كيف كان عيد الفطر قديماً في مدينة جدة؟!

جدة البلد
حارة المظلوم
صورة تعبيرية لاجتماع أهل الي في العيد
حارات جدة القديمة
العيدية كانت في ذلك الوقت مجزية عبارة عن جينهات ذهب
سور مدينة جدة القديم
7 صور

انتهى شهر رمضان المبارك، وها هو العيد يكتسي بأثواب الأطفال الجديدة، يطوف بين البيوت معلناً قدومه. وبين عيد الفطر قديماً وحديثاً أجيالاً توالت وتعاقبت حتى بات عيدنا يختلف عما كان عليه سابقاً، فلكل زمان عاداته الخاصة التي يتسم بها.
سيدتي تستضيف الإعلامي وائل باداوود المهتم بتاريخ مدينة جدة القديمة، ليطلعنا بالاستعانة بالمصادر والمراجع التاريخية وبكتاب "جدة حكاية مدينة للكاتب محمد يوسف محمد حسن طرابلسي"، على عادات عيد الفطر قديماً كيف كانت بمدينة جدة عروس البحر الأحمر.

يقول باداوود بأن هناك أهازيج يرددها الأطفال عند ثبوت رؤية هلال العيد وإطلاق المدافع إيذاناً بدخول عيد الفطر المبارك، يردد الأطفال الأغاني المؤثرة في توديع الشهر الكريم والسؤال من الله أن يعيدهم لأمثاله، وكانت هذه الليلة عند الأطفال لا تعادلها ليلة لأنهم لم تكن تغمض لهم عيناً إلا وقد وضع كل واحد من الأطفال بجانب وسادته ملابسه وجزمته الجديدة ويكون قد اغتسل قبل المنام من أجل ان يستيقظون على صلاة الصبح والعيد".

عادات عيد الفطر قديماً
كل شيء كان مختلفاً قديماً فكانت الروابط الاجتماعية أقوى مما عليه الآن يقول باداوود تالياً من كتاب "جدة حكاية مدينة " بأن مصلى العيد كان يسمى "المشهد وكان يقع " بداية خارج مدينة جدة في مسجد الملك عبدالعزيز بباب مكة ثم انتقل إلى حي " كيلو اثنين "طريق مكة بجانب عمائر الراجحي في أرض فضاء فسيحة، إذ كانوا قديماً يفدون إلى المشهد سيراً على الأقدام، وبعض الأثرياء على ظهور الخيل.
و بعد صلاة وخطبة العيد كان يعود الكل إلى بيته وتجتمع الأسرة بأكملها لتناول طعام الإفطار في أول يوم بعد رمضان، وكان يخصص اليوم الأول لمعايدة الأهل والجيران، كما أن بعضهم يذهب لتهنئة قائمقام وقائد الحامية، لذا كان يسمون اليوم الأول (عيد الحكومة والأهل) ثم توزع الأيام الثلاث الأخرى على حارات جدة، فيخصص اليوم الثاني لحارتي اليمن والبحر حيث يزور الناس بعضهم بعضاً، واليوم الثالث يزور فيه أهالي اليمن حارتي المظلوم والشام.

العيدية
يقول باداوود العيد للأطفال يتمثل في العيدية واللعب: فكان الأطفال قديماً عندما يعلن بأن هذه الليلة ليلة عيد، كانوا يجوبون الحي ليلقوا التحايا والتبريكات بقدوم العيد ولأجل أن يجمعوا العيديات، وكانت توزع حينها حلوى الليمونية واللوزية، ويتابع قولها بأن العيدية كانت في ذلك الوقت مجزية عبارة عن جينهات ذهب.
البرزة
وعن توطيد أواصر المحبة المجتمعية قديماً يقول باداوود: بأن عمدة الحي كان قديماً يقيم احتفالاً بقدوم العيد يسمى "البرزة" في أكبر ساحة كانت لديهم، في هذه الليلة كان يقوم رجال الحي برقص المزمار وتقام مأدبة عشاء كبيرة لكل من في الحي ومن ثم يلعب الأطفال بالمراجيح واللعب التي كانت موجودة في ذلك الوقت.

أين كان يتنزه أهل جدة في العيد؟!
كان أهل مدينة جدة يقضون العيد في التنزه خارج أسوار مدينة جدة القديمة ذلك ما جاء على لسان باداوود فقال: ورد في كتاب "جدة حكاية مدينة" بأنه كانت بعض الأسر في الستينات والسبعينات من القرن الماضي تخرج في الأعياد والإجازات الأسبوعية للتنزه في "غبة عشرة" وهي عبارة عن تل مرتفع يطل على البحر شمال غرب التحلية حالياً على كورنيش جدة، والغب هو المطر الغزير داكن الزرقة أو عمق البحر السحيق، وأيضاً هو شدة ارتفاع الموج وارتطامه بالصخور المرجانية على شاطئ البحر، وكان الأهالي يتغنون بهذه المنطقة.
هذا وقد بدأ الأهالي تدريجياً في تجاوز تلك المنطقة إلى ما هو أبعد للتنزه في منطقة أبحر التي لم يكن بها طرق ممهدة، وكانت أشهر المواقع بها الكوكبان ومنطقة قصر الزاهد.

الليلة اليتيمة
هنالك ليلة كانت ذات اسم رنان كثيراً في أذهان الناس قديماً هذا ما قاله باداوود عند ذكره لليلية اليتيمة، إذ هي ثاني أيام عيد الفطر المبارك، وسميت بذلك الاسم لأن الناس كانوا يغطون في نوم عميق بعد صلاة العشاء مباشرة، لأنه في اليوم الأول يبلغ السهر والتعب والإرهاق بالناس مبلغه، حيث يواصل الكثير من الأهالي السهر منذ الليلة السابقة.