إلى من أنتمي؟  من ينتمي إليّ؟ 

سلمى الجابري


تؤرقني فكرة الانتماء بعمقها وتجسدها الإنسانيّ، الفكرة التي تبعد عن النمطيّة العاطفيّة، حين تشعر بأن هذا العالم ينطفئ في عينك، لكن هنالك ضوءًا ما، يمدك بالحياة اللازمة حتى تطمئن، وذلك النور ينتمي لروحك الطيّبة.
هذه الملامح يبدو أنها ليست لي، هنالك خطأ ما، عليّ اكتشافه، إني أتجزأ، أنشطر وأتفتت، أنا لا أشبهني، عن أي انتماءٍ أتحدث!!
هذا الانعكاس الذي يبدو أنه ظلي، لا أريده أن يلاحقني أكثر، يا الله، كيف أفقده؟ كيف نبدو بلا ظلالٍ تحرسنا؟ بل كيف تبدو الفكرة دون ظلٍّ يعكس ملامحها بسوداويةٍ مثيرة! 
إن كان هنالك من أنتمي له؛ فسيكون حتمًا لوحدتي، الوحدة التي تتكفل بي وبها كشيءٍ لا يمكنه الخلاص، أو الانفكاك.
أذهب وأجيء بحيرتي؛ فأنا تغضبني الأصوات التي لا أتعرف عليها، والأخرى التي أنساها، أمَا التي أحفظها؛ فهي تؤذيني جدًا، للحد الذي أسقط فيه نحو هوة العدم رغمًا عني، صوت الصلاة الذي بداخلي يبقيني متوقدة، حاضرة للحياة، وللتصالح مع البسيطة كلها؛ فهذا الصوت الوحيد الذي أُعلن انتمائي له بملءِ الصمت.
كل هذه الأمور السابقة كانت مرتبطة بشكلٍ عميق في الفكرة الأم، فكرة الانتماء، لكن ما يهم حقًا، هل أشعر بانتمائها أنا أم لا؟ لا أعتقد أني أنتمي لأي شيءٍ منها؛ فهذا الانتماء المغلف بالحميمية الكاذبة لا أريده، يكفيني شعوري بـ اللا انتماء.
أن تعتزل الزمن والبشريّة كلها؛ حتى تنكفئ على ذاتك القلقة، هذا الأمر ملهم؛ بل عظيم، عظيمٌ للحد الذي يجردك فيه من مثاليتك، ومن كل التفاصيل التي قد تثقلك عنوة.
أن تتوحّد مع حرائق الفكرة وتنصهر بكل مزاجيتك وتطرفك، هذا لا يعني إلّا أنك قد اقتربت من اللحظة المشتهاة، تلك اللحظة التي تشبه فيها ذاتك الأولى، الذات التي لم تتدخل فيها الطبيعة، ولا سوأة العالمين.
في حالة التطابق والتشابه الذي قد نشعر به بغتةً، حينها أرواحنا هي من ستتفاجأ وليس نحن.