بالتأكيد نبحث جميعنا عن كل الأسباب والمقومات التي تساعدنا على التفوق والنجاح؛ لتحقيق أحلامنا وطموحاتنا، ومن الطبيعي أن نشعر بالخوف مما هو آتٍ؛ لأنه في حكم المجهول، وأحياناً قد نحتاج هذا الخوف؛ لنتجنب تكرار الوقوع في الأخطاء التي أوصلتنا إلى الفشل، وقد يكون الخوف أحياناً محركاً يدفعنا لإتقان العمل، ولكن لو زاد إحساسنا بالخوف عن المألوف فقد تكون بداية للإصابة بأعراض التوتر، الذي يؤدي للقلق، ومن ثم للاكتئاب؛ لذا علينا مقاومة الشعور المتفاقم من الخوف وعدم الاسترسال فيه؛ حتى لا يتصور الإنسان في نفسه الضعف الذي يوصله للقلق النفسي الناتج عن الشعور بالمخاوف من المستقبل، فالشخص المكتئب والعياذ بالله هو إنسان لا يرى غير سواد يحيط بعالمه، معنوياته محبطة، فيزهد في كل شيء، ويشعر بأن الحياة لا جدوى منها، ومع مرور الوقت تعيش بداخله طاقة عدوانية شديدة موجهة لنفسه أولاً، ثم لمجتمعه، ويظل يعاني من تمزق وخلل؛ لأنه يرى نفسه مثالياً في عالم تغير فيه كل من حوله، وأن الشر تغلب على الخير، وأن المحيطين به هم أعداء؛ لأنهم سيئون، فيشعر بالرهبة والخوف من مواجهة الآخرين أو التفكير أو العمل ويهمل علاقاته الإنسانية والاجتماعية، ويصاحب ذلك عدم القدرة على التركيز والإحساس بفقدان الطاقة والحيوية، ويعزف عن المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، ولا يشعر بمتعة تجاه مباهج الحياة، أو بالأمور التي كان يستمتع بها سابقاً، وقد يصل إلى مرحلة يرفض فيها الرغبة في الحياة، فيبدأ بإسقاط عداوته وتوجيهها لنفسه، وذلك أقصى أنواع العدوانية، فيتقوقع حول ذاته، وتتفجر كل قواه التدميرية، وقد يصاحب كل ذلك فعل غير سوي وغير إنساني دون أي تحسب لما سيخسره، فيتمنى الموت في كل لحظة، ويفقد رغبته على الاستمرار في الحياة، ومهما بلغ الإنسان من اليأس إلا أن قوة إيمانه دائماً تحميه، وتبدد له كل الغيوم السوداء، فبالأمل يواجه واقعه وحاضره؛ ليواصل مشواره مؤمناً بالقدر خيره وشره، تسبقه ثقته بالله سبحانه، وأنه تعالى بجانبه، فيصبر على المكاره، فالمؤمن القوي لا يعرف القلق؛ لأن القلق لا يأتي إلا بسبب الخوف على الرزق أو من موت قريب أو خسارة مالية أو مرض عضال أو حادث أو غير ذلك من أمور الحياة، ولكن يدفعه إيمانه لمقاومة الوساوس، ولا يفسح لهواجسه مكاناً في تفكيره حتى لا تتعوده ويتعودها، فلا تطمئن القلوب، ولا تسكن الأرواح، ولا تهدأ المشاعر، ولا تستكين الأعصاب، ولا يستقر اليقين إلا بالاستعانة والاستغاثة والدعاء لرب العباد، ويتذكر دوماً أن المؤمن شأنه كله خير؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.

أنين الحياة

نحن لا نستطيع أن نمنع طيور الألم من أن تدور فوق رؤوسنا؛ ولكننا نستطيع أن نمنعها من أن تستقر بداخلها، فالإرهاق والإجهاد يؤدي إلى تكوين مواد مؤكسدة داخل الجسم ولها قدرة عالية تمتد لباقي أعضاء الجسم، وعلى العكس يقوى جهاز المناعة من خلال ممارسة العبادات فينشط بالصلاة والصوم والدعاء.