«الحافة».. مقهى تاريخي يغلق أبوابه وسط استياء المغاربة

مقهى الحافة
شاي بالنعناع قي مقهى الحافة
مقهى الحافة بمدينة طنجة
مناظر مختلفة للحافة
مقهى الحافة
الصورة التي تناقلتها الصفحات المغربية
مقهى الحافة بمدينة طنجة
مناظر مختلفة للحافة
مناظر مختلفة للحافة
مناظر مختلفة للحافة
إطلالة على الطريق الشاطئية لمدينة طنجة
12 صور

أغلق المقهى التاريخي الشهير «الحافة» المتواجد بالقرب من القصر الملكي بحي «مرشان» بمدينة طنجة بالمغرب أبوابه في أوجه زبنائه، الذين يأتونه من كل مكان من داخل المدينة وخارجها، بمبرر هدم بناء عشوائي تم تشييده خارج نطاق القانون، حيث تم تنفيذ الأمر تحت إشراف السلطات المحلية بالمدينة.
انتشر الخبر الذي صدم سكان المدينة انتشاراً واسعاً بسبب غيرتهم على هذا المقهى الذي يعد معلمة بارزة في تاريخ طنجة، والذي زاره أهم الكتاب والشعراء والسياسيين من داخل المغرب وخارجه، وباعتباره واحداً من بين أجمل المقاهي التي تحتوي مناظر جذابة بفضل إطلالتها على واجهتين بحريتين وهي المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط وعلى مضيق جبل طارق.
وهزت صور عملية الهدم مواقع التواصل الاجتماعي، وتناقلتها عشرات الصفحات المغربية، الأمر الذي جعل آراء الناس تتكاثر، فقد توقع البعض أن المبنى قد تم شراؤه ليعاد ترميمه وإصلاحه، ومنهم من نشر إشاعات أخرى عن شراء المقهى من طرف مستثمر خليجي.
لكن عبدالرحمن العاقل صاحب مقهى الحافة، خرج ليوضح الأمر مع مواقع محلية يقول إن السبب الحقيقي يعود لتدخل السلطات من أجل هدم شرفة تم بناؤها لتحسين فضاء المقهى واعتبره المسؤولون بناءًا عشوائياً. وهذا ما اعتبره تعسفاً لأن هدفه من هذا الإصلاح البسيط هو تحسين صورة المقهى الذي يعتبر من أهم معالم الجذب السياحي بالمدينة، معبراً عن استيائه من هذا الموضوع، خصوصاً وأن هذا الفعل فاجأه وفاجأ زوار المقهى، لأنه نُفذ بدون إخبار أو إشعار سابق، وقد أكدت بعض المصادر القريبة من المقهى، أن المقهى سيعيد فتح أبوابه في أوجه زبنائه، بعد التعديلات التي ستنجز بالمقهى بعد هذا الهدم لكن الأمر قد يستغرق وقتاً طويلاً.

تاريخ المقهى
يعتبر المقهى التاريخي «الحافة» بمدينة طنجة، المكان الأمثل للباحثين عن الهدوء والسكينة والسلام، فإطلالته الرائعة على مضيق جبل طارق وسواحل إسبانيا، مع صوت النوارس التي تحوم حوله، وكأس الشاي الأخضر بالنعناع الذي يطلبه الزائرون لتكتمل الجلسة، جعل زوار المدينة والسياح، لا يترددون في زيارته، ولطالما كان وجهة لأهم الكتاب والشعراء والفنانين في العالم.
انشئ المقهى سنة 1921، من طرف «با محمد» هذا الرجل الذي يحكي سكان منطقة المقهى عن صبره وتفانيه من تحويله من مكان مهجور ومجمع للسكارى والمشردين، إلى مقهى عالمي بشعبية كبيرة، يرتاده أهم الشخصيات العالمية، لموقعه الإستراتيجي وجمالية الفضاء.

ويتميز المقهى بتصميمه الجميل الذي يسمح للجميع بالتمتع بمشهد البحر، فهو مُصمم على 5 مستويات رأسية، كل مستوى توجد في كراسي وطاولات صغيرة، ويمتلئ هذا الفضاء بالزوار الباحثين عن الجمال والوحي والهدوء، وفي كثير من الأحيان، يزور المقهى بعض الشباب الموسيقيين، الذين يُحضرون آلاتهم الموسيقية ليجمّلوا المكان بفنهم ويمتعوا الزوار بوصلات موسيقية رائعة، و حتى الطلاب الذين يحضرون لامتحاناتهم في جو خاص.

مقهى لرواد الفن والأدب
على مقاعد هذا المقهى البسيط، جلس أهم الأدباء والشعراء والفلاسفة والفنانين، المغاربة والعالميين، فمقهى الحافة، كان اختيار الكاتب والمترجم الأمريكي بول بولز، الذي سُحر بالمدينة وبهذا المقهى، وكان كثيراً ما يزورهما حتى قرّر أن تكون مدينة طنجة مكان إقامته، وكذلك الحال مع الفيلسوف الفرنسي المعاصر بيرنار هنري ليفي الذي اقتنى منزلاً تطل شرفاته مباشرة على مدرجات المقهى، وهناك سطّر الروائي المغربي محمد شكري أسطر روايته الشهيرة «الخبز الحافي»، حيث اجتمعت في المقهى ذكرياته مع مدينته طنجة، وذكر أنه كان يجالس هناك الروائي المغربي الطاهر بنجلون.

وقد وصل سحر هذا المكان الهادئ والبسيط أيضاً إلى قادات سياسيين وجدوا فيه المكان الأمثل للابتعاد عن البروتوكولات وحياة البذخ، والاستمتاع بزرقة الماء والبحر، كرئيس وزراء إنجلترا الأسبق وينستون تشرشل والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان.

ولا زالت لائحة الشخصيات المهمة التي زارت المقهى طويلة، لأن المكان يمدّ الرائد بطاقة حيوية، ويترك لك فسحة التأمل الجميل في جو بسيط، بعيداً عن صخب المدينة.