إلى صديقي

محمد فهد الحارثي

 

الأصدقاء يمنحون العمر الأبعاد الثلاثة، تصبح المساحة أكبر، والزمن أعمق، والمشاعر أصدق، هم الأصدقاء الذين يرسمون البسمة الحقيقية في حياتنا، مهما تعددت المحطات وأخذتنا المشاوير.

يمضي الزمن وتعبر الأشياء، طموحات هنا وأحلام هناك، وتبقى مساحة فارغة من الصعب أن تُملأ، نتجاهلها ونتظاهر بعدم وجودها، ولكنها تملك الصوت الأعلى والحضور الأقوى، تسأل عن الصديق وتترقب حضوره، تجعلنا نشعر بالغربة حتى لو احتشد المكان بمئات البشر.

ربما تباعدنا الأماكن، وربما تختطفنا مجريات الحياة، لكننا في لحظة نحتاج إلى أصدقائنا، نشعر بهم، نثق فيهم، نستعيد براءتنا معهم، نكون أنفسنا بكل ما فيها من مزايا وعيوب، الصداقة ليست في مفهوم الوقت الذي تقضيه بل في نوعيته.

جمال الحياة بأصدقاء أوفياء، ليس بالضرورة أن تلتقي بهم دوماً، ولكنك تشعر بالأمان لوجودهم، تسعد لحضورهم تشتاق لأجوائهم، الصداقات الحقيقية بلسم جميل، يخفف من جفاف الحياة وجديتها.

الأصدقاء ليسوا بكثرتهم ولكن بمعادنهم، نختلف ونتناقش ونتحاور مع أصدقائنا، ولكننا ندرك في قرارة أنفسنا أننا نسعد ببعض، ونحتاج لبعض، ليس لمصالح عابرة ولكن لصداقة دائمة، لمعانٍ تلامس العمق وتتجاوز السطح.

إيقاع الحياة المادي يلتهم مساحات الصداقة في المجتمع، يجعل العلاقات مبسترة وممنهجة، من يخسر صديقاً فهو يخسر عمراً، والحياة كم هي من عمر؟ تمسك بصديقك، وأعط له مساحة من التسامح والتغافل، ليس من المفروض أن نتعامل بمبدأ القاضي الذي يحاسب، ولكن بمبدأ الصاحب الذي يسامح.

الحياة جمالها بالأشخاص الذين نشاركهم اللحظة، والسعادة ليست هي في الامتلاك والثراء، بل هي في غنى النفس والشعور بالأمان، صديق حقيقي يمنحنا كل هذه المشاعر، ويجعلنا نرى الحياة بعيون التفاؤل والثقة والامتنان.

 

اليوم الثامن:

كلما حاولت أن أستعيد جزءًا من الزمن الحقيقي، هاتفت صديقاً.