تذمرك الزائد على الحد.. هل يعتبر مرضًا؟

الكل يتذمر أحيانًا، رجلاً كان أم امرأة، ويشتكي من عدم سير الأمور حسب الخطط الموضوعة، وحسب الرغبات والمتطلبات، هذا أمر عادي لأن الإنسان بطبيعته يرغب في أن تجري الرياح حسب ما تشتهيه سفينته، لكن الحياة العملية ليست كذلك، والنتيجة تكون الشكوى والتذمر والتمرد على الواقع أحيانًا، هناك من الناس من لهم بال طويل وصبر جميل، وهناك من هم ضيقو الخلق وينقصهم الصبر والتروي والهدوء، وردود أفعالهم تجاه مسيرة الحياة تكون مليئة بالتذمر..

 فكيف تسير حياتهم؟ ولماذا تتهم النساء بالتذمر أكثر؟

 

 دراسة برازيلية جديدة، تنشر لأول مرة من قبل عدد من المختصين بالسلوك الإنساني والعلوم الاجتماعية في جامعة «كاسبر ليبيرو» في مدينة ساو باولو البرازيلية، أكدت أن التذمر الزائد على الحد، يعتبر مرضًا بكل ما في الكلمة من معنى، عند النساء خصوصًا، لأن حياة من يتذمرن ويشتكين من كل شيء لا تكون صحية على الإطلاق.

 

الحياة تصبح مُرة

قالت الدراسة إن الحياة الحلوة تتحول إلى مرارة، إذا كان التذمر من الأمور الرئيسية في حياة بعض النساء، لأن التذمر الدائم يعني عدم الرضا عن أي شيء في الحياة، بما في ذلك عدم الرضا عن الزوج والأولاد والوظيفة والأصدقاء والعائلة والطعام والشراب والتعلم وغيرها من الأمور.

ومن يتذمرن بشكل دائم، هن من النساء اللاتي لا يستطعن حل مشاكلهن فيصبح التذمر بمثابة متنفّس لإخراج الضعف الذاتي وعدم القدرة على مواجهة المشاكل وحلها، كما أنهن أيضًا يحولن حياة الآخرين إلى جحيم، لأن المتذمرة عادة تتذمر من أشياء تكون فيها أطراف أخرى، فقد يتحمل الآخرون توبيخًا منها أو أكثر، لكن للصبر حدودا، وقد تترتب على التذمر نتائج غير حميدة، تأتي من أناس آخرين لا يتحلون بالصبر أو لا يعطون أهمية لمن تتذمر.

 

تعاني حتمًا من مشكلة

المتذمرة من الأمور بشكل دائم، تعاني حتمًا من مشكلة لا تستطيع حلها أو أن التذمر يعتبر بالنسبة لها حلاً.. وقالت الدراسة إنه لا فائدة على الإطلاق من التذمر بعد حدوث المشاكل، وبدلاً من ذلك يجب أن يتم التفكير في الحلول، لأنه من غير الممكن لصق قطع زجاج قد تحطم، المشكلة الرئيسية للمتذمرات، بحسب الدراسة، هي الافتقار إلى قوة الإرادة، إضافة إلى عجز عن تقدير حدود المشاكل اليومية التي يتعرضن لها، وغياب القدرة الإبداعية التي تمكن الواحدة منهن من إيجاد البدائل.

المشكلة الأخرى التي تتعرض لها المتذمرة كثيرًا، هي الوحدة وغياب الأصدقاء، لأنه ما من أحد يقبل إضافة مشاكل وهموم على المشاكل التي تصيبه، في هذه الحالة، وعلى حد وصف الدراسة، فإن المتذمرة بشكل دائم، تصبح عالة على الآخرين، بمن فيهم أفراد عائلتها وأسرتها، إضافة إلى أنها تصبح مملة بالنسبة للآخرين، ورمزًا للتشاؤم، وجالبة للمشاعر السلبية التي تدخل الحزن في النفوس.. حتى إن أصدقاء المتذمرة يبعدون أنفسهم عنها لخشيتهم من أن يصبحوا هدفًا للتذمر.

 

تعيش في أوهامها

المتذمرات من كل شيء، يعشن في أوهام لا وجود لها، كل شيء بالنسبة لهن يتحول إلى مشكلة ببساطة، ومنهن من يصلن إلى مرحلة عدم إدراك مدى الضرر الذي يلحقه تذمرهن الدائم بهن وبالآخرين، وأضافت الدراسة أن المتذمرة من كل شيء تخترع أوهامها الخاصة بها التي لا يفهمها سواها، فتراها مثلاً تتذمر حتى من وردة جميلة أو طعام شهي أو ثوب جميل أو هدية حصلت عليها، وهي بكل هذا لا تهدف بتذمرها الوصول إلى الكمال؛ لأنها تتذمر حتى من الكمال ومن المثالية، إنها عالم الأوهام السلبية القاتمة.

 

عكرة المزاج

كثيرًا ما تعاني المتذمرة من مشكلة تعكر المزاج لأتفه الأسباب، بحيث لا تدع مجالاً لتحسين مزاجها ولو للحظة، فمنهن من يتذمرن، حتى وإن أعطاها زوجها وردة جميلة، فإن لم ترَ أي عيب في الوردة، فإنها تنتقد وتتذمر من الطريقة التي قدم بها الزوج الوردة إليها، ذلك لأنها عكرة المزاج دومًا، ونصحت الدراسة الأزواج بالقول: "من الأفضل عدم الرد على المتذمرة؛ لأن أي رد سيجلب المزيد من التذمر، ويتحول الموقف معها إلى دراما لها بداية، ولكن من دون نهاية، كما لا يفيد أي نقاش معها؛ لأنها تعتقد دائمًا أنها على صواب وأن الآخرين على خطأ".

 

أمراض تصيبها

أكدت الدراسة أن المتذمرة بشكل دائم من كل الأمور، قد تتعرض إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم والسكري وتصلب الشرايين، وفي النهاية الإصابة بنوبة قلبية أو جلطة دماغية، وهي بشكل يفوق الحدود تتعرض أكثر من غيرها، وبنسبة سبعين بالمائة، للإصابة بمرض الزهايمر (الخرف) في الكبر، ذلك لأنها تنسى كثيرًا، حتى إنها تنسى، بعد فترة وجيزة من التذمر، الشيء الذي تذمرت منه!

وأوضحت الدراسة أن الفحوص السريرية التي أجريت لحوالي مائتي امرأة، ممن يتذمرن ويشتكين من الأمور بشكل دائم، أثبتت إصابتهن بالهلوسة أيضًا واضطرابات في النوم والتعب والتوتر العصبي المستمر.

 

تقدم لك الدكتورة منى صواف، استشارية في الطب النفسي في جدة، سبع نصائح لتتخلصي من التذمر:

> علّمي نفسك الحد تمامًا من النظرة السلبية للأشياء، واعملي على تدريب ذاتك على ذلك.

> اعرفي أن كثرة التذمر تُنفّر الآخرين منكِ، ولها تأثير على شخصيتك كامرأة وثقتك بنفسك بالدرجة الأولى.

> لا تضعي الأمور في مقياس الأبيض والأسود.

> لتعرفي مقياس التذمر اليومي لديك، استعيني بالورقة والقلم، وسجلي الأشياء التي سببت لك التذمر في اليوم الكامل.

> استمري في تطوير التفكير الإيجابي.

> مرّني عقلك على عدم تقبل التذمر وعدم مصاحبة أشخاص لهم صفة التذمر.

> ضعي الحلول البديلة التي تساعدك على تقبل الأشياء التي تؤدي إلى التذمر.

لطة لنا للتحكم في منعها من الوصول الينا