيقة إذ يقول: "بعض الأصوات سفينة وبعضها شاطئ وبعضها منارة، وصوت فيروز هو السفينة والشاطئ والمنارة، هو الشعر والموسيقى والصوت، والأكثر من الشعر والموسيقى والصوت، حتى الموسيقى تغار منه".
وكتب مرة: ".. وعندما أكتب عن فيروز أرى الموضوع يكتبني عوض أن أكتبه، ويملؤني إلى حد أضيع معه في خضم من المعاني والصور والأفكار، لا أعود أعرف كيف أبدأ ولا أعود أرغب أن أنتهي. وغالباً ما قيل عن كتاباتي عن فيروز إن فيها مبالغات، وأقسم بالله أن ما يراه البعض مبالغات ليست في الواقع غير شحنات لفظية صادقة".
قالوا عنه
وقال عنه الشاعر أدونيس: "إنه الأنقى بيننا"، وقال الشاعر عبدالمنعم رمضان عن شعره: " في شعر أنسي هاجس يصدم شعراء جدداً كثيرين بات شائعاً لديهم هذه الأيام تمجيد البراءة، براءة المعرفة. أنسي يرفض تلك البراءة، كأنها أتربة علقت بجسد من الأفضل أن يغتسل لنراه عارياً. شعر أنسي سيرينا هذا العري، ولغة شعره ليست كساءً شفافاً، ليست غيمةً، ليست وسيلةً ولا غايةً. إنّها الجسد العاري نفسه حيث عريه معرفة، وحيث معرفته عري". وأوضح الشاعر إبراهيم داود عنه أنه يعد من الآباء الشعريين مع "الماغوط وسعدي يوسف".
نتاجه الأدبي
ساهم مع يوسف الخال وأدونيس في تأسيس مجلة الشعر، وأصدر في منشوراتها ديوانه الأول "لن" وهو أول مجموعة قصائد نثر في اللغة العربية وله 6 مجموعات شعرية منها "الرأس المقطوع"، "ماضي الأيام الآتية"، "ماذا صنعت بالذهب ماذا فعلت بالوردة" وغيرها.
وترجمت مختارات من قصائده إلى عدد من اللغات الأجنبية منها الفرنسية والإنجليزية والبرتغالية والألمانية والفنلندية والأرمنية.
ونقل إلى العربية أكثر من 10 مسرحيات لشكسبير ويونسيكو ودورنمات وكامو وبريخت، ومثلتها فرق مدرسة التمثيل الحديث "مهرجانات بعلبك"، ونضال الأشقر وروجيه عساف وشكيب خوري وبرج فازليان.
وفاته
توفي يوم 18 شباط/فبراير بسرطان في الكبد غيّبه عن الدنيا بعمر 77 سنة.