المساحة البيضاء

محمد فهد الحارثي

 

ما زلت في تلك المساحة البيضاء أنتظر حضورك. مازلت واقفاً على لحظة لم تأتِ بعد، وعلى موعد لم يُكتب له اللقاء. تنساب الأيام وأنا أترقب إشراقة وجودك في حياتي. وأتساءل كم من الوقت يمضي، وكم من أيام العمر ترحل؛ حتى يتحقق حلم ما زلت أنتظره.

أركض في مشاوير الحياة. متكئاً على إرادة لا تلين، وأمل لا ينطفئ. وأترك هامشاً يأخذني إلى كل الأماكن، ومساحة تستوعب كل الفضاءات. وتمضي الأيام وكأنها في حالة هروب، ويبقى التفاؤل قائماً. وفي كل الحالات هناك شعور عميق أن هذا اليوم يترقب وقته، ويزاحم بقية الأيام للحضور.

منْ يراقب الساعات تخذله الدقائق، فتأتي كل دقيقة تتبع رفيقتها بتكاسل. تشعر أن هناك منْ يكبل الزمن ويعرقل انسيابيته. وتعرف ماذا تعني كلمة الانتظار، وكم هي ثقيلة في كل أشكالها. انتظاري؛ ليقيني بأن هناك منْ يستحق الانتظار؛ ولإدراكي أن القدر يمنحنا ما نستحق، وأن الحياة تحتفظ بمفاجآتها للوقت الذي تختار.

لن أيأس. وليس من عاداتي التذمر والإحباط. وأشعر بكل ثقة بأن شخصاً ما في مكان ما يردد الكلمات نفسها، ويعيش المشاعر نفسها، ويترقب اللقاء. هي أشياء لا نخطط لها، ولكنها تأتي كمثل حالات الولادة، تعلن قدومها فجأة، وتغير مسار حياتنا للأبد.

لن أجعلها قضيتي، بل هو أمل يفتح أبوابه كل يوم، ويتجدد مع كل حدث، ويسمح للخيال بأن يبحر بدون قيود. الحياة ليست القوالب والإطارات التي نراها. بل هي تحقيق للذات، وشفافية مع النفس، وخيار تفرضه، بأن تكون ما تريد. الحياة حتى وإن جافتنا في مراحل معينة، لكنها تحترم الإرادة، وتخضع لمن يقرر أن يكون.

 

اليوم الثامن:

الأشياء الجميلة لا تستعجل حضورها

والمواعيد المصيرية هي التي تأتي متأخرة..