أمنيات الشعراء في اليوم العالمي للشِعر

الشاعر الأردني مروان البطوش
الشاعر السعودي زكي صدير
الشاعرة سنابل قنه
الشاعر والفيلسوف الألماني نوفاليس
الشاعر الأردني إسلام سمحان
الشاعر الفرنسي ستيفان مالرمي
6 صور
من الغريب أو ربما من المصادفات السعيدة، أن يتزامن اليوم العالمي للشِعر، مع عيد الأم، ليكونا في اليوم نفسه، فتجد العالم كله يحتفل بحالتين متفردتين من الجمال، وقيمتين إنسانيتين في الوقت نفسه، لذا لا بدّ أن يكون يوم الواحد والعشرين من شهر آذار/ مارس من كل عام، يوماً يحمل في جعبته الكثير من الفرح، وتمر ساعاته ببهجة غير اعتيادية، تتميز عن الـ 364 يوماً التي نعيشها خلال العام.

وبجانب احتفال العديد من دول العالم بـ"عيد الأم"، فهي تحتفل أيضاً باليوم العالمي للشِعر، الذي يصادف اليوم نفسه من كل عام، حيث يحتفي ملايين البشر بالقصائد والنصوص التي خلدت أسماء شعرائها من جهة، ومن جهة أخرى يحتفل الشعراء أنفسهم بما قدموه للأدب وللحضارة الإنسانية ككل، فهذا الجنس الأدبي الفريد، الذي لطالما سلب أفئدة الناس منذ بدء الكلمة وأول سطر تمت كتابته في التاريخ، إذ تمكن الشعراء منذ نشأت الشِعر الأولى، من تقديم رؤى جمالية مختلفة، وعيناً ثالثة تطل على الأشياء من حولنا لم يعهدها البقية.

ولأن الشِعر كان ولا يزال وسيبقى، مكوناً رئيسياً في أي حضارة إنسانية في عالمنا، وعلى الرغم من أنه لا يحتاج إلى "أيام عالمية"، فهو يعيش بيننا وفي وجوهنا وخطواتنا، إلا أن منظمة الـ"يونيسكو" التابعة للأمم المتحدة، في محاولة منها لتعزيز القراءة والكتابة والنشر، وتدريس الشِعر في جميع أنحاء العالم، قررت في العام 1991، أن يكون يوم 21 من شهر آذار/ مارس من كل عام "يوماً عالمياً للشعر"، حيث صرحت المنظمة في ذلك الحين، أن الهدف من هذا اليوم هو "تجديد الإعتراف وإعطاء زخم للحركات الشعرية الوطنية والإقليمية والدولية".

وبمناسبة الإحتفال باليوم العالمي للشعر، عبّر عدد من الشعراء والشاعرات العرب لـ"سيدتي.نت" عن آمالهم وأمنياتهم للشِعر ولرفاقهم بالرؤى والقصيدة.

الشاعرة الأردنية سنابل قنه
وقالت الشاعرة الأردنية سنابل قنه في هذه المناسبة: " أكتب الشِعر منذ مدة لا أعرفها، هذا بحد ذاته ادعاء جريء، لكنني أحبه. الشِعر بوابة واسعة تخرجني من بشاعة هذا العالم إلى حيث أريد، هي تجربة للتعرف إلى مساحات العوالم التي صنعتني وإلى عمق مشاعري، هنا بالذات يأتي سؤال الشِعر المزمن: هل أكتب ما أشعر به وأقدم مشهدية عالمي؟ أم أنني أتمرن على الشعور من خلال اللغة؟.

وتابعت الشاعرة قنه قائلة: "أحاول بصبر وارتباك أن أجعل اللغة تكوّنني مثلما تحب، فرص الحرية المطلقة مضمونة في الشِعر. أعتقد أن جيلنا الشِعري يخوض تجربة سياسية واقتصادية واجتماعية مهمة، تساهم في جعل الشِعر مساحتنا الفردية الخاصة والجماعية المتنوعة، نحاول صناعة جسد شِعري واضح ومستقل، يقول نفسه بمعزل عن منظومات الأدب الأبوية، ولديه جذور قوية تسببت فيها مشهدية الشِعر في العالم ككل، وما قدمته الأجيال السابقة".

الشِعر حين يكون شأناً يومياً..
كثيرون قالوا في الشِعر ما قالوه، ومنهم من حاول أن يتخيل وظيفة له في حياتنا، على الرغم من أنهم التقطوا أجزاءاً مما يعنيه الشِعر للبشرية عموماً، وفي ذلك قال الشاعر الفرنسي ستيفان مالرمي: "إن مهمة الشِعر، هي تنظيف واقعنا المتخثر بالكلمات، عبر خلق مساحات من الصمت حول الأشياء".

أما الشاعر والفيلسوف والكاتب الألماني "نوفاليس"، والذي كان اسمه الحقيقي |فريدريش فرايهير فون هاردنبرج"، فحاول أن يأخذ الشِعر إلى حيز آخر، لكنه لم يبتعد كثيراً عن الفرنسي ستيفان مالرمي، فقال: "الشِعر يداوي الجراح التي يحدثها العقل".

الشاعر الأردني إسلام سمحان
أما الشاعر والإعلامي الأردني إسلام سمحان، فجمع بين الشِعر وإنسانيتنا، في إشارة منه إلى أن الحالتين لا يمكن فصلهما، فقال لـ"سيدتي.نت" في هذه المناسبة: "يمثل يوم الشِعر دعوة للمحبة والسلام في زمن الحرب والقتل، وتكمن أهمية الشِعر في المخاطبة الوجدانية المشتركة بين الناس، فالجمال عند (رامبو) مثلاً قد يتساوى مع الجنوبي البهي (أمل دنقل) في مقاربتهما للوردة، هذا شيء لا تجده قريباً إلى هذا الحد في أمور أخرى، لكن في الشِعر يتساوى الجميع فإما أن تكون إنساناً وأما أن لا تكون، كل عام ونحن إلى إنسانيتنا أقرب".

هل هذا زمن الشعر..؟
ربما أن الشِعر في عصرنا الحديث، يواجه العديد من التحديات الكبيرة، التي قد تبعده عن شأننا اليومي، فهذا العالم المريض بالحروب ورأس المال والكوارث الطبيعية، هل يستطيع النصّ الشعري واللغة الجذابة أن تواجهه..؟، هل بإمكان الشاعر أن يرد الرصاص بديوان شِعر مثلاً..؟، وهل يتمكن الشِعر من الصمود في وجه عصر السرعة والصورة الفورية والقرية الصغيرة التي نسميها عالمنا..؟.

الشاعر السعودي زكي صدير
وحاول الشاعر السعودي زكي صدير، أن يجيب عن الأسئلة السابقة، بطرحه سؤالاً آخراً مهماً فيما يخص الشِعر لـ"سيدتي.نت"، حيث قال صدير: "في زمن الحرب والخطابات الآيدلوجية الكونية العالية التي غيّبت الإنسان، وحقوقه، وأسئلته، وحقيقته، يحضرني في اليوم العالمي للشِعر سؤال دائم حول "هل مات الشِعر؟".

ويتابع الشاعر السعودي: "هذا السؤال البرغماتي الذي يبحث عن الفائدة المباشرة للشِعر، هو معطى طبيعي لانتكاسات المثقفين، ولانكسارات الشعراء لا سيما بعد خيبات الربيع العربي. إنه تساؤل ليس جديداً، لكنه يتجدد على الدوام وفق المعطيات السياسية والإنسانية التي تحاصره، والتي تنتظر تقديم أجوبة لا تحتمل الميوعة أو الخطابات الشِعرية المفصلة على مقاس الحياة النموذجية الشبيهة بالحلم للإنسان المعدم".

ويحاول صدير الإجابة عن السؤال الكبير الذي طرحه فيقول: "في رأيي الشِعر كائن لا يموت، ولا يمكنه أن يفعل، لكنه يمرض بالخطابات الآنية، لهذا ربما على الشعراء في يومهم العالمي أن يدركوا بشكل عميق أن الشِعر ليس منصة للحرب".

الشاعر الأردني مروان البطوش
أما الشاعر الأردني مروان البطوش، فكانت له أمنية واحدة في هذا اليوم، وربما تكون أقرب إلى الهمّ الذي يعيشه الشعراء هذه الأيام من كونها مجرد أمنية، فيقول البطوش لـ"سيدتي.نت": "في هذه الذكرى أتمنى أن أحيا إلى الذكرى القادمة، وقد صار عدد الشّعراء أقل من عدد القرّاء، وزاد الشِّعر. وبما أنّها تتزامن مع يوم الأم، فهذه فرصة جيدة، باعتقادي، لأطلب من أمّي أن تدعو الله بأنْ يخلّصني من رفقاء السوء الذين ما زالوا يتجادلون حول قصيدة النثر ".

ويتابع البطوش قائلاً: "في الحقيقة، كلّ ما أرجوه في هذا اليوم هو أنْ يغلق هذا الشِّعر باب غرفتهِ على نفسه بعض الوقت، ويعيد التفكير في جدّية علاقاته مع الأشخاص الذين يترددون عليه منذ زمن".