هل يمكن أن تعود الحياة للكتابة بالقلم؟

غابريللا بوتيني
2 صور

باتت بدائل القلم في زماننا هذا كثيرة، واقتصر حضوره على الجيوب لا الأوراق كأداةٍ للزينة لا للكتابة، حتى أن الأجيال الجديدة وللأسف تجهل معاني القلم وعظمة دوره في التأثير على تاريخ البشرية كوسيلةٍ لحفظ الفكر الإنساني، وباتت الكتابة اليوم لصالح الكومبيوتر والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، ووسائل التواصل الاجتماعي، ومن هنا جاءت فكرة إعادة إحياء القلم والتي هي فكرة الطبيب النفساني والفنان البصري أنطونيلو فريزو، وتتمثل في عرض أكبر الأعمال الأدبية على الجمهور؛ حتى يتمكن الجميع من كتابة جزء منها بالقلم، جاء ذلك في مؤتمر «إعادة الرقم.. الكتابة باليد بين التاريخ والفن وعلوم الأعصاب»، الذي برمجت له جامعة مدينة بافيا الشمالية الإيطالية، كمرحلة جديدة لمشروع هو الآن قيد الإنجاز في كثير من المدن الإيطالية لإبراز القيمة المعرفية للكتابة بالقلم، وتشجيعاً لها.
وقالت غابريالا بُتّيني، الأستاذة المحاضرة في علم النفس العصبي بجامعة بافيا: «الآن، في مقاطعة جزيرة سردينيا الإيطالية، وتحديداً في متحف كبير لمصانع الشباك لصيد سمك التن (لاتُنّارى) بمدينة استنتينو، هم بصدد استكمال كتابة نسخة من كتاب (معرفة - سمك - التن)، للكاتب الإيطالي بَكّالّي بواسطة القلم. وأما بدار علم النفس بمدينة ميلانو، فإنهم بصدد كتابة نسخة من (واحد.. لا أحد ومائة ألف)، للكاتب المسرحي لويجي بيرندالّو. وقد شرعوا بجامعة بافيا وجامعة بولونيا، وبالذات كلية الدامس للفنون، في إصدار عدة كتب تتناول (تمارين في أساليب الكتابة لدى الإنسان)، لمواجهة هيمنة الأجهزة الإلكترونية في الكتابة». وذلك وفقاً لما جاء في الشرق الأوسط.
وأضافت بوتيني «الكتابة بالقلم يمكن أن تكون أكثر إثماراً، بينما الكتابة على لوحة المفاتيح للحاسوب، مع المصحح الذاتي للأخطاء، يجعلان أخطاءنا تتلاشى في العدم، مما يعرضنا لخطر إعادتها وتكرارها؛ ذلك أن الورقة والقلم يساعداننا على التذكر». وتابعت: «إن التعلم أمر متعب، ودماغنا غالباً ما يبحث عن أقصر الطرق، وهذا ينطبق أيضاً على الكتابة بالحاسوب لدروس مسجلة في الفصل: التسجيل ييسر مهمة الطالب، بينما تتسم عملية كتابة رؤوس أقلام بالقلم بفاعلية أكثر؛ كما وأننا أثناء الكتابة بالقلم، نجد أن بصرنا موجه إلى اليد التي تقود القلم على الورقة، وذبابة (رأس) القلم هي النقطة التي يلتقي فيها الفعل الحركي والفعل البصري. وعلى العكس، فإذا كتبنا بواسطة الحاسوب فإن أيدينا تقفز على لوحة المفاتيح، أما بصرنا فموجه إلى الشاشة». وبالتالي إن هذا التباين الذي أشارت له أستاذة علم النفس العصبي، بين مسار العين الباصرة ومجرى اليد الكاتبة، يمكن أن يكون كالعقوبة أو الإعاقة بالنسبة للذاكرة، ذلك أنه يحد مما اصطلح عليه علماء طب الأعصاب بالتكامل بين الحواس المتعددة. فإذا تمكنا من أن نجمع في تجربة واحدة أكثر من محفز من أصناف مختلفة: بصري، وسمعي، وحركي، ولمسي، وشمي، فإنه سيكون بإمكاننا أن نقتصد في وقت التذكر أو استدعاء الذكريات بجودة أكثر.