المهم كيف ترى الأشياء.. لا كما تكون!

مبارك الشعلان

 

علمني حبك أن أتصرف كالصبيان..

علمني حبك أن أرسم وجهك بالطبشور على الحيطان..

فكانت الكتابة على الحيطان رسالة راقية،

 ولكن ليس كل الكتابات كذلك.

كنت ولازلت أطارد الكتابة غير المألوفة.. واللغة غير المألوفة،

حتى لو كانت الكتابة على الجدران

فكم من فنان، وكم من مثقف لا يزال يمارس فنه وثقافته على الجدران

تقدم نائب كويتي باقتراح لتشكيل لجنة حكومية تضم في عضويتها وزارات التربية والإعلام والداخلية والصحة ووزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الشؤون الاجتماعية، لدراسة ظاهرة الكتابة على الجدران لتقصي دوافع هذا السلوك.

وأنا أتقدم باقتراح لتدويل هذه الظاهرة لتكون على طاولة الأمم المتحدة، باعتبار أن كل الأمم المتحدة وغير المتحدة تكتب على الجدران باعتبارها وسيلة، نبيلة أو غير نبيلة، للتعبير عن الرأي وأشياء أخرى.. فهي جريدة من لا جريدة له، فالطلبة في الخليج الذين يخرجون من المدرسة يكتبون رأيهم في مدرسيهم، يقابلهم أطفال مشردون في أقصى أميركا اللاتينية يكتبون عبارات غير لائقة ضد المجتمع الذي شردهم، ومثلهم متسكعون في الصين يكتبون ضد الشيوعية، وآخرون يكتبون منشورات سياسية ضد حكومة بلدهم في بلد لا تؤمن حكومته إلا بصحافة الكتابة على الجدران.

فالكتابة على الجدران تعكس حالة المجتمع بكل أشكاله وصراعاته وأمراضه النفسية، وكلماته القبيحة.

الكتابة على الجدران تعبر عن حالة كبت.. وقد تكون وسيلة لنشر إفرازات المجتمع بعيدًا عن أعين الرقيب.. مشروع سياسي أو مشروع أدبي.. أو مشروع صبياني.. فكلها مشاريع.. وكل كاتب من كتّاب الجدران لديه قناعات بحرية التعبير والرأي مثل كثير من الكتّاب الذين يشوهون صفحات الصحف والمجلات تحت ذريعة حرية النشر والتعبير.

الفرق بينهم أن كتّاب الجدران ليست لهم نقابة أو صحيفة يكتبون فيها.. لذلك تكون الجدران صحيفتهم.. شعارهم في ذلك «ظل حيطة ولا ظل جريدة».. وهذه سياسة كثير من السياسيين.. فالحائط جريدة من لا جريدة له.

وعمومًا المسألة ليست قبحًا على طول الخط.. فهناك دائمًا شيء جميل في الأشياء عندما نبحث ويكون ضالتنا الجمال والبحث عن مكامن الأشياء الجميلة.

فالصحافية اللبنانية ماريا شختورة قامت بجمع الشعارات التي شهدتها الجدران اللبنانية خلال الحرب الأهلية في كتاب، والذي صدر عن دار النهار، ويضم الكتاب صورًا لمئات الكتابات التي تختلط فيها الشعارات السياسية للقوى المتحاربة.. والنداءات الأخلاقية الفردية، والمهم أنها أوجدت عملاً جميلاً من عمل غير جميل، فالمهم كيف ترى الأشياء.. لا كما تكون.

فقد أصبحت الكتابة على الحائط في أنحاء المنزل فنًّا من فنون الديكور، مع اختيار نوع الخط ولونه ومكان كتابته، ليتناغم مع بقية الديكور بكلمات جميلة تنضح شعرًا ونثرًا وحكمة.. وتدرس في كثير من جامعات الفنون الجميلة!

فكن جميلاً.. ترى الوجود جميلاً..

وكن جميلاً تصنع من العدم جمالاً!!

 

شعلانيات:

. انتهت المصلحة.. فاختفى بعض الأصدقاء.

. إذا كان لديك عينان فلماذا ترى الناس بأذنيك؟ عامل الناس بما ترى منهم وليس بما تسمع عنهم.

. البعض أصبح يحتفظ برأيه لنفسه؛ خوفاً من فقدان من يحبّهم بسبب عقليتهم.

. أفضل طريقة لكسب الجدال هو تجنبه.