رصيد العمر

محمد فهد الحارثي

 

 

لا تعاتب نفسك على تسامحك، فأنت تسدي معروفاً لنفسك أكثر من غيرك. لا تقلق إذا ما وجدت أشخاصاً يستغلون تسامحك لتحقيق مآربهم، أرباح قصيرة وخسارة لاحقة. هناك أشخاص يحسبون أنفسهم أذكياء، بينما هم يمارسون الانتهازية ويتمادون في استغلال التسامح، هم مهزومون من الداخل، أضعف من أن يكونوا أنفسهم، وأقل من أن يواجهوا غيرهم. هم أشخاص يشوهون الصورة ويخلطون منطق الأشياء؛ ولكن في لحظة معينة يكشفهم الواقع وتحرجهم الحقائق وتكشفهم الأحداث.

تسامح. ولا يزعجك من يفسرها سذاجة أو ضعفاً. فالواثقون من أنفسهم الأكثر قدرة على التسامح. الحياة رحلة قصيرة والتسامح يجعل لها معنى. ويعطي لها بعداً أكبر. فالحياة تصبح صعبة وجافة في غياب التسامح.

مساكين الأشخاص، الذين يحرمون من نعمة التسامح. يعيشون حياتهم في معاناة مع أنفسهم ومع الآخرين. يستهلكون العمر في حسابات الانتقام وردود الفعل. وينسون أنهم يختطفون من العمر أجمل أيامه. ويضيعون طاقة الحياة في حروب ونزاعات ليس لها معنى. كم يحمل العمر من الزمن حتى يضيع في الحسابات الخاطئة؟.

لا تنزعج إذا فوجئت في أشخاص تسامحت معهم فنكروا، وأسديت لهم معروفاً فجحدوا. تعلمنا الحياة أن هؤلاء كائنات زائلة، شيء سيمضي به الزمن إلى قاع النسيان. هم بالنسبة لك كبوة صغيرة في مشوار طويل. لا تقف عندها كثيراً فهولاء مثل البثور الصغيرة، التي تشوه وجه القمر.

كن كما أنت بتسامحك وعطائك ولا تغيرك الأحداث. لا تجعل التجارب السيئة تهز قناعاتك. اجعل من كل تجربة تمرّ بها شهادة لك بأنك صاحب مبدأ، ولست من منتهزي المواقف. هؤلاء عابرون وأنت الثابت.

الحياة جميلة بامتدادها وأريحيتها. وعندما نتسامح نستطيع أن نعيشها بكل أبعادها. فالتاريخ أثبت لنا أنه حتى الحضارات، التي تسامحت مع الآخر هي التي نجحت واستمرت، بينما التي عاشت الجمود ورفضت الآخر انهارت. تسامح فالعمر نستطيع أن نعيشه مرتين بتسامحنا.

 

اليوم الثامن:

كل موقف تسامح تتخذه في حياتك

هو رصيد يضاف إلى أيام عمرك