عندما يكون المنزوون أكثر حضوراً

مبارك الشعلان

 

نسمع ونقرأ عن حزب العدالة.. وحزب الحرية.. وحزب الفضيلة...
وحزب الكرامة والمساواة
كلها أسماء وإشارات ولافتات لمعانٍ جميلة وقيم رائعة
لكننا لم نسمع أو نقرأ عن حزب الجمال أو حزب الأفكار النبيلة..
أو حزب القيم الجميلة
فهناك حزب جميل غير معلن ولم يتم إشهاره
هو حزب الأقلية الجميلة
أو حزب الأشياء الجميلة
فهناك أشخاص يمرون في حياتنا دون أن يتركوا أثراً وهؤلاء أكثرية،
وهناك أشخاص يمرون في حياتنا ويتركون أثراً سلبياً وهؤلاء قلة،
وهناك أشخاص يمرون في حياتنا ويتركون أثراً طيباً وجميلاً وهؤلاء أقلية.
هؤلاء الأقلية...
هم أجمل ما في هذه الحياة.. بأرواحهم الرحبة وتجاربهم الإنسانية الأكثر دفئاً وتواصلهم الحميم مع كل ما هو إنساني، لذلك نجدهم أكثر تأثيراً في الآخرين؛ لأن التجارب الإنسانية الراسخة هي التي تدوم أكثر، ويكون تأثيرها في الآخرين أبلغ أثراً مما سواها، وانظروا إلى مسيرة حياتكم لتعرفوا صدق هذا التأثير، فكم من إنسان تقاطع طريقنا مع طريقه في هذه الحياة، ولكن «كم واحداً» ترك فينا أثراً طيباً وجميلاً؟ هؤلاء في واقع الحال هم أقلية، ولكنهم في واقع الإحساس هم حزب الأكثرية؛ لأنهم يملكون أثراً في قلب كل واحد منا، ويحتلون موقعاً مؤثراً في أرواح الكثيرين، على الرغم من أنهم لا يملكون صحفاً أو إذاعات أو محطات فضائية للتأثير في أرواحنا، ولكنهم يملكون مساحات شاسعة من الطيبة التي لها مفعول السحر.. فيكون صمتهم أبلغ تأثيراً من أي كلام، وانزواؤهم أكثر حضوراً من كل الحضور؛ لأن غيابهم حضور وحضور غيرهم غياب، فكم من حاضر لا نشعر بحضوره، ويكون حضوره أقرب إلى الغياب، وكم من غائب يملأ المكان بحضوره الطاغي لأن مكانه في قلوب الناس وكان حاضراً برغم غيابه الطويل.
في مقابل ذلك هناك من يملكون كل منابر التأثير في الآخرين، ولكنهم لا يتركون أثراً ولا تأثيراً؛ لأن أرواحهم فقيرة ونفوسهم ضيقة، لا تملك أن تعطي ما تفتقده هي، ففاقد الروح لا يعطيها، وفاقد الإحساس لا يعطيه، ولو وجده لكان أبخل الناس به؛ لذلك ما أحوجنا إلى أن نبحث عن عضوية في حزب الأقلية، أو نجدد اشتراكنا في هذا الحزب الجميل لأن أعضاءه أقلية في عددهم أكثرية في تواصلهم الإنساني الحميم، وهو ما تفتقده كل أكثريات العالم؛ لأنها فشلت في أن تكون بحجم أقلية مؤثرة.
شعلانيات 
الناس يحبون الماضي لأنهم كانوا شباباً.
أنت لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت ولكن سوف تجد من يساعدك على ذلك.
الفرق بين رجل السياسة ورجل الدولة: السياسي يفكر في الانتخابات المقبلة، ورجل الدولة يفكر في الأجيال المقبلة!